بينهما فرق جلي ثم قيل بعد ذلك والمتجه عندي الاكتفاء بنزح ما يزيل التغير لو كان إن وجد إلى العلم به سبيل وإلا فالجميع وليس ذلك بطريق التعيين على التقديرين بل لان المقدار المطهر غير معلوم ومع بلوغ أحدهما يعلم حصوله لاشتمال كل منهما عليه انتهى والظاهر أن عند تقدير التغير إنما يقدر أقل مراتبه ولا يخفى أنه لو لم يسلم وجوب القدر المشكوك ولا الاستصحاب فالمتجه على تقدير التغير النزح حتى يزول التغير وعلى تقدير عدمه نزح ثلاثين دلوا لعدم القول بأقل منه إن أمكن حصول العلم بقدر ما يزيل التغير التقديري وكان زايدا على الثلاثين وكذا إن لم يمكن العلم به وأما إذا أمكن ولم يكن زايدا على الثلاثين فاكتفى به واعلم أنه قال المحقق في المعتبر بعد نقل القول بنزح الجميع وبنزح الأربعين ويمكن أن يقال فيه وجه ثالث وهو أن كل ما لم يقدر له منزوح لا يجب فيه نزح عملا برواية معاوية المتضمنة قول أبي عبد الله (عليه السلام) لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما يقع في البئر إلا أن ينتن ورواية ابن بزيع ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه أو طعمه وهذا يدل بالعموم فيخرج منه ما دلت عليه النصوص بمنطوقها أو فحواها ويبقى الباقي داخلا تحت هذا العموم وهذا يتم لو قلنا إن النزح للتعبد لا للتطهير أما إذا لم نقل ذلك فالأولى نزح مائها أجمع انتهى وبما ذكرنا ظهر حال ما ذكره (ره) فتأمل (ولعرق الجنب حي أما وعرف الإبل الجلالة والفيل عند ابن البراج) نسب المصنف في الذكرى القول بوجوب نزح الجميع في الأولين إلى ابن أبي البراج وفي الأخير إلى بعضهم وظاهره أنه غير ابن البراج وفي هذا الكتاب نسب الجميع إليه وبالجملة لا دليل على شئ منها والظاهر إلحاقها بما لا نص فيه إن قلنا في الأولين بالنجاسة وكأنه أيضا أدخلها فيه واعتقد فيه وجوب نزح الجميع لكن لا وجه لافراد هذه الأمور من جملته ويمكن إدخال الفيل في نحو الثور المذكور في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (ولروث وبول غير المأكول عند أبي الصلاح) نسب العلامة في المختلف هذا القول بإطلاقه كما في المتن إلى أبي الصلاح لكن في الذكرى استثنى بول الرجل والصبي وعلى أي حال لا دليل عليه إلا أن يجعله من باب ما لا نص فيه وكان معتقده فيه وجوب نزح الجميع (وكر للدابة والبغل والحمار والبقرة) قال العلامة في المنتهى إن نزح الكر في الحمار مذهب أكثر أصحابنا ونسبه المحقق في المعتبر إلى الخمسة وأتباعهم قال والمستند رواية عمرو بن سعيد عن أبي جعفر (عليه السلام) وإن ضعف سندها فالشهرة تؤيدها فإني لم اعرف من الأصحاب رادا لها في هذا الحكم والطعن فيها بطريق التسوية بنى الجمل والحمار والبغل غير لازم لان حصول التعارض في أحد الثلاثة لا يسقط استعمالها في الباقي وقد أجاب بعض الأصحاب بأنه من الجايز أن يكون الجواب وقع عن الحمار والبغل دون الجمل إلا أن هذا ضعيف لأنه يلزم منه التعمية في الجواب وهو ينافي حكمة المجيب انتهى واعترض عليه بأن في هذا الكلام نظرا لان حصول التعارض في بعض المدلول مع رجحان المعارض يوجب الحمل على إرادة خلاف الظاهر مع إمكانه وإلا فالاطراح وما تضمنته الرواية من نزح الكر وقع جوابا للسؤال عن مجموع الامرين وعبارة الجواب متحدة فكيف يمكن التأويل أو الرد في بعض وإبقاء البعض الاخر مع أن اللازم من التأويل أن يكون المجيب أراد من اللفظ الواحد ظاهره بالنظر إلى بعض ما تضمنه السؤال وخلاف ظاهره في البعض الاخر وأي تعمية أقوى من هذه فقد لزمه ما أنكره ومقتضى الاطراح أن يكون السايل توهم ما ليس بمراد ومعه كيف يبقى الوثوق في البعض الاخر وفيه نظر لان قوله (عليه السلام) كر من ماء في جواب السؤال عن الحمار والبغل والجمل بمنزلة إن في كل منها كر من ماء فيكون عاما فحينئذ يخصص الجمل من بينها بالرواية الأخرى فلا فساد فيه كيف ولو كان مثل هذا تعمية والغاز إلا نسد باب التخصيص مطلقا ويجب الحكم ببقاء الباقي لعدم دليل على إخراجه وقد يقال أنه ليس من باب العموم بل من باب التنصيص وللتأمل مجال نعم يتوجه الايراد على المحقق بأنه يمكن حمل كلام بعض الأصحاب وكان مراده الشيخ (ره) على ما ذكره بعينه وإن كان الظاهر خلافه وإذ قد عرفت هذا فاعلم إن نزح الكر للحمار مما لا إشكال فيه أما على رأينا من استحباب النزح فظاهر وأما على القول بالوجوب فلما عرفت من وجود الرواية المنجبر ضعفها بالشهرة بل بالاجماع الظاهري مع أن الشيخ (ره) في باب أوقات صلاة التهذيب أورد خبر معتمدا يدل على رفعة حال عمرو بن سعيد بل على توثيقه لكن فيه خدشة من حيث إن فيه عمر بن سعيد بن هلال دون عمرو وها هنا عمرو وأيضا في بعض نسخ التهذيب عن نقل هذه الرواية مرة ثانية عن ابن هلال كما نقلنا وحينئذ وإن سلم إن عمرو بن سعيد هو المدايني الثقة لكن ابن هلال لم نعرفه بعينه وأما للبغل والفرس والبقر ففيه إشكال وإن كان الامر في البغل أسهل بيانه إن في رواية عمرو بن سعيد والاستبصار وكذا في نسخ التهذيب عند نقلها في المرة الأولى ليس ذكر البغل لكن في بعض نسخة في المرة الثانية يوجد البغل والمحقق (ره) أورد ذكر البغل كما نقلنا وحينئذ وإن لم يوجد في الاستبصار ولا في المرة الأولى من التهذيب لكن وجوده في بعض نسخ المرة الثانية مع نقل المحقق العدل الثبت كأنه يكفي في الحكم بثبوته ولما عرفت إن الرواية تلقاها الأصحاب بالقبول فظهر انسحاب الحكم في البغل أيضا وأما الفرس والبقر فقد الحقهما الثلاثة بالحمار وقال المحقق في المعتبر ونحن نطالبهم بدليل ذلك فإن احتجوا برواية عمرو بن سعيد قلنا هي مقصورة على الجمل والحمار والبغل فمن أين يلزم في البقرة والفرس فإن قالوا هي مثلها في العظم طالبناهم بدليل التخطي إلى المماثل من أين عرفوه لا بد له من دليل ولو ساغ البناء على المماثلة في العظم لكان البقرة كالثور ولكان الجاموس كالجمل وربما كان فرس في عظم الجمل فلا تعلق إذا بهذا وشبهه ومن المقلدة من لو طالبته بدليل ذلك لادعى الاجماع لوجوده في كتب الثلاثة وهو غلط وجهالة إن لم تكن مجاهلة فالأوجه أن يجعل
(٢٢٢)