مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٦٩
لو قلت قام زيد ثم عمرو وخالد دل ذلك على تقدم قيام زيد على عمرو أما تقدم عمرو على خالد فلا لكن فقهاؤنا اليوم بأجمعهم يفتون بتقدم اليمين على الشمال ويجعلونه شرطا في صحة الغسل وقد أفتى بذلك الثلاثة وأتباعهم انتهى ثم اعلم إن الصدوقين لم يصرحا بالترتيب بين الجسد ولا بنفيه لكن كان الظاهر أنهما لا يريان الترتيب وإلا لأشعرا به كما صرح في الفقيه بالترتيب بين الرأس والجسد والظاهر من كلام ابن الجنيد أيضا عدم الترتيب في البدن وابن أبي عقيل عطف الأيسر بالواو وهو مما يشعر أيضا بعدم الترتيب وعلى هذا فلا ظن الاجماع الذي ادعاه الشيخ في الخلاف كما نقلنا وابن زهرة وابن إدريس أيضا ولا بالاجماع المركب الذي نقلنا عن المصنف في الذكرى فلا يبعد حينئذ القول بعدم وجوب الترتيب بين الميامن والمياسر للأصل وإطلاق الآية والروايات الكثيرة المشعرة به منها ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن أحمد بن محمد قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك وتبول إن قدرت على البول ثم تدخل يدك في الاناء ثم اغسل ما أصابك منه ثم أفض على رأسك وجسدك ولا وضوء فيه ووجه الاشعار ظاهر ومنها صحيحة محمد قبن مسلم المتقدمة آنفا ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الجنابة فقال تصب على يدك الماء فتغسل كفيك ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ثم تمضمض وتستنشق وتصب الماء على رأسك ثلاث مرات وتغسل وجهك وتفيض على جسدك الماء ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب في الموثق عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا أصاب الرجل جنابة فأراد الغسل فليفرغ على كفيه فليغسلهما دون المرفق ثم يدخل يده في إنائه ثم يغسل فرجه ثم يصب على رأسه ثلاث مرات ملا كفيه ثم يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه ثم يفيض الماء على جسده كله فما انتضح من مائه في إنائه بعد ما صنع ما وصفت فلا بأس إلى غير ذلك من الروايات الواردة بهذا الطريق ويؤيده أيضا ما رواه في باب الأغسال في الزيادات عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال اغتسل أبي من الجنابة فقيل له قد بقيت لمعة من ظهرك لم يصبها الماء فقال له ما كان عليك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب صفة الغسل بطريق واضح الصحة وقد يستشكل في هذه الرواية من حيث إباء العصمة عن إغفال اللمعة وأجيب بأن الترك يجوز أن يكون عمدا للتعليم وما رواه أيضا في باب حكم الجنابة عن بكر بن كرب قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يغتسل من الجنابة أيغسل رجليه بعد الغسل فقال إن كان يغتسل في مكان يسيل الماء على رجليه فلا عليه أن يغسلهما وإن كان يغتسل في مكان يستنفع رجلاه في الماء فليغسلهما وهذه الرواية في الكافي أيضا في الباب المذكور قال المصنف في الذكرى وأبو الصلاح أوجب الترتيب ثم قال بعد غسل الأيسر ويختم بغسل الرجلين فإن ظن بقاء شئ من صدره أو ظهره لم يصل إليه الماء فليسبغ بإراقة الماء على صدره وظهره وكذا قاله بعض الأصحاب انتهى وعلى هذا فالتأييدان المذكوران لا يدلان على عدم وجوب الترتيب مطلقا بين الجسد بل على ما ذهب إليه أبو الصلاح إلا أن يثبت أن ما ذهب إليه خرق للاجماع المركب فيكونان حينئذ دالين على عدم الترتيب مطلقا بين الجسد وقد يجاب عن الأول بأنه يجوز أن يكون تلك اللمعة في الجانب الأيسر وعن الثاني بأنه يجوز أن يكون المراد غسل الرجلين للتنظيف لا الغسل الذي من أجزاء الغسل وقد يجاب عن الروايات السابقة أيضا بأنها مطلقة والمطلق يجب حمله على المقيد فليحمل على الروايات الدالة على الترتيب وفيه أنه بعد تسليم وجوب الحمل أن الروايات الدالة على الترتيب بين أجزاء الجسد إذ قد عرفت عدم دلالة ما تمسكوا به نعم هذا الجواب إنما يحسن لو تمسك ببعض الروايات المذكورة على الترتيب بين الرأس والجسد إذ لا دلالة الروايات المتقدمة على الترتيب بينهما ظاهرة مع قوة الظن أيضا بالاجماع عليه إذ لم يظهر من كلام أحد من الأصحاب خلافه وأما ما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن هشام ابن سالم قال كان أبو عبد الله (عليه السلام) فيما بين مكة والمدينة ومعه أم إسماعيل فأصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها وتركت رأسها فقال لها إذا أردت أن تركبي فاغسل رأسك ففعلت ذلك فعلمت بذلك أم إسماعيل فحلقت رأسها فلما كان من قابل انتهى أبو عبد الله (عليه السلام) إلى ذلك المكان فقالت له أم إسماعيل أي موضع هذا فقال لها هذا الموضع الذي أحبط الله فيه حجك عام أول فلا عبرة به لان هشام بن سالم نفسه روى عن محمد بن مسلم هذه الواقعة بعينها خلافه قال دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسطاطه وهو يكلم امرأة فأبطأت عليه فقال أدنه هذه أم إسماعيل جاءت وأنا أزعم أن هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجها عام أول كنت أردت الاحرام فقلت ضعوا إلي الماء في الخباء فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستحفظتها فأصبت منها فقلت اغسل رأسك وامسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك فإذا أردت الاحرام فاغسلي جسدك ولا تغسلي رأسك فتستريب مولاتك فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول شيئا فمست مولاتها رأسها فإذا لزوجة الماء فحلقت رأسها وضربتها فقلت لها هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجك وحينئذ لا يبقى الظن به بل الظاهر أن الراوي سهى ونقل بالعكس مما كان إذ احتمال الغلط فيه أقرب منه في الثاني للتفصيل الواقع فيه فتدبر هذا والاحتياط أن يراعى الترتيب كما هو المعروف بين الأصحاب ولا يجري على تركه ثم اعلم أن ما ذكره المصنف من ضم العنق إلى الرأس قد نص عليه المفيد في المقنعة ونسب في الذكرى إلى الجماعة أيضا وما وجدنا في الروايات ما يدل عليه سوى مضمرة زرارة وموثقة سماعة المتقدمتين آنفا فإن لهما أدنى إشعار به فمقتضى الاحتياط حينئذ أن يغسل الرأس بتمامه
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336