فإن لم يكن متغيرا فيكفي الشيوع وإن كان متغيرا فيجب أن يزول التغير بشيوعه بشرط أن لا يتغير ماء الكر أو يزيد على الكر بقدر الاجزاء المتغيرة وإذ قد عرفت هذا فيمكن أن يكون اكتفاء المصنف في الذكرى بالاتصال بناء على عدم اعتبار استواء السطح ويمكن أن يكون مراده بالاتصال الدفعة وقد حمل الشهيد الثاني الدفعة في كلام العلامة على الاتصال نظرا إلى أن القائه متفرقا بحيث يقطع بين أجزائه يوجب تعدد دفعات الالقاء ومع اتصال بعضه ببعض يصدق الدفعة وقد قيل بأنه لا حاجة إلى هذا الحمل لان كلامه في الحمام يعطي الحكم باشتراط استواء السطح وهو بعيد إذ الظاهر من كلماته كما سنذكر إن شاء الله تعالى عدم اعتباره الاستواء بل إنما يقول بتقوى الأسفل بالأعلى وتوجيه كلامه في الحمام سيجئ إن شاء الله تعالى فإن قلت فعلى هذا هل يجب حمل كلام العلامة (ره) على ما حمل عليه الشهيد الثاني (ره) أم يمكن حمله على معناه التبادر قلت لا بل يمكن حمله على المتبادر لأنه (ره) إما أن يكتفي بالاتصال في التطهير كما في بعض كتبه أم لا فإن اكتفى بالاتصال فيمكن أن يكون مراده به الاتصال الذي يحصل به الوحدة ويعتقد أنه إنما يتحقق عند استواء السطوح فعند الالتقاء تدريجا لا يحصل ذلك الاتصال وإن لم ينجس أجزاء الكر لتقويها بالأعلى لا يقال أن الحكم بتقوى الأسفل بالأعلى يدل على أن الوحدة عنده يحصل بدون استواء السطوح لأنه ممنوع إذ يجوز أن يكون لأمر آخر إلا يرى إنه لم يقل بتقوى الاعلى بالأسفل ولو كان بناء الحكم على الوحدة لما كان فرق بين الصورتين ظاهرا وإن لم يكتف بالاتصال فيظهر حاله عن قريب ثم اعلم أن في بعض ما ذكر من التفصيل نظرا وهو إنه إن لم تعتبر المساواة ولا الممازجة فحينئذ لا يشترط الدفعة مطلقا ممنوع لما ذكرت آنفا نعم لو اكتفى بالاتصال مطلقا لكان الظاهر ما ذكر وأيضا أن في صورة اعتبار الممازجة يكفي دخول الماء فيه بقدر أن يحصل الامتزاج ولا يلزم دخول جميع الكر مما لا دليل عليه لما عرفت سابقا من أن النص في باب التطهير مفقود سوى ما ذكروا لأصل بقاء النجاسة حتى يثبت مزيلها وغاية ما ثبت الاجماع على التطهير بالقاء الكر دفعة ولا ظاهر منه وجوب دخول جميع أجزاء الكر والحاصل أن الاجماع في غير صورة دخول جميع الأجزاء ممنوع والقائلون باعتبار الممازجة لا يعلم أنهم يكتفون بممازجة بعض أجزاء الكر أو يعتبر ممازجة جميعه بل الظاهر من كلماتهم اشتراط ورود جميع الكر عليه فالقول بالاكتفاء بممازجة البعض مما لا دليل عليه فيجب أن يحكم بنجاسة الماء بناء على الاستصحاب حتى يعلم المزيل إلا أن يقال على نحو ما ذكرنا سابقا أن المتمسك في النجاسة هو الشهرة وليست هاهنا وقد حصل الشك في التكليف فلا يجب الزايد على القدر المتيقن وحينئذ ينهدم بنيان اعتبار الامتزاج وأيضا ما ذكره من أن عند عدم اعتبار استواء السطح وعدم الاكتفاء بالاتصال لا حاجة إلى الدفعة بل يكفي شيوعه فيه ممنوع بعين ما ذكرنا آنفا والقول بعدم تعقل الفرق حينئذ بين الدفعة واللادفعة غير محصل إذ العقل لا سبيل له إلى هذه الأمور مع أن الفرق أيضا حاصل بالقوة وكمال الاستيلاء وعدمهما ومقتضى الاحتياط أن يعتبر الدفعة مطلقا وأن يدخل جميع أجزاء الكر في النجس الثالث أنهم ذكروا إن في صورة التغير يجب إلقاء كر يزيل تغيره وظاهر هذا الكلام أن زوال التغير بإلقاء الكر يكفي في التطهير وإن تغير بعض الكر في ابتداء الوصول لكن الظاهر أن ليس مرادهم هذا بل لا بد من أن لا يتغير أجزاء هذا الكر أو تكون أجزائه زايدة على الكر بقدر المتغير والحاصل أنه يشترط بقاء كر بعد تغير بعض أجزاءه كما ذكرنا في التفصيل واعلم أيضا أنه يظهر من التفصيل السابق أنه لا بد في صورة اعتبار الممازجة وكذا في صورة التغير أن لا ينفصل أجزاء هذا الكر الملقي بعضها عن بعض وإلا ينفعل بالنجاسة وحينئذ حصول الظن أو العلم به متعذرا أو متعسر جدا على أن في صورة اعتبار مساواة السطح لا يبعد ادعاء الخروج عن المساواة بعد الامتزاج فيشكل حينئذ التطهير إلا أن يقال الاجماع منعقد على التطهير به وبعد انعقاد الاجماع لا مجال للاشكال وبالجملة في كل صورة ينعقد الاجماع بالتطهير يجب القول به وإن كان يجري فيه الاشكال إذ الاجماع مخصص للحكم وأما إذا لم يكن إجماع فللاشكال مجال وهذا أيضا مما يؤيد اعتبار الدفعة فتدبر الرابع أن ما ذكروا من وجوب إلقاء كر آخر إن لم يزل التغير بالأول إنما هو على تقدير أن لا يتميز كر طاهر غير متغير عن النجس إذ لو بقي فيكفي حينئذ في تطهير النجس التموج حتى يزول التغير بشيوع أجزاء الكر الطاهر فيه على اعتبار الامتزاج أو يزول التغير مع الاتصال به على عدمه كما سيجئ في تنجس بعض الكثير الواقف إن شاء الله تعالى الخامس أنه على القول بكفاية الاتصال هل يكفي الاتصال بأي وجه كان أو لابد من مساواة المطهر أو علوه يعلم من كلام بعضهم كالشهيد الثاني (ره) اشترط أحد الامرين بل يفهم ميله إلى اشتراط الأخير فقط وقد مر آنفا إنه يمكن أن يكون ميل العلامة إلى الاتصال بطريق المساواة والله أعلم (وكذا تطهر بالجاري) الظاهر أن تطهيره بالجاري في الجملة مما لا خلاف فيه نعم على القول باعتبار الامتزاج يشترط شيوع الجاري فيه وعلى القول بعدمه لا يشترط بل يكفي الاتصال وعلى تقدير الاكتفاء بالاتصال الكلام في اشتراط أحد الامرين من المساواة والعلو على قياس ما مر آنفا ومما يتعلق بهذا المقام تحقيق الكلام في موضعين الأول فيما إذا نبع الماء من تحت النجس لان كلامهم فيه مشوش جدا والثاني فيما إذا وصل الماء من الجاري أو الكثير إلى الماء النجس بالفوارة لكن سنذكر البحث الثاني في مبحث ماء الحمام إن شاء الله تعالى ولنذكر الان ما يتعلق بالبحث الأول ونبين أولا ما هو الظاهر بحسب النظر ثم نذكر كلام القوم فالذي يقتضيه النظر أن لا يكون فرق بين النبع من تحت وبين إجرائه إليه من خارج فيكون حكمه حكمه من الاكتفاء
(١٩٣)