مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٨٠
مطلقا أما الاجماع فظاهر انتفاؤه كيف والعلامة (ره) هاهنا صرح بأن هذا الحدث الواقع في أثناء الغسل لا يوجب الوضوء ولا غسل الجنابة بل إنما جعل أثره نقض بعض الغسل ولو كان المراد الاجماع على أن له أثرا البتة فهو أيضا ممنوع لان ابن البراج وابن إدريس لا يقولان به وانعقاد الاجماع قبلهما أو بعدهما غير معلوم وأما الأدلة فإن كان المراد بها العمومات التي تدل على وجوب التوضؤ عند الاحداث الأصاغر والغسل عند الأكابر كقوله (عليه السلام) إذا خفي عنك الصوت فقد وجب الوضوء وأمثاله ففيه أنه لا يجدي هاهنا لان بعد تسليم عمومها إنما يدل على وجوب الوضوء في الاحداث الأصاغر وهو قد اعترف بعدم العمل بها فيما نحن فيه للاجماع وإن كان غيرها فلا بد من بيانه ولو قيل المراد دلالة الدليل على أن له أثرا ويكون الدليل ما ذكره العلامة من أنه ناقض للغسل بتمامه فلبعضه بطريق الأولى ففيه ما مر آنفا من منع الأولوية مع أنه حينئذ لا حاجة إلى التطويل الذي ارتكبه وأما ثانيا فنسلم أن لهذا الحدث أثرا في الجملة ولا بد له من رافع لكن لا نسلم أن رافعه ليس هو الوضوء والاجماع الذي ادعاه ممنوع في صوره النزاع والسند ظاهر والأولى أن يتمسك فيه العمومات الدالة على عدم الوضوء مع غسل الجنابة سلمنا أن رافعه ليس هو الوضوء لكن لا نسلم أنه يجب أن يكون الغسل بتمامه وما استدل به عليه من أن كل جزء علة ناقصة ولهذا لو أخل بلمعة يسيرة لم يرتفع الحدث إنما يدل على أن كل جزء علة ناقصة لرفع مجموع الحدثين وكذا الحدث الأكبر وأما كونه علة ناقصة لرفع الحدث الأصغر فلا بد له من دليل آخر فإن قيل لو سلم أن له أثرا فلا بد من اليقين برفعه للاستصحاب ولا يقين إلا بإعادة الغسل لان تمام الغسل رافع البتة وأما بعضه ففي محل الشك قلنا لا نسلم أن بعضه في محل الشك توضيحه أنه قد تحقق عندنا بناء على صحة ما ذكر أحكام من الشارع أحدها أن الحدث الأصغر مطلقا سبب لشئ ثانيها أن الوضوء لا يجوز مع غسل الجنابة ثالثها أنه يجب الغسل بعد تحقق الجنابة رابعها أن اليقين لا ينقض إلا باليقين خامسها أن العبادة يجب أن تكون متلقاة من الشارع كما هو المشهور وحينئذ نقول إذا وقع الحدث في أثناء الغسل فبحكم الخطاب الأول يجب علينا الاتيان برافعه وبحكم الخطاب الثاني نعلم أن رافعه ليس هو الوضوء البتة وبحكم الخطاب الخامس والثالث نعلم أن رافعه ليس هو الغسل بتمامه لعدم الامر به بل رافعه هو تتمة الغسل للامر بها فعند الاتيان ببقية الغسل يحصل اليقين بالرافع ويعمل بمقتضى الخطاب الرابع أيضا فإن قيل الخطاب الخامس ممنوع بل إنما هو أمر مشهور بين القوم ولا مستند له ولو سلم فلا نسلم عمومه ولو سلم فنقول لو أعيد الغسل حينئذ فلا يلزم العمل بخلاف ذلك العموم إذ غايته أنه لا يجوز الاتيان بعبادة لم تكن متلقاة من الشارع أما صريحا أو ضمنا وهاهنا إن لم تتلق من الشارع صريحا لكن قد تلقيت ضمنا لان بعد ورود الخطاب الرابع يفهم منه إذن الشارع في فعل ما يحصل به اليقين بالرفع وهو إنما يحصل بالإعادة فيكون مأذونا فيها متلقاة منه فلو أعيد لم يلزم مخالفة ذلك العموم قلنا لنا أن نمنع عموم اليقين لا ينقض إلا باليقين ولو سلم فلا نسلم أن اليقين بالرفع يحصل بتمام الغسل حينئذ إذ القدر المعلوم أن الحدث الأصغر الذي قبل الغسل يرتفع بالغسل وأما الحدث الذي في أثنائه فلا يعلم أنه يرتفع بالغسل لجواز أن لا يرتفع به بل إنما يرتفع بالبقية لان الأحكام الشرعية لا سبيل للعقل إليها فإذا احتمل أن لا يرتفع به فلا يكون الخطاب الرابع متضمنا للاذن فيه والامر به فيكون التكليف به مشكوكا وعند الشك في التكليف لا تكليف يقينا ولا ظنا فلا تكليف بالإعادة وإنما يلزم إتمام الغسل بالتكليف المتيقن وأما حديث أن بعد العلم بأن الحدث الواقع في أثناء الغسل مستلزم لاثر يحصل العلم بالتكليف يرفع ذلك الأثر والتكليف اليقيني لا بد له من البراءة اليقينية فلا بد من الإعادة حينئذ من باب المقدمة وإن لم يكن واجبة بخصوصها فقد مرت المناقشة فيه غير مرة واحتج المصنف في الذكرى على وجوب الإعادة بامتناع الوضوء في غسل الجنابة عملا بالاخبار المطلقة وامتناع خلو الحدث عن أثر هاهنا مع تأثيره بعد الكمال ولا يخفى أنه يمكن حمله على ما وجهنا به كلام المختلف لكن كان فيه دليل أن أثر الحدث في الأثناء ليس هو الحدث الأصغر إنه لا يجوز اجتماع الحدثين وهاهنا دليله إنه لا وضوء مع غسل الجنابة فلو كان أثره الحدث الأصغر لكان رافعه الوضوء فيلزم اجتماع الوضوء مع غسل الجنابة ويرد عليه حينئذ مع الايراد الثاني المذكور إنه لم يجوز أن يكون رافعه بقية الغسل ولا دليل ولا إجماع على خلافه وأيضا عدم اجتماع الوضوء مع غسل الجنابة إن كان مستنده الاجماع فممنوع في صورة النزاع وإن كان العمومات فقد يمنع شمولها لما نحن فيه وفيه كلام سيجئ ويمكن أيضا حمله على ما ذكره الشهيد الثاني لكن ظاهر قوله مع تأثيره بعد الكمال إنما يرجح الحمل الأول فتأمل حجة مختار السيد (ره) أما على عدم وجوب الإعادة فهو إن الحدث الأصغر ليس موجبا للغسل ولا لبعضه قطعا فيسقط وجوب الإعادة وأما على وجوب الوضوء فإن الحدث المتخلل لابد له من رافع وهو إما الغسل بتمامه وأما الوضوء والأول منتف لعدم بعضه فتعين الثاني وبوجه آخر الحدث الأصغر لو حصل بعد إكمال الطهارة أوجب وجب الوضوء فكذا في أثنائها ولا يجب الإعادة وإلا لكان إذا بقي من جانبه الأيسر مقدار درهم ثم أحدث وجب عليه الغسل وليس كذلك وشنعوا أيضا على القول بالاكتفاء بالأمثلة وعدم الاحتياج إلى الوضوء بأنه يلزم أن لو بقي من الغسل قدر الدرهم من جانبه الأيسر ثم تغوط أن يكتفي عن وضوئه بغسل موضع الدرهم وهو باطل و أجاب بعض القائلين بالإعادة أما عن الوجه الأول فبأنا لا نحكم بوجوب الإعادة لان الحدث الأصغر موجب للغسل بل لأنه ناقض لما تقدم من الغسل
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336