مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٧٤
لو لم يكن دعوى الاجماع لأمكن الجمع بينها بحمل الروايات السابقة على الاستحباب وهذه على نفي الوجوب لكنه مانع قوي هذا وأما الاكتفاء بالوضوء كما هو ظاهر الفقيه فمستنده ما رواه أيضا مرسلا في باب غسل الجنابة قال بعد ما نقلنا عنه سابقا من رواية الحلبي وروى في حديث آخر إن كان قد رأى بللا ولم يكن بال فليتوضأ ولا يغتسل إنما ذلك من الحبايل ثم قال قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه إعادة الغسل أصل والخبر الثاني رخصة انتهى ولا يخفى أنه لضعفه بالارسال لا يعارض الروايات المتقدم اللهم إلا أن يمنع ظهورها في وجوب الغسل وقد يأول أيضا بالتأويل المذكور آنفا واعلم أن المصنف (ره) في الذكرى نقل الجزء الأخير من صحيحة محمد المنقولة عن التهذيب في أول البحث هكذا قال محمد قال أبو جعفر (عليه السلام) من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول ثم وجد بللا فليس ينقض غسله ولكن عليه الوضوء المشار إليها في الفقيه عليه وعلى هذا يسلم عن الضعف لكنه ما وجدناه في التهذيب والاستبصار بهذا الطريق وقد نقله العلامة في المنتهى على النحو الذي نقلنا أيضا وكأنه كان في نسخته هكذا أو وقع سهو في البين والله أعلم وأما الثالث وهو وجدان البلل بعد البول دون الاجتهاد فالمعروف بينهم إعادة الوضوء حينئذ خاصة واستدل عليه بالروايات المتقدمة الدالة على عدم وجوب إعادة الغسل مع البول وإعادة الوضوء وبمفهوم رواية حفص ومحمد بن مسلم وعبد الملك بن عمر والمتقدمة آنفا وباطلاق رواية ابن سنان المذكورة وقد نقل أيضا ابن إدريس الاجماع عليه وقد تعارض الروايات بما رواه الكافي في باب الاستبراء من البول في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل بال ثم توضأ وقام إلى الصلاة فوجد بللا قال لا يتوضأ إنما ذلك من الحبايل وهذه الرواية في الفقيه أيضا في باب ما ينقض الوضوء وبما رواه التهذيب في باب الاحداث في الصحيح عن حريز قال حدثني زيد الشحام وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال إن سال من ذكرك شئ من مذي أو وذي فلا تغسله ولا تقطع له صلاة ولا تنقض له الوضوء إنما ذلك بمنزلة النخامة كل شئ خرج منك بعد الوضوء فإنه من الخبايل ولا يذهب عليك إنه على قانون الجمع الترجيح مع هاتين الروايتين لأنك قد عرفت أن الروايات المتقدمة الدالة على إعادة الوضوء مع البول للمجنب لو حمل على الوجوب لابد من تخصيصها بما قبل الاستبراء للاجماع والروايات فحملها على الاستحباب أولى من أن يرتكب التخصيص فيها وفي هاتين الروايتين مع ما عرفت من أنه يمكن أن لا يكون في الاستحباب خلاف ظاهر وقس عليه الحال في رواية ابن سنان وما مفهوم الروايات المذكورة فمع إمكان المناقشة في المفهوم لا ظهور له في الوجوب فالأولى حمله على الاستحباب وإبقاء إطلاق الروايتين بحاله لكن دعوى الاجماع هاهنا أيضا مانع قوي والأولى الاخذ بما يقتضيه ثم اعلم أن الشيخ (ره) قال في التهذيب بعد نقل روايتي محمد ومعوية بن ميسرة المتقدمتين فما يتضمن هذان الحديثان من ذكر إعادة الوضوء فإنما هو على طريقة الاستحباب لأنه إذا صح بما قدمنا ذكره أن الغسل من الجنابة مجزي عن الوضوء ولم يحدث هاهنا حدث ينقض الوضوء فينبغي أن لا يجب عليه الطهارة ولا تعلق على ذمته الطهارة إلا بدليل قاطع وليس هاهنا دليل يقطع العذر ويحتمل أيضا أن يكون ما خرج منه بعد الغسل كان بولا فيجب عليه حينئذ الوضوء وإن لم يجب الغسل حسبما تضمنه الخبر انتهى وهذا بظاهره دليل على أنه لا يرى وجوب الوضوء لو وجد بلل مشتبه بعد البول وقبل الاستبراء لكنه قد صح في المبسوط بالوجوب وكأنه لما كانت الروايتان دالتين على إعادة الوضوء مطلقا فحملهما على الاستحباب في أحد نوعيه وهو ما بعد الاستبراء وحمل البلل أولا على البلل الذي لا يشتبه بالبول فلذا حمل على الاستحباب وحمله ثانيا على البلل المشتبه به فحكم بوجوب الوضوء والله أعلم ثم إن الظاهر من كلام الأصحاب أن البلل الذي يوجب إعادة الوضوء إذا خرج قبل الاستبراء إنما هو البلل المشتبه بالبول ولم يصرحوا بالمراد من الاشتباه هل هو الشك أو مجرد الاحتمال كاف والروايات مطلقة فالأولى والأحوط إعادة الوضوء باحتمال البول وكذا الحال في البلل المشتبه بالمني وأما الرابع وهو وجدان البلل بعد الاجتهاد دون البول فهو يحتمل وجهين لان أما أن يكون مع تيسر البول أو لا أما الأول فالظاهر من كلامهم وجوب إعادة الغسل حينئذ أيضا ويفهم من ظاهر الشرايع والنافع عدم الوجوب ولا يخفى إن الخلاف المنقول عن الصدوق في الصورة الثانية جريانه في هذه الصورة أظهر بالنسبة إلى عدم وجوب الغسل وأما بالنسبة إلى وجوب الوضوء فلا يعلم حاله والأول أظهر لاطلاق الروايات المتقدمة المتضمنة لإعادة الغسل بدون البول مع متابعة الأصحاب وإن كان للمناقشة مجال والاحتياط أن يضم في هذه الصورة مع الغسل وضوء أيضا خروجا عن عهدة إطلاق رواية الفقيه وكذا في الصورة الثانية وأما الثاني فالمفيد في المقنعة صرح بعدم وجوب شئ من الوضوء والغسل حينئذ وهو الظاهر من كلام الشيخ أيضا ومن الشرايع والنافع وكلام الصدوق ظاهر أيضا في عدم وجوب الغسل وأما عدم وجوب الوضوء فلا يعلم حاله من كلامه واستشكل العلامة (ره) في النهاية والمنتهى حجة القول بعدم وجوب الغسل والوضوء الروايات المتقدمة الدالة على عدم وجوب شئ لخروج البلل وإنما حملوها على عدم تيسر البول كما ذكرنا سابقا وفيه ضعف أما أولا فلعدم صحة الروايات وأما ثانيا فلعدم قرينة مخصصة بهذه الصورة والأظهر والأحوط الحكم بوجوب إعادة الغسل لاطلاق الروايات المعتبرة المتقدمة الدالة على وجوب الإعادة مع عدم البول وإن كان يمكن المناقشة بعدم الظهور في الوجوب و معارضتها بما يدل على أن اليقين لا ينقض إلا باليقين مع أنه لا إجماع هاهنا أيضا على الحكم وتمام الاحتياط أن يضم مع الغسل وضوء أيضا لما ذكرنا آنفا واعلم
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336