مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٢٤
في الموثق عن عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل ذبح طير فوقع بدمه في البئر فقال ينزح منها دلاء إذا كان ذكيا وما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا وأقله العصفور ينزح منها دلوا واحدا وما سوى ذلك فيما بين هذين قال المحقق في المعتبر لا يقال هذا السند فطحية لنا نقول هذا حق لكن من الثقاة مع سلامته عن المعارض ثم هذه الرواية معمول عليها بين الأصحاب عملا ظاهرا وقبول الخبر بين الأصحاب مع عدم الراد له يخرجه إلى كونه حجة فلا يعتد إذن بمخالف فيه ولو عدل إلى غيره لكان عدولا عن المجمع على الطهارة به إلى الشاذ الذي ليس بمشهور وهو باطل بخبر عمر بن حنظلة المتضمن لقوله (عليه السلام) خذ ما اجتمع عليه أصحابك واترك الشاذ الذي ليس بمشهور انتهى واعترض عليه صاحب المعالم بأن في هذا التوجيه نظرا واضحا لأنه إن كان الاجماع واقعا على مضمون الخبر كما يدل عليه قوله ولو عدل عنه إلى غيره لكان عدولا عن المجمع على الطهارة به فهو الحجة ولا حاجة إلى التكلف الذي ذكره وإن لم يتحقق الاجماع الذي ينهض بانفراده حجة لم يكف الاعتبارات التي قربها في إثبات الحكم وقد أنكر حجية مثلها في مواضع فقناعته بها ها هنا لا يخلو عن غرابة ولا يذهب عليك إن مراد المحقق (ره) من الاجماع الشهرة كما يدل عليه قوله الشاذ الذي ليس بمشهور وما ذكره صاحب المعالم من أنه حينئذ لم تكف الاعتبارات إلى آخر ما قاله غير ظاهر إذ الظاهر أن وجود الرواية الغير الصحيحة خصوصا إذا كانت من الثقات مع عدم معارض لها وشهرتها بين الأصحاب جدا مما يكفي في ثبوت الحكم وإلا لا نسد باب العمل بأخبار الآحاد إلا نادرا إذ الأخبار الصحيحة أيضا مع وجود أدنى معارض لها أو مع عدم شهرتها بين الأصحاب شهرة عظيمة مما لا يزيد على هذه الرواية في إيراث الظن وظاهر إن مناط العمل حصول الظن لا كون الراوي عدلا إماميا وإن لم يحصل الظن برواته لان إثباته مما لا سبيل إليه وما نسب إلى المحقق (ره) من إنكار حجية مثلها في مواضع أيضا مما ليس بظاهر إذ إنكاره (ره) في المواضع أما لعدم تحقق الشهرة العظيمة وأما لوجود المعارض وأما لعدم الرواية بل اكتفى بمجرد الشهرة وبالجملة إنكاره (ره) في مثل ما نحن فيه غير ظاهر نعم يمكن أن يعترض عليه بأن سلامته من المعارض غير مسلم لان صحيحة محمد بن مسلم ورواية زرارة المتضمنتين لنزح عشرين للميتة مطلقا إنما تعارضانه إلا أن يقال هذه ليست بالمعارضة المرادة ها هنا لأنهما عامتان ورواية عمار خاصة والعام يجب حمله على الخاص كما هو المعمول والمعارضة المرادة ها هنا ما لم يجب حمل أحد المتعارضين فيها على الاخر لكن الحق إن وجوب حمل العام على الخاص فيما يمكن ارتكاب مجاز في الخاص ليس مخالفته للظاهر أشد من مخالفة التخصيص ليس بظاهر مع أن فيما نحن فيه لا ظهور للخاص في وجوب نزح سبعين وبالجملة التعويل في الحكم على الشهرة بين الأصحاب وعدم ظهور أدلة من القائلين بالنجاسة وأما نحن معاشر القايلين باستحباب النزح فالامر علينا سهل بحمد الله تعالى ثم اعلم إن المشهور بين الأصحاب أنه لا فرق في ذلك بين المسلم والكافر وقال ابن إدريس بالفرق وذهب إلى وجوب نزح الجميع للكافر واحتج بأن الكافر نجس فعند ملاقاته حيا يجب نزح البئر أجمع والموت لا يطهر فلا يزول وجوب نزح الماء وذكر أنه لو تمسك بعموم الانسان لكان معارضا بما ورد أنه إذا ارتمس الجنب في البئر نزح منها سبع دلاء فإنه يشترط فيه الاسلام إذ لا يقدم أحد من الأصحاب على القول في الجنب بنزح سبع دلاء ولو كان كافرا كما اشترط ها هنا الاسلام فكذا ثمة وأيضا قد خصص الكافر من العموم بالاجماع قال المحقق في المعتبر والجواب قوله ملاقاة الكافر موجبة لنزح الماء قلنا لا نسلم قوله أجمع الأصحاب قلنا هذه دعوى مجرده بل نحن نقول إنا لم نقف على فتوى بذلك فكيف يدعى الاجماع ولو قال ذكر الشيخ ذلك في المبسوط قلنا قوله في المبسوط ليس دليلا بمجرده فضلا أن يدعى به الاجماع ثم الشيخ لم يجزم بذلك لأنه يقول ما لم يرد فيه مقدر منصوص يجب منه نزح الماء احتياطا وإن قلنا بجواز أربعين دلوا للخبر كان سايغا غير أن الأحوط الأول والشيخ إنما صار إلى الاحتياط استظهارا لا قطعا ثم أنه علل إيجاب نزح الماء في الكافر لأنه لا دليل على مقدر ونحن نقول الدليل موجود لان لفظ الانسان إذا كان متناولا للكافر والمسلم جرى مجرى النطق بهما فإذا وجب في موته سبعون لم يجب في مباشرته أكثر لان الموت يتضمن المباشرة فيعلم نفي ما زاد من مفهوم النص وهذا كما نقول في الجواب عن الخنزير إذا وقع وخرج حيا فإنه لا يجب له أكثر من أربعين وإن كان لم يرد على عينه نص بل فحواه دل على ذلك فالشيخ (ره) لم يصر إلى إيجاب الكل إلا لتوهمه إن النص لا يدل بمفهومه على نفي ما زاد عن سبعين ولو قال سلمنا للعموم لكنه مخصوص قلنا تخصيص العموم بالاحتياط غير جايز وإنما يخص بالدليل القاطع أما الاحتياط فليس من مخصصات العموم في شئ لأنه إنما يصار إليه عند عدم الدليل والعموم دليل فيسقط الاحتياط معه وكذا المطلق دليل فلا يعتبر معه الاحتياط ومعارضته بالجنب غير واردة لأنا نجيب من وجوه أحدها إن الارتماس من الجنابة أنما يراد الطهارة فيكون ذلك قرينة دالة على من له عناية بالطهارة وهو المسلم ولهذا قال الشيخ في المبسوط ينزح منها سبعة دلاء ولم يطهر الثاني أن نقول أما أن يكون ها هنا دليل يمنع من تنزيل خبر الجنب على الكافر والمسلم وأما أن لا يكون فإن كان فالامتناع إنما هو لذلك الدليل وإن لم يكن قلنا بموجبه سواء كان مسلما أو كافرا فإنا لم نره زاد على الاستبعاد شيئا والاستبعاد ليس حجة في بطلان المستبعد الوجه الثالث إن مقتضى الدليل العمل بالعموم في الموضعين وامتناعنا من استعمال أحد العمومين في العموم لا يلزم منه إطراح العموم الاخر لأنا نتوهم لاحد العمومين مخصصا فالتوقف عنه إنما هو لهذا الوهم فإن صح وإلا قلنا به مطلقا فالالزام غير وارد ثم هذا ليس بنقض على مسئلتنا بل نقض على
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336