في الحكم وقد روى الصدوق (ره) في علل الشرايع رواية صحيحة عن زرارة قال قلت فهل يقرآن من القرآن شيئا قال نعم ما شاء إلا السجدة ويذكران الله من القرآن على كل حال وبهذه يزيد الحكم تقوية وروى المعتبر أيضا ذلك الحكم عن جامع البزنطي عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقد استدل الشيخ (ره) في التهذيب على الحرمة بأن في هذه السور سجودا واجبا ولا يجوز السجود إلا لطاهر من النجاسات بلا خلاف وفيه توقف إذ لم يثبت الاجماع على ما ادعاه كما سيجئ في بابه إن شاء الله تعالى مع أنه (ره) قال بعيد هذا باستحباب السجدة على الطامث إذا سمعتها وقد يعتذر بأن مراده من عدم جواز السجود إلا للطاهر السجود الواجب ولا يخلو عن بعد ولعل مراده من النجاسات الحكمية والعينية وإلا فلا دلالة على ما ادعاه لو اختص بالعينية كما هو الظاهر (وأبعاضها) الظاهر أنه أيضا لا خلاف فيه بيننا وإن كان دلالة الأدلة المذكورة سابقا عليه محل نظر إذ غاية ما يدل عليه الروايات حرمة نفس السجدة وأما غيرها فلا وكذا ما استدل به الشيخ (ره) لكن الاجماع ظاهرا هو المتبع (ولو اشتركت الآية ونواها حرمت) هذا الحكم بناء على حرمة الابعاض ظاهر (ودخول المساجد إلا اجتياز إلا المسجدين) أي المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) حرمة لبث الجنب في المساجد وجواز اجتيازه فيها سوى المسجدين مما أطلق عليه الأصحاب سوى ما نقل عن سلار أنه قال بكراهة اللبث في المساجد وأطلق الحكم ولم يفرق بين المسجدين وغيرهما والظاهر ما ذهب إليه الأكثر ولا يخفى إنه يرجع إلى ثلاثة أمور اللبث في المساجد مطلقا وجواز الاجتياز فيما عدا المسجدين وحرمته فيهما فلنستدل على كل منها أما عدم جواز اللبث في المساجد مطلقا فلقوله تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل إذ الظاهر أن المراد من الصلاة مواضعها يتحقق معنى العبور والقربان مع أنه فسر في الرواية الصحيحة بما ذكر وهي ما رواه الصدوق في علل الشرايع عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قالا قلت له الحايض والجنب يدخلان المسجد أم لا فقال الحايض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين إن الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ويأخذان من المسجد ولا يضعان فيه شيئا قال زرارة قلت له فما بالهما يأخذان منه ولا يضعان فيه قال لأنهما لا يقدران على أخذ ما فيه إلا منه ويقدر أن على وضع ما بيدهما في غيره ولتلك الرواية الصحيحة ولما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الحسن عن جميل قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب يجلس في المساجد قال لا ولكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الجنب يأكل ويشرب وفيه موضع الرسول النبي (صلى الله عليه وآله) ولحسنة محمد بن مسلم المتقدمة آنفا ولما رواه الكافي في الباب المذكور عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال للمجنب أن يمشي في المساجد كلها ولا يجلس فيها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) ولما رواه التهذيب في زيادات باب تحريم المدينة عن محمد حمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الجنب يجلس في المسجد قال لا ولكن يمر فيه إلا المسجد الحرام ومسجد المدينة وهذه الروايات وإن أمكن المناقشة فيها بحملها على الكراهة لكن يدفعها شهرة الحرمة بين الأصحاب وكذا الآية مع أن في الآية مرجحا آخر للحمل على الحرمة هو كون النهي عن قربان الصلاة سكارى محمولا على الحرمة ومما يمكن أن يستدل به لسلار الأصل وقد عرفت ما يعارضه وما رواه التهذيب في زيادات باب الأغسال في الصحيح ظاهرا عن محمد بن القاسم قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الجنب ينام في المسجد فقال يتوضأ ولا بأس أن ينام في المسجد ويمر فيه قال في المعتبر وهذه الرواية متروكة بين أصحابنا لأنها منافية لظاهر التنزيل ويمكن أن تحمل على التقية لموافقتها لمذهب بعض العامة ولا يذهب عليك أنه لو لم يكن الشهرة العظيمة بين الأصحاب لأمكن الجمع بين الروايات بحمل ما تقدم على الكراهة وحمل هذه الرواية على نفي الحرمة لكن الأولى اتباع الشهرة وأما جواز الاجتياز فيما عدا المسجدين فيدل عليه مضافا إلى الاجماع الآية والروايات المنقولة واعلم أن الظاهر من كلام القوم جواز العبور في المساجد وأما المشي في جوانبها فلم يجوزوه كما صرح به في النهاية وكذا اللبث بدون الجلوس بطريق الأولى ولا يخفى أنه الظاهر من الآية والصحيحة المذكورة وأما الروايات الأخرى ففي ظهورها في هذا المعنى تأمل سيما رواية جميل المنقولة عن الكافي لكن الأولى العمل بما هو ظاهر الآية والصحيحة وكلام القوم وأيضا مقتضى الاحتياط أن يكون المرور بأن يدخل من باب ويخرج من آخر لا بأن يذهب ويرجع وإن كان إثباته بالدليل مشكلا وأما حرمة الجواز في المسجدين فتدل عليه الروايات المتقدمة واعلم أن الصدوق (ره) في الفقيه أطلق القول بجواز الجواز في المساجد ولم يستثن المسجدين ونسب المصنف في الذكرى هذا الاطلاق إلى أبيه و المفيد أيضا وذكر أيضا في الفقيه أنه لا بأس أن ينام الجنب في المسجد وكان مستنده خبر محمد بن القاسم المذكور والحكم به مشكل مع معارضته بالروايات الكثيرة وعدم عمل الأصحاب بمضمونه واعلم أيضا أن المصنف والشهيد الثاني (ره) ألحقا المشاهد المقدسة والضرايح المشرفة بالمساجد في هذا الحكم لاشتمالها على فايدة المسجدية وزيادة تشرفها بمن نسبت إليه ولا يخلو من إشكال وإن كان الأحوط التجنب عنها حال الجنابة (ووضع الشئ فيها ويجوز الاخذ منها) هذا أيضا هو المشهور بين الأصحاب ونقلوا عن سلار القول بكراهة الوضع والظاهر المشهور لما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (عليه لسلام) عن الجنب والحايض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم ولكن لا يضعان في المسجد شيئا وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الجنب يأكل ويشرب وللصحيحة المنقولة عن علل الشرايع حجة سلار الأصل وبحمل الروايتين على الكراهة لكن الأصل قد خرج عنه بالدليل والحمل على الكراهة وان كان احتمالا قريبا لكن الشهرة بين الأصحاب يدفعه (ويكره قراءة ما زاد على سبع ولم يجوز الزيادة ابن البراج وعن سلار تحريم القراءة مطلقا) المشهور بين الأصحاب جواز قراءة ما عدا العزائم مطلقا وكراهة ما زاد على السبع
(١٦٥)