الغسل ضعيفا سيما إذا كان العضو الذي اكتفى فيه بالمسح قليلا ويؤيده أيضا روايتا سماعة وزرارة المتقدمتان في بحث الترتيب المتضمنتان للأكف وكذا قصة اغتسال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع زوجته إذ الظاهر أن هذا القدر من الماء لا يجري على جميع البدن سيما بدن المرأة لمكان الشعور وكذا يؤيده ما روى أنه عند نسيان شئ من الأعضاء يمسح عليه وسنذكر إن شاء الله تعالى عن قريب ولو انضم إلى ذلك الضرورة وعوز الماء فالجواز أشد ظهور التأييد ما سبق كله حينئذ بما رواه التهذيب في باب زيادات باب المياه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع أيغتسل منه الجنابة أو يتوضأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مد للوضوء وهو متفرق فكيف يصنع وهو يتخوف أن يكون السباع قد شربت منه فقال إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه وكفا عن أمامه وكفا عن يمينه وكفا عن شماله فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم يمسح جلده بيده فإن ذلك يجزيه وإن كان الوضوء غسل وجهه ومسح يده على ذراعيه ورأسه ورجليه وإن كان الماء متفرقا فقدر أن يجمعه وإلا اغتسل من هذا وهذا فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغسل ويرجع الماء فيه فإن ذلك يجزيه وقد روى أيضا في زيادات باب الأغسال عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يصيب الماء في الساقية أو مستنقعا فيتخوف أن يكون السباع قد شربت منها يغتسل منه ويتوضأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مد للوضوء وهو متفرق كيف يصنع قال إذا كان كفه نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة ولينضحه خلفه وعن أمامه وعن يمينه وعن يساره فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده فإن ذلك يجزيه إن شاء الله تعالى هذا وقد ذهب المفيد إلى جواز المسح عند الضرورة وقد نقلنا كلامه في بحث جواز كون غسل الوضوء كالدهن مع الجريان وتكلمنا عليه فليراجع إليه وظاهر ابن الجنيد العمل لمضمون هذه الرواية وبالجملة الظاهر جواز المسح على الأعضاء لو لم يكن إجماع على خلافه خصوصا إذا صب الماء على الرأس والجانبين وخصوصا مع الضرورة لكن الأولى أن لا يكتفي عند التوسع بمسح أي عضو كان وإن كان قليلا وعند الضرورة كعوز الماء أو البرد أو نحوه الاحتياط أن يؤتى بالغسل على ما تيسر ثم يضم إليه التيمم (ويكره الاستعانة) علل بما ذكر في الوضوء وقد عرفت سابقا إمكان المناقشة في الوجوه المذكورة فيه مع أن الروايتين اللتين هما أظهر الوجوه يشكل إجراءهما هاهنا لكن لما لم يضيق في أمر الكراهة لجاز الاكتفاء بها سيما مع ذهاب الأصحاب إليها إذ هو حجة برأسها لنا (ولو وجد لمعة غسلها وما بعدها ولو كان مرتمسا أعاد) فيه حكمان غسل اللمعة وما بعدها في المرتب وإعادة الغسل في المرتمس أما الأول فهو مركب من ثلاثة أمور عدم بطلان الغسل ووجوب غسل اللمعة ووجوب غسل ما بعدها أما الأولان فيدل عليهما مضافا إلى الاجماع ظاهرا وإطلاق الروايات المذكورة في أبواب الغسل رواية أبي بصير المتضمنة لبقاء اللمعة على ظهر الباقر (عليه السلام) وقد تقدمت في بحث الترتيب مع ما يتعلق بها من الكلام وما رواه التهذيب في أواخر باب صفة الوضوء في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في أثناء حديث قال قال حماد قال حريز قال زرارة قلت له رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة فقال إذا شك وكانت به بله وهو في صلاته مسح بها عليه وإن كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلة فإن دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شئ عليه وإذا استيقن رجع فأعاد عليه الماء وإن رآه وبه بلة مسح عليه وأعاد الصلاة باستيقان وإن كان شاكا فليس عليه في شكه شئ فليمض في صلاته واعلم إن ظاهر هذين الخبرين الاكتفاء بالمسح المطلق كما أشرنا إليه سابقا فعلى تقدير ثبوت وجوب الجريان إنما يحمل على المسح الذي يحصل معه الجريان ويستفاد أيضا من الأخير بل ظاهر الأول أيضا الاكتفاء ببلة الأعضاء ولا حاجة إلى ماء جديد والظاهر أنه إجماع منا كما يشعر به عبارة المنتهى والأصل أيضا يعضده وأما الثالث فقد استدل عليه بوجوب الترتيب وأنت خبير بأن إثبات وجوب الترتيب بحيث يشمل هذه الصورة من الروايات المتقدمة في بحث الترتيب مشكل جدا مع أن ظاهر الخبر الثاني الاكتفاء بمسح ما بقي ولا تخلو الروايات الأخر أيضا من نوع تأييد له مثل ما في رواية محمد بن مسلم المتقدمة في بحث الترتيب من قوله (عليه السلام) فما جرى عليه الماء فقد طهره وما في رواية زرارة المتقدمة في هذا البحث أيضا من قوله (عليه السلام) فما جرى عليه الماء فقد أجزئه وما في رواية زرارة أيضا المتقدمة في بحث الارتماس من قوله (عليه السلام) وكل شئ أمسته الماء فقد أنقيته لكن الأولى مراعاة الاحتياط وغسل ما بعدها أيضا إذ لم نعرف لاحد القول بخلافه ثم إنهم ذكروا أن وجوب غسل ما بعدها إنما يكون إذا لم يكن في الجانب الأيسر إذ لو كان فيه لكفى غسلها فقط لان الترتيب إنما يكون بين الأعضاء الثلاثة لا في نفس الأعضاء أيضا وما ذكروه جيد مطابق لما تقتضيه الأدلة والله أعلم وأما الحكم الثاني فقد احتمل العلامة (ره) في القواعد احتمالين آخرين غيره في هذه المسألة أحدهما الاكتفاء بغسل اللمعة فقط وثانيهما غسلها وغسل ما بعدها كالمرتب وجعل أقوى الاحتمالات غسل اللمعة فقط وأضعفها ما ذكره المصنف وقد فصل شارحه المحقق بطول الزمان وعدمه وجعل الأصح الإعادة معه والاكتفاء بغسل اللمعة فقط مع عدمه وحكم بعدم اتجاه الاحتمال الأخير حجة الاحتمال الأول إن المأخوذ عليه الارتماس دفعة واحدة بحيث يصل الماء إلى ساير الجسد في تلك الدفعة لما في الخبر فمع عدم الوصول إلى الجميع في تلك الدفعة لا يكون مجزيا وقد يمنع دلالة الخبر على وجوب وصول الماء إلى جميع الأعضاء دفعة واحدة بل غاية ما يدل عليه وجوب ارتماسه واحدة والظاهر أنه إذا ارتمس أحد في الماء ولم يصل الماء إلى بعض يسير من أعضائه يصدق عليه في العرف إنه ارتمس ارتماسة واحدة خصوصا إذا كان ذلك البعض تحت الماء ولم يصل إليه لمانع واحتج في المنتهى على الاحتمال الثاني بقوله ويمكن أن يقال بالاجتزاء
(١٧٨)