مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢١٤
فإن كان الكلام في الانفعال فالظاهر خلافه وإن كان في تطهير الأرض ونحوهما فما ذكره قوى لا بالنظر إلى هاتين الروايتين بل بالنظر إلى صحيحة على المتضمنة للجريان لكن قد عرفت ما فيها من الكلام وإن كان في تطهيره الماء فكذلك أيضا ما ذكره قوي نظر إلى سبق منا لا بالنظر إلى الروايتين و قد عرفت إن الروايتين كما لا تدلان على رد المشهور من طهر الماء بالتقاطر لا تدلان على طهره بجريان الميزاب أيضا فالعمدة في التمسك الاجماع ظاهرا إذ المخالف للمشهور في هذا الحكم الشيخ (ره) وهو أيضا قايل في هذه الصورة كما هو الظاهر هذا وخلاصته ما ظهر من الأبحاث أن الظاهر عدم انفعال ماء المطر من النجاسة وإن لم يصل حد التقاطر لكن الأولى رعاية التقاطر وكذا الظاهر تطهيره الأرض النجسة حال جريانها أو أكثريتها على النجاسة ولا يشترط الجريان إليه من الميزاب ولا يبعد القول بتطهيره إياها عند التقاطر أيضا وإن لم يصل حد الجريان وأما ما عدا الأرض سوى الماء فلا يبعد أيضا القول بتطهيرها حال الجريان أو أكثريته على النجاسة وفي حال التقاطر بدونهما لا يخلو من إشكال وأما الماء ففي تطهيره في جميع الحالات إشكال سوى ما إذا جرى عليه من الميزاب واختلط به للاجماع فيه ظاهرا والله أعلم بحقايق أحكامه فرع هل يتقوى الماء القليل الطاهر بماء المطر حال التقاطر ويمنعه من الانفعال بالملاقاة الظاهر التقوى لعدم عموم انفعال القليل مع أن الظاهر أنه المشهور بين الأصحاب ولو كان جاريا عليه من ميزاب ونحوه فالتقوى ظاهر واعلم إن العلامة (ره) مع اشتراط الكرية في الجاري حكم بأن ماء الغيث حال تقاطره كالجاري وإلا فكالواقف وأورد عليه أن الفرق بين الجاري والواقف إنما يظهر عند عدم اشتراط الكرية في الجاري كما هو رأي غيره وأما على رأيه فلا فرق إلا أن يفرق بينهما باعتبار أنه لا يعتبر في الكر من الجاري مساواة السطوح وأيضا يقول فيه بتقوى الاعلى بالأسفل وكذا يحكم في حال النجاسة بطهره بالتدافع والتكاثر وإن لم يكن الماء الطاهر المدافع قدر كر كما مر سابقا من احتمال أن يكون مختاره (ره) هذه الأمور في الجاري بخلاف الواقف ولا يذهب عليك إن الظاهر من كلامه (ره) اشتراط الكرية في ماء المطر وقد يقال أنه يمكن أن يكون مراده أنه كالجاري إذا أن كرا وأورد عليه حينئذ أنه ما الفرق بين الجاري وماء المطر حيث يعتبر فيه الكرية دونه واعتذر عنه بأن أدلة انفعال القليل لا معارض لها في الجاري يصلح للمعارضة بخلاف ماء المطر لمعارضة الروايات السابقة فيه فإن قلت بين هذه الروايات وروايات انفعال القليل عموم من وجه فلم تخصص هذه دون تلك قلت لتأييدها بالأصل هذا وقد بقي في المقام شئ وهو أن روايتي الميزاب المتقدمتين قد يستشكل فيهما من حيث أن ميزاب البول إن سلم عدم تغييره الميزاب الماء فلا أقل من عدم استهلاكه بميزاب الماء فكيف يحكم بطهارة الماء المختلط منهما إلا أن يقال ليس المراد باختلاطهما اختلاطهما بتمامهما بل اختلاطهما بترشح ماء أحد الميزابين إلى الاخر وحينئذ بمجرد ترشح ميزاب البول إلى ميزاب الماء لا ينجس ذلك الماء لعدم التغير فإذا أصاب الثوب لم يكن به بأس إذا الماء لم ينجس وجزء البول لم يعلم إصابته وأيضا قد استهلك في الماء الطاهر فصار طاهرا لكن لا يخفى أن هذا الحمل بعيدا ويقال أن البول يطهر باختلاط ماء المطر وإن لم يستهلك وفيه أيضا إشكال أو يرد الروايتان لعدم صحة سندهما وإنما علمه عند الله وأهله (وليس للجرية حكم بانفرادها مع التواصل) المراد بالجرية الدفعة من الماء الجاري بين حافتي النهر عند جريانه على سطح منحدر هكذا فسره المحقق الثاني (ره) في شرح القواعد والظاهر أن قيد الانحدار ليس بمعتبر ها هنا كما سيظهر واعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا في أن الماء الجاري لا يعتبر جريانه على حدة وعليه أكثر الجمهور أيضا وقال الشافعي إذا كانت النجاسة تجري مع الماء فما فوقها وما تحتها طاهران وأما الجرية التي فيها النجاسة فحكمها كالراكد فإن كان أقل من قلتين نجست وإلا فلا وإن كانت النجاسة واقفة والماء يجري عليها فلكل جرية حكم نفسها فإن كانت أقل من قلتين نجست وإلا فلا هكذا ذكر في المنتهى وقال مراده بالجرية القدر الذي بين حافتي النهر عرضا عن يمين النجاسة وشمالها ومن ها هنا ظهر إن الانحدار ليس بمعتبر ونسب هذا الخلاف في المعتبر إلى بعض الحنابلة أيضا وألحق ما ذهب إليه الأصحاب للتواصل المقتضي للوحدة وعدم مستند ظاهر في خلافه سيما مع إجماعنا عليه قال المصنف (ره) في الذكرى ويلزم تنجس الجرية المارة على النجاسة في الجهات الأربع نجاسة جدول طوله فراسخ بغير تغير وهو ظاهر البطلان انتهى وفيه نظر لأنه لا يخلو أما أن تكون النجاسة تجري مع الماء أو تكون واقفة تجري عليها الماء فعلى الأول كل جرية فيها النجاسة نجسة دون ما فوقها وما تحتها فلا يلزم نجاسته جميع الجدول وهو ظاهر وعلى الثاني فإن كان كل جرية تمر على النجاسة تصير نجسة لكن يمكن أن يكون بعد التجاوز عنها تصير طاهرة بملاقاتها للكثير الذي بعد النجاسة إذ الجدول الذي فرضه لا بد أن يكون ما تحته النجاسة فيه كرا وإن فرض عدم كريته فلا استبعاد في نجاسته إلا أن يكون القايل بهذا القول لم يقل بكفاية الاتصال في التطهير أو يقول به لكن بشرط المساواة أو علو المطر فيكون الزاما عليه فإن قلت يمكن أن يكون مراده بالجدول الذي طوله فراسخ جدولا يكون طوله إلى عرض الجدول الذي فيه النجاسة ويكون متصلا به فحينئذ طول ذلك الجدول يصير بمنزلة عرض الجدول الثاني فلو وقع نجاسة في هذا الجدول في الموضع الذي يتصل به الجدول الأول فطول ذلك الجدول كله محسوب في الجرية التي فيها النجاسة لصدق التعريف عليه فيلزم أن يكون نجسا وهو باطل قلت هذا الجدول الطويل أما أن يكون ماؤه بقدر
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336