الجنب قبل أن يتوضأ قال إنا لنكسل ولكن ليغسل يده والوضوء أفضل ومنها ما رواه أيضا في باب حكم الجنابة في الحسن عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الجنب إذا أراد أن يأكل ويشرب غسل وتمضمض وغسل وجهه وأكل وشرب وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب الجنب يأكل ويشرب ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب والكافي أيضا في الباب المذكور عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا بأس بأن يختضب الرجل ويجنب وهو مختضب ولا بأس بأن يتنور الجنب ويحتجم ويذبح ولا يذوق شيئا حتى يغسل يديه ويتمضمض فإنه يخاف منه الوضح ومنها ما رواه الفقيه في باب غسل الجنابة قال وقال أبو جعفر عن أبيه ( عليه السلام) إذا كان الرجل جنبا لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ و قال أيضا وروى أن الاكل على الجنابة يورث الفقر وروى أيضا في باب ذكر جمل من مناهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال نهى رسول الله عن الاكل على الجنابة قال إنه يورث الفقر هذا ما رأينا من الروايات ولا يخفى أنه لا يظهر من الأولى والثانية إلا استحباب غسل اليد والوضوء قبل الاكل وكذا استحباب غسل اليد والمضمضة وغسل الوجه ولا يدلان ظاهرا على كراهة الاكل اللهم إلا أن يقال بالفهم عرفا نعم الروايات الأربع الأخير سيما الأوليين منها والأخيرة تدل ظاهرا عليها وهي مع انضمامها بقول الأصحاب كما فيه في هذا الباب ثم أنه يستفاد ظاهرا من الروايتين الأخيرتين كراهة الاكل قبل الغسل مطلقا ومن الرواية السابقة عليهما ارتفاعهما بالوضوء بناء على مفهوم الغاية فأما إن تقيد الأولى بالثانية أو يقال إن الوضوء يخفف الكراهة ويفهم من رواية السكوني الكراهة قبل غسل اليدين والمضمضة و ارتفاعها بهما وهي منافيه ظاهرا لكل من الروايات السابقة ودفع المنافاة بينها وبين الأخيرتين على قياس ما ذكر في دفع المنافاة المذكورة آنفا وأما بينها وبين الرواية التالية لها فأما بالحمل على التخيير بين الوضوء وبين وبين غسل اليد والمضمضة وأما بأن يقال إن لرفع الكراهة مراتب فالأولى الوضوء وبعده غسل اليد والمضمضة وأما حسنة زرارة فلا منافاة ظاهرا بينها وبين غيرها نعم نفهم منها إن غسل اليد والمضمضة وغسل الوجه مما ينبغي على أن يفعل قبل الاكل وذلك أيضا يحتمل وجهين أما أن يكون لرفع الكراهة مطلقا ويكون بدلا آخر للوضوء فيكون حينئذ لرفع الكراهة ثلاث أمور الوضوء وغسل اليد والمضمضة وغسل الوجه وغسل اليد والمضمضة أو يكون لتخفيف الكراهة و ح يكون بعد الوضوء ثم يجري الوجهان أيضا بينه وبين غسل اليد والمضمضة وقس عليه حال الرواية الأولى وحال غسل اليد الواقع فيها بالنظر إلى ما في الرواية الأخرى فالذي يقتضيه الاحتياط أن لا يؤكل ولا يشرب قبل الغسل ولو أكل أو شرب لاتى بالوضوء ولو لم يتيسر فيغسل اليد ويتمضمض ويغسل الوجه وإن لم يتيسر فغسل اليد والمضمضة وإلا فغسل اليد وحده ولا يبعد أن يقال بضم الاستنشاق أيضا إلى المضمضة في الصورتين كما ضمه الأصحاب بناء على أن المراد بالمضمضة الواقعة في الخبر هما معا وإنما اكتفى به وحده لما يكتفي كثيرا في ذكر أمرين يتعارف اقترانهما بأحدهما وبما ذكرنا ظهر أن ما نقلنا أنه المشهور لا دليل عليه أصلا مما وصلنا إليه وكذا ما ذهب إليه العلامة (ره) وما ذهب إليه المحقق في المعتبر يدل عليه رواية السكوني لكنه (ره) استدل عليه بحسنة زرارة ولا يخفى ما فيه وأما ما قاله الصدوق فلا دليل عليه أيضا إلا أن يأول التأويل المذكور آنفا في رواية السكوني فتكون حينئذ مستندا له فإن قلت على تقدير كراهة الأكل والشرب قبل الغسل مطلقا أو قبل الوضوء على ما تحمل ما في صحيحة عبد الرحمن المذكورة من قوله (عليه السلام) إنا لنكسل لأنه ينافي مرتبة الإمامة قلت قد حمله بعض علمائنا على أنه (عليه السلام) قد تكلم بلسان الحاضرين أي إنكم لتكسلون ويمكن أن يقال المراد إنا لنكسل عن الاكل ولم نتسارع إليه قبل الغسل هذا ثم إنه هل يكفي الاتيان بالمأمور المذكور مرة واحدة أو لابد عند كل أكل مع الفصل الكثير بين الآكلين أو مع تخلل الحدث أو مع التعدد عرفا الكل محتمل والأول أظهر والأخير أحوط والأحوط أيضا أن لا يتراخى بينهما كثيرا على وجه لا يبقى بينهما ارتباط في العادة وأما النوم فقد أجمع علمائنا على جوازه للجنب وكراهته قبل الوضوء ويدل عليه أيضا روايات أما الجواز فيدل عليه ما رواه التهذيب في زيادات باب الأغسال في الصحيح عن سعيد الأعرج قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول ينام الرجل وهو جنب وتنام المرأة وهي جنب وما رواه أيضا في هذا الباب في الموثق عن سماعة قال سألته عن الجنب يجنب ثم يرد النوم قال إن أحب أن يتوضأ فليفعل والغسل أفضل من ذلك وإن هو نام ولم يتوضأ ولم يغتسل فليس عليه شئ إن شاء الله تعالى وهذه الرواية في الكافي أيضا في الباب المتقدم أما صحيحة عبد الرحمن المتقدمة فمحمولة على الاستحباب وأما الكراهة قبل الوضوء فيدل عليه ما رواه الفقيه في الصحيح عن عبد الله بن علي الحلبي قال وسئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل أينبغي له أن ينام وهو جنب فقال يكره ذلك حتى يتوضى قال وفي حديث آخر أنا أنام على ذلك حتى أصبح وذلك إني أريد أن أعود فإن قلت هل يمكن أن يستفاد من صحيحة عبد الرحمن وموثقة سماعة كراهة النوم قبل الغسل مطلقا لكن إنما يحصل التخفيف بالوضوء على قياس ما قالوه في الاكل قلت لا إذ لا دلالة لهما إلا على استحباب الغسل قبل النوم وفضله على الوضوء وأما كراهة النوم بدونه فلا والرواية التي فيها الكراهة فقد غياها بالوضوء فيبقى عنده وقد مر سابقا في بحث استحباب الوضوء لنوم الجنب توجيه ما نقل عن الفقيه من قوله (عليه السلام) أنا أنام الخ فتذكر (والخضاب) هذا ما ذهب إليه الثلاثة والمحقق والعلامة وجمع آخر أيضا من الأصحاب ويفهم من ظاهر المعتبر والمنتهى نسبة القول بعدم الكراهة إلى الصدوق بناء على ما قاله في الفقيه ولا بأس أن يختضب الجنب ويجنب وهو مختضب وأنت خبير بإمكان حمله على ما يوافق مذهبهم بإرادة الحرمة من البأس وبالجملة الظاهر الكراهة لما رواه التهذيب في باب حكم الحيض عن أبي سعيد قال قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام) أيختضب الرجل وهو جنب قال لا قال قلت فيجب وهو مختضب قال لا ثم سكت قليلا ثم قال يا أبا سعيد أفلا أدلك على شئ تفعله قلت بلى قال إذا اختضب بالحنا وأخذ الحناء
(١٦٧)