ببلوغ الابعاد الثلاثة عشرة أشبار ونصف ويرد على الوجهين أنه خلاف الظاهر من الرواية مع ما في الاحتمال الأول من الخلل كما مر ويحتمل أيضا أن يكون مراده أنه لا بد من كون كل أبعاده الثلاثة ثلاثة أشبار ونصفا ولا يكفي بلوغ تكسيره إلى ما بلغ تكسير ثلاثة أشبار ونصف إليه وحينئذ وجه الاستدلال بالرواية ظاهر و يحتاج في رفعه إلى أن يقال التعبير بمثل هذه العبارة فيما يكون المراد التمثيل شايع ولا يخلو من ضعف أو يقال أنه خلاف ما ذهب إليه الأصحاب أو يقال إنه يلزم عليه الخلل الثاني من الخللين المذكورين في الاحتمال الأول كما لا يخفى وبالجملة هذا المذهب أيضا مما لا يعتد به على أي وجه كان وقد يوجه مراده بأن الكر هو الذي لو تساوت أبعاده الثلاثة لكان مجموعها عشرة أشبار ونصفا وحينئذ يوافق المشهور وهو جيد لو أمكن تطبيق كلامه عليه وأما ما يفهم ميل المحقق إليه في المعتبر فهو ما يدل عليه ما رواه التهذيب في الاستبصار في البابين المتقدمتين في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الماء الذي لا ينجسه شئ قال ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته واعلم إن هذه الرواية أحسن وأوضح سندا من الروايات الواردة في باب الأشبار لكن متنها أيضا لا يخلو من إجمال إذ ليس فيها تحديد أحد الابعاد ظاهرا إلا أن يقال أن تحديد سعته بذراع وشبر يستلزم تحديد طوله أيضا بذلك إذ على تقدير نقصانه عنه لا تكون السعة سعة والزيادة لو كانت لكان الظاهر الاشعار بها إذ الاخلال يخل بمعرفة الكر عقيب السؤال عنه وهو غير لايق بالحكمة ثم بعد ذلك هل يمكن تطبيقه على أحد من الخبرين المذكورين أم لا فنقول الذراع إن كان شبرين كما في بعض الافراد فحينئذ لا ينطبق على شئ منهما بل هو أمر متوسط بينهما إذ تكسيره يبلغ ستة وثلاثين وإن كان أزيد منهما كما في البعض الاخر فيمكن أن ينطبق على المشهور وإن لم ينطبق فيقاربه جدا وعلى أي حال يكون أقرب إلى المشهور منه إلى القول الثاني فجعله مؤيدا للقول الثاني كما جعله بعض ليس بجيد وقد يكلف في جعله قريبا إلى الثاني بفرض الماء مستديرا وحمل سعته على قطرة وحينئذ يقرب إلى الثاني وظاهر المعتبر مخالف للقولين وكأنه جعل الذراع شبرين وأنه ينبغي المصير إليه لصحته وفي كل منهما نظرا ما في الأول فلما عرفت من أن الذراع قد يكون أزيد من شبرين وحينئذ يمكن تطبيقه على المشهور فلا يمكن الاستدلال به على خلافه وقد عرفت أيضا إمكان حمله على القول الثاني وأما في الثاني فلانه وإن كان صحيحا لكن عدم عمل الأصحاب بمضمونه مما يضعف التعويل عليه لسنا ندعي الاجماع حتى يقال أنه قد دفعه بقوله ولا تصغ إلى من يدعي الاجماع في محل الخلاف بل شهرة خلافه بين الأصحاب وعدم ظهور قايل به منهم و يكفينا كما هو دأبه (ره) في هذا الكتاب إلا أن يقال أن رواية الأرطال يوافقه أو يقاربه جدا أزيد من مقاربتها للآخرين أو يقال أنه (ره) إنما يعمل بالشهرة بين الأصحاب ويطرح الخبر المخالف لها وإن كان صحيحا إذا كان في طرف الشهرة رواية ظاهرة الدلالة وإن لم يكن صحيحة وهاهنا ليس كذلك بزعمه لكنه (ره) لم يقدح في دلالة رواية أبي بصير بل إنما قدح في سنده وللكلام في هذا المقام مجال واسع لان كلامه (ره) في المعتبر في بيان ضابطة العمل بالاخبار يخالف ظاهرا ما عمل به في هذا الباب وفي ساير الأبواب كما لا يخفى على من راجعه وهو أعلم بمراده وأما ما ذهب إليه ابن طاوس فلعل مستنده تعارض الروايات والظاهر أن مراده إن القدر الضروري للكر هو أقل ما في الروايات والزايد من باب الندب والفضيلة ليجمع بين الروايات ثم أنه ليس بمعلوم إن مراده بدفع النجاسة لكل ما روى دفعها بكل ما في هذه الروايات من الأرطال بقسميها والأشبار بثلاثتها والقلتين والحب والأكثر من رواية أو المراد روايات الأرطال والأشبار فإن كان الأول ففيه إشكال من حيث عدم معلومية قدر القلتين والحب والأكثر من رواية أيضا روايتا الأرطال يمكن التوفيق بينهما فحملهما على أمرين لا بد له من دليل إلا أن لا يفرق بينهما وإن كان الثاني فإن فرق بين حديثي الأرطال ففيه الاشكال السابق وإن لم يفرق فحينئذ ينحصر الامر في ألف ومأتي رطل بالعراقي أو المدني وثلاثة أشبار ونصف وما تضمنه حديث الذراعين ولا يخفى أن الأقل منها ثلاثة أشبار فرجع قوله إذن إلى القول الثاني هذا وإذ قد عرفت مأخذ الأقوال وما في هذا الباب من الروايات و الاختلاف فنقول الذي يقتضيه النظر ويرجح بحسب الدليل إن الدست لثلاثة أشبار لأنك قد علمت في بحث نجاسة القليل بالملاقاة إنه ليس ما يدل بعمومه على المراد بل الدلايل التي يعتمد عليها بعضها مختصة بمورد خاص والبعض الاخر من الدلايل الدالة بالمفهوم له دلالة إجمالية والعمدة في تعميم نجاسة القليل بل في أصلها الشهرة العظيمة بين الأصحاب والحال أن الشهرة العظيمة في نجاسة ثلاثة أشبار مفقودة والأصل طهارة الماء حتى يعلم القذارة مع أن الرواية التي تمسك بها في المشهور ليست بصحيحة السند ورواية ثلاثة أشبار إن لم تكن صحيحة فليست بأدون كثيرا في الاعتبار منها مع أن دلالتها على نفي الكرية عما سوى ثلاثة أشبار ونصف بالمفهوم ودلالة هذه الرواية على كرية ثلاثة أشبار بالمنطوق واحتمال الحمل على الاستحباب والفضيلة احتمال ظاهر كما ذهب إليه ابن طاوس مع ما في ذلك الحمل من الجمع بين الروايات والعمل بجميعها إذ لو حمل على الوجوب يلزم إطراح بعضها ورواية الذراعين الصحيحة إن حملت على المشهور ففيه أنه لا ظهور في هذا الحمل وعلى تقدير التسليم الحمل على الاستحباب محمل ظاهر والقرينة لو سلم الظهور في الحصر الاختلاف العظيم الواقع في تحديد الكر وتأييد ثلاثة أشبار برواية الحب والأكثر من راويه والقلتين المفسر بالجبرتين إذ الظاهر أنها ليست بأكثر من ثلاثة أشبار وإن حملت على ستة وثلاثين ففيه بعد ترك الأصحاب العمل به الحمل على الفضيلة كما مر وأما روايتا الأرطال فإن كان ألف ومائتا رطل بالأرطال العراقية يوافق ثلاثة أشبار فنعم الوفاق وإن كان أزيد منها بكثير فيحمل على
(١٩٩)