على الغسل والوضوء يرد على الأول النقص بما ذهب إليه في غسل الجنابة كما ذكرنا وعلى الثاني إنه استبعاد لا يكفي في المطلب لان أحكام الشريعة لا مجال للعقل فيها فالأولى أن يرد بما ذكرنا سابقا وقد يتخيل طرد الوجهين فيما إذا وقع الحدث الأصغر بعد الغسل وقبل الوضوء بناء على ما ذكرنا أيضا والجواب الجواب تتمة اعلم أن جميع ما ذكر إنما هو في الغسل المرتب وأما الارتماس فقد قال المصنف في الذكرى إن قلنا بسقوط الترتيب فيه حكما فإن وقع بعد ملاقاة الماء جميع البدن أوجب الوضوء لا غير وإلا فليس له أثر وإن قلنا بوجوب الترتيب الحكمي القصدي فهو كالمرتب وإن قلنا بحصوله في نفسه وفسرناه بتفسير الاستبصار أمكن انسحاب البحث فيه وأورد عليه أما أولا فأن قوله وإلا فليس له أثر ممنوع لأن الارتماس فيه أيضا تدريج والوحدة إنما هي العرفية فلو وقع الحدث بعد النية وقبل وصول الماء إلى جميع البدن لاطراد فيه الخلاف وكان نظرة إلى أن الغسل الارتماسي إنما هو عبارة عن وصول الماء إلى جميع البدن تحت الماء والولوج في الماء ليس من أفعاله بل من مقدماته والتدريج إنما هو فيه لا في الأول والحاصل أن الغسل إنما هو بعد الولوج بجميع البدن في الماء وبعد الولوج بالتمام وصول الماء إلى الجميع دفعي لا تدريج فيه فلا يؤثر الحدث لكن لا يخفى أن إثباته مشكل إذ يجوز أن يكون الغسل إنما يحصل تدريجا بارتماس عضو عضو في الماء ولو استدل على خلافه بأنه لو كان كذلك للزم أن لو أخرج العضو الذي ارتمس في الماء قبل ارتماس الجميع لصح الغسل أمكن الجواب عنه بالالتزام أولا وبمنع الملازمة ثانيا لجواز أن يكون إبقاء العضو المرتمس في الماء إلى أن يدخل الأعضاء الأخرى شرطا في صحة الغسل فلو ثبت أحد الامرين فيبنى عليه ولو لم يثبت فلو قلنا في الترتيب بالاكتفاء بالاتمام فلا إشكال هاهنا لأنه على أي تقدير يصح هذا الغسل ولا يحتاج إلى الوضوء ولو قلنا بالإعادة أو إلى الاحتياج إلى الوضوء فلا يخلو من إشكال لان بناء الإعادة والوضوء على أن الحدث يؤثر البتة ولا بد له من رافع أما الغسل بتمامه على قول أو الوضوء على آخر وحينئذ يحتمل وقوع الرافع بعده وهو الغسل فلو قيل أن اليقين لا ينقض بالشك شامل لهذه الصورة أيضا فلا بد من الإعادة أو الوضوء ولو لم يقل بشموله لها فالظاهر عدم الاحتياج إلى الإعادة والوضوء ولا يخفى أنه لو استدل على نقض الحدث المتخلل لما تقدم بما أولنا به كلام المختلف فحينئذ الظاهر عدم الاحتياج إلى الإعادة والوضوء على التقديرين معا لان النقض حينئذ مشكوك إذ هو إنما يتحقق لو كان في الأثناء وهو مشكوك لجواز كونه متقدما وعلى تقدير الشك في النقض لا حكم للحدث فيحكم بصحة الغسل وإجزائه عن الوضوء لاطلاق الأوامر وهاهنا كلام آخر وهو أنه على تقدير كون الغسل إنما يحصل دفعة بعد ولوج جميع البدن في الماء لا يظهر أيضا عدم تأثير الحدث أو وجوب الوضوء إذ يجوز أن يقع الحدث في هذا الان الذي يحصل فيه الغسل وحينئذ يشكل الامر فلا بد من تفصيل القول فيه فنقول الحدث أما دفعي أو تدريجي وعلى الأول أما أن يكون قبل أن الغسل أو بعده أو فيه وحكم الأولين ظاهر إذ على الأول لا حكم له وعلى الثاني يصح الغسل ويجب الوضوء البتة وأما الثالث ففيه إشكال نظرا إلى أن الحدث المقارن هل هو في حكم السابق أو اللاحق والظاهر أن القول فيه أيضا كالقول المذكور آنفا في حال الاشتباه وعلى الثاني أما أن يكون ابتداه قبل آن الغسل أو فيه وعلى الأول أما أن ينتهي بآن الغسل أو لا فإن كان قبل الغسل وانتهى به فلا يبعد حينئذ القول بإلحاقه بالسابق لان في آن الغسل لا تحقق له بل إنما تحقق انتهائه وفنائه فيكون سابقا في الحقيقة ويحتمل على بعد إلحاقه بالمقارن فيجري فيه ما ذكر في المقارن ولو لم ينته بل استمر بعده أيضا فحينئذ لا يتمشى القول المختار وهو ظاهر فإنما بقي الكلام في الإعادة والاكتفاء بالوضوء ولا يخفى أن الظاهر حينئذ أن في آن الغسل الحدث متحقق فيكون حكمه حكم الحدث المقارن ويستنبط حاله مما ذكر وإن كان في آن الغسل فلا يبعد حينئذ إلحاقه باللاحق لان في هذا الان لا تحقق له أصلا ويحتمل على بعد إلحاقه بالمقارن والكلام فيه كما ذكر ولا يخفى أنه لو قلنا بأن الارتماس تدريجي وابتداء الحدث في آن انتهاءه لكان القول بإلحاقه باللاحق أظهر منه في الدفعي فتأمل وأما ثانيا فإن ما ذكر أنه على تقدير الترتيب الحكمي القصدي يكون في حكم المرتب لا ظهور له إذ على ما ذكره من أن الارتماس رفعي في الواقع لا يمكن وقوع الحدث في الأثناء وإن وجب اعتقاد الترتيب وهو ظاهر إلا أن يكون نظره إلى أن وجوب اعتقاد الترتيب يستلزم وجوب اعتقاد ما يترتب عليه أيضا ومما يترتب على الترتيب إجراء الخلاف المذكور فيه وقد عرفت سابقا ضعف هذا القول فلا حاجة إلى الخوض فيما يتفرع عليه والاحتياط في الارتماس أيضا كما في الترتيب بأن يعيد و يتوضأ ويزداد فيه الاحتياط بأن لو كان الحدث في أثناء الولوج أتم الولوج ثم خرج وأولج مرة أخرى وتوضأ حذرا عن إبطال العمل (وفي وجوب ثمن الماء على الزوج نظر نعم يجب تمكينها منه) سنضم إن ساعدنا التوفيق إن شاء الله تعالى كتاب النكاح إلى المتن ونشرح هذه المسألة أيضا فيه والله الموفق (ولو قام على مكان نجس غسل ما نجس ثم أفاض عليه الماء للغسل ولا يجزي غسل النجاسة عن رفع الحدث على الأصح) قال الشيخ في المبسوط وإن كان على يده نجاسة أزالها ثم اغتسل فإن خالف واغتسل أولا فقد ارتفع حدث الجنابة وعليه أن يزيل النجاسة إن كانت لم تزل بالغسل وإن زالت بالاغتسال فقد أجزائه غسلها وهذا يدل على أن طهارة المحل ليست شرطا في الغسل وعلى أن الغسل الواحد يجزي عن رفع الحدث والخبث معا وما ذكره هو الظاهر أما الأول فلان الامر بالاغتسال مطلق والتقييد بطهارة المحل خلاف الظاهر نعم لابد من وصول الماء إلى البشرة فيجب أن لا يكون للنجاسة عين مانع من الوصول فأما إذا لم يكن لها عين أو مكان ولم يكن مانعا فلا دليل على بطلانه وإن لم يطهر بصب الماء للغسل كما إذا كان لها غين غير مانع ولم يزل أو لم يكن لها عين لكن لابد في تطهيرها من الصب مرتين مثلا والظاهر أن مراد الشيخ من عدم زوالها بالغسل ما ذكرنا
(١٨٢)