قد أجرى الشيخ في المبسوط القفو وتحت المجرى والوقوف تحت المطر مجرى الارتماس في سقوط الترتيب به وإليه ذهب العلامة في جملة من كتبه وذهب ابن إدريس إلى اختصاص الحكم بالارتماس كما هو مختار المتن وإليه ينظر كلام المحقق (ره) في المعتبر حجة القول الأول ما رواه في التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يجنب هل يجزيه عن غسل الجنابة أن يقوم في القطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك قال إن كان يغسل اغتساله بالماء أجزئه ذلك وهذا الخبر في الفقيه أيضا في باب المياه وما رواه الكافي في باب صفة الغسل عن محمد بن أبي حمزة عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل أصابته جنابة فقام في المطر حتى سال من جسده أيجزيه ذلك من الغسل قال نعم قال المحقق في المعتبر معترضا على الخبر الأول إن هذا الخبر مطلق وينبغي أن يقيد بالترتيب في الغسل وهو وارد على الثاني أيضا مع أنه ضعيف بالارسال ويرد أيضا على الأول أنه (عليه السلام) قال بالاجزاء عند كونه مثل الاغتسال بالماء وهو إنما يكون مع الترتيب فلا بد فيه أيضا منه وقد يجاب عن الايراد الأول بمنع كونهما مع الروايات السابقة من باب المطلق والمقيد بل الروايات السابقة بيان لاحد أنحاء الغسل وهذان لنحو آخر مباين له وليس في الروايات تعميم حتى يكون هذان مخالفين لها ولو سلم التعميم فإنما يخصص بهما كما هو المعمول وعن الثاني أن الظاهر أن المراد مماثلتهما في الجريان وشمول البدن كله لتأييد الرواية الثانية وطهور رجوع الضمير المستتر في يغسله إلى القطر مع أن المماثلة التي تتصور في حقه إنما هو الغسل بطريق الجريان لا الترتيب لعدم إمكانه في حقه إلا بالمجاز ولو سلم عدم ظهور الرجوع إلى القطر وكون المماثلة المتصورة في حقه هو الجريان فقط فلا أقل من عدم ظهوره في خلافه فيؤل الامر إلى الشك في التكليف كما لا يخفى وقد مر غير مرة أن في مثله يكفي الاتيان بالقدر المتيقن فتدبر وقد يجاب عنه أيضا بأن الاغتسال بإملاء أعم من الاغتسال المرتب وغير المرتب وقد علق (عليه السلام) الاجزاء بالمساواة لمطلق الاغتسال وهو إنما يتحقق بدون الترتيب وفيه إن بناء هذا الايراد إنما هو على أن ظاهر المساواة المطلقة المساواة في جميع ما يمكن التساوي فيه كما تقرر في الأصول لا في شئ ما أي شئ كان وحينئذ نقول مساواة هذا الغسل لمطلق الاغتسال ظاهرها مساواتهما في جميع ما يمكن التساوي ولا ريب أنه يمكن تساويهما في الترتيب فيجب اعتباره إلا أن يقال حينئذ المراد أنه علق الاجزاء على المساواة لمطلق الاغتسال فيكفي فيه المساواة لأي فرد كان إذ ليس بمخصص بفرد معين فيكفي المساواة للاغتسال الارتماسي وقد عرفت أن اعتبار المساواة إنما هو فيما يمكن التساوي فيه وإمكان التساوي هاهنا إنما هو في الجريان وشمول البدن فقط فتأمل وبما ذكرنا ظهر وجه احتجاج ابن إدريس وموافقيه مع الجواب عنه والاحتياط أن يراعى الترتيب في هذه الصورة بأن ينوي ويدلك أولا الرأس ثم الميامن ثم المياسر واعلم أن العلامة في التذكرة طرد الحكم في ماء الميزاب وشبهه وكان المبسوط أيضا موافق له في ذلك وإنما ذكر المجرى والمطر من باب التمثيل وفي الاقتصاد أيضا عمم الحكم بالنسبة إلى الميزاب ونحوه ونسب في الذكرى إلى بعض الأصحاب إلحاق صب الاناء الشامل للبدن والكل مشكل لاختصاص الروايتين بالمطر إلا أن يستنبط من قوله (عليه السلام) إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزئه أن المماثلة للاغتسال بالماء في الجريان وشمول البدن علة للاجزاء فيطرد في غير المطر أيضا لكن للكلام في هذا الاستنباط مجال والأولى الوقوف على المطر والله أعلم (ولا يجب غسل الشعر بل إيصال الماء إلى ما تحته وإن كثف) هاهنا حكمان أحدهما عدم وجوب غسل نفس الشعر والثاني وجوب تخليله وإيصال الماء إلى ما تحته وإن كثف أما الأول فهو المشهور بين الأصحاب بل يفهم من ظاهر المعتبر والذكرى الاجماع عليه وظاهر عبارة المقنعة حيث حكم بأن المرأة إن كانت شعرها مشدودة حلته وإن كان يشعر بوجوب غسل الشعر لكن الشيخ حملها على أن المراد وجوب الحل إذا لم يصل الماء إلى أصول الشعر بدونه وأما مع الوصول بدونه فلا وبالجملة الظاهر عدم الوجوب للأصل وللروايات الواردة بغسل الجسد والشعر لا يسمى جسدا وقد تقدم طرف منها في المباحث السابقة آنفا ويزيده تأكيدا ما رواه في التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن زرارة قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرج ومرافقك ثم تمضمض وتستنشق ثم تغسل جسدك من لدن قرنك لأي قدميك ليس قبله ولا بعده وضوء وكل شئ لمسته الماء فقد اتقيته ويريد أيضا عدم وجوب غسل الشعر ما رواه في هذا الباب في الصحيح عن محمد بن علي الحلبي عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة وروى أيضا بطريق حسن عن محمد عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ذلك لكن لا يروى فيه عن أبيه عن علي (عليه السلام) وهذا الطريق الأخير في الكافي أيضا في باب صفة الغسل وروى التهذيب أيضا في باب حكم الحيض في الموثق عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه عن أبيه عن علي (عليه السلام) مثله وأما ما روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أن تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعرة وأنفق البشرة وصحيحة حجر ابن زائدة المتقدمة في بحث وجوب تحليل ما يمنع وصول الماء فالجواب عنهما أما عن الأول فبعدم ثبوته عندنا وأما عن الثانية فبعدم ظهور دلالتها على المراد إذ يحتمل أن يكون المراد من الشعرة ما هو بقدرها من الجسد احتمالا قريبا إذ هو من المجازات الشايعة المتعارفة التي ليس حمل اللفظ عليها خروجا عن الظاهر عرفا خصوصا مع اعتضاد عدم الوجوب بالأصل والروايات المتقدمة والشهرة بل الاجماع ظاهرا وأما ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة والكافي في الباب المذكور في الحسن عن جميل قال سألت أبا
(١٧١)