مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٤٢
إذا لم يستيقن الوضوء وهو لا يستلزم المراد من اعتبار اليقين في الوضوء إذ يجوز أن يكفي الشك فيه أيضا لكن يكون إحداث الوضوء حينئذ غير محذر عنه بخلاف ما إذا تيقن واعلم إن ظاهر كلام الأصحاب إن الظن أيضا حكمه حكم الشك وهو ظاهر بالنسبة إلى الحكم الأول لظهور دلالة الرواية المذكورة عليه مع تأييده بأصالة البراءة واستدل المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى أيضا بأن الظن لم يعتبر ما لم يعتبره الشارع كالشهادة بخلاف الظن الحاصل الحاكم بما لا ينوط باعتباره فإنه لا يعمل به ولا به رجوع عن اليقين إلى المظنون وهو باطل ولا يخفى ما في كونه رجوعا عن المتيقن إلى المظنون فتدبر قال المحقق البهائي (ره) في الحبل المتين ثم لا يخفى أن الظن الحاصل بالاستصحاب فيمن تيقن الطهارة وشك في الحدث لا يبقى على نهج واحد بل يضعف بطول المدة شيئا فشيئا بل قد يزول الرجحان ويتساوى الطرفان بل ربما يصير الطرف الراجح مرجوحا كما إذا توضأ عند المسح مثلا وذهل عن التحفظ ثم شك عند الغروب في صدور الحدث منه ولم يكن من عادته البقاء على الطهارة إلى ذلك الوقت والحاصل إن المدار على الظن فما دام باقيا فالعمل عليه وإن ضعف انتهى كلامه ولا يخفى إن هذا إنما يصح لو بنى المسألة على ما تيقن بحصوله في وقت ولم يعلم أو يظن طرفا يزيله يحصل الظن ببقائه فالشك في نقيضه لا يعارضه إذا الضعيف لا يعارض القوي لكن هذا البناء ضعيف جدا بل بنائها على الروايات مؤيدة بأصالة البراءة في بعض الصور وهي تشمل الشك والظن معا فإخراج الظن عنه مما لا وجه له وأما في الحكم الثاني ففيه إشكال لان صحيحة زرارة المتقدمة كما يمكن أن يستدل بها على عدم اعتبار الظن نظرا إلى مفهوم ويمكن تنقضه بيقين آخر كذلك يمكن أن يستدل بها على اعتباره بمفهوم لا ينقض اليقين بالشك مع أن الأصل براءة الذمة اللهم إلا أن يتمسك بالاجماع وبعموم قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الآية خرج ما إذا تيقن بالطهارة السابقة وشك في الحدث بالدليل فبقي الباقي وفيه ما مر غير مرة من منع العموم هذا ثم أنه أورد في هذا المقام إشكال وهو أن الشك بأحد النقيضين ينافي اليقين بالنقيض الاخر فكيف يمكن اجتماع الشك في الحدث مع اليقين بالطهارة وكذا العكس وأجاب عنه المصنف في الذكرى بقوله قولنا اليقين لا يرفعه الشك لا نعني به اجتماع اليقين والشك في الزمان الواحد لامتناع ذلك ضرورة إن الشك في حد النقيضين يرفع يقين الا اخر بل المعنى به ان اليقين الذي كان في الزمن الأول لا يخرج عن حكمه بالشك في الزمن الثاني لأصالة بقاء ما كان فيؤول إلى اجتماع الظن والشك في الزمان الواحد فيرجح الظن عليه كما هو مطرد في العبادات انتهى وفيه نظر لأن الشك بأحد النقيضين كما ينافي اليقين بالنقيض الاخر كذلك ينافي الظن به أيضا البتة فالفرار من اليقين إلى الظن لا يغني من الحق شيئا اللهم إلا أن يراد بالشك الوهم والصواب أن يقال المراد بيقين الحدث البقية في زمان معين كالظهر مثلا بوقوع حدث في زمان سابق عليه كالغداة سواء كان المراد بالحدث نفس البول مثلا أو أثره الحاصل منه وبالشك في الطهارة في ذلك الزمان أيضا بحدوث طهارة بعد الغداة سواء كان المراد بالطهارة أيضا الوضوء أو أثره ولا شك إن اجتماع اليقين والشك بهذا المعنى مما لا شك فيه لعدم تناقض متعلقيهما لاختلاف الزمان ولا يخفى أن ما ذكره المصنف أيضا وجه دفع لكن ينبغي ان يسقط عنه قوله فيؤول إلى الاخر وبما ذكر ظهر أنه قد قصر صاحب المدارك في هذا المقام حيث قال المراد بالحدث هنا ما يترتب عليه الطهارة أعني نفس السبب لا الأثر الحاصل من ذلك وتيقن حصوله بهذا المعنى لا ينافي الشك في وقوع الطهارة بعده وإن اتحد وقتهما انتهى (ولو تيقنها لا ترتيبهما تطهر) قد أطلق القول في هذا الحكم جمع من الأصحاب كالثلاثة رحمهم الله وغيرهم أيضا كالمحقق والعلامة رحمهما الله في بعض كتبهما ونقل العلاقة (ره) في التذكرة عن الأصحاب كما هو الظاهر قولين آخرين أحدهما أنه إن لم يسبق له وقت يعلم حاله فيه أعاد وإن سبق بنى على ضد تلك الحال وثانيهما أنه يراعى في الشق الأخير الحال السابق فيبنى عليه إن محدثا فمحدث ولن متطهرا فمتطهر ثم قال والأقرب أن نقول إن تيقن الطهارة و الحدث متحدين متعاقبين ولم يسبق حالة علم على زمانهما تطهر ولن سبق استصحب وهذا مختاره في القواعد أيضا ومراده بقوله متحدين متعاقبين استوائهما في العدد وكون الطهارة رافعة للحدث والحدث ناقضا لها بمعنى أنه تيقن إن لوضوء الذي علم تحققه كان وضوءا رافعا لا مجددا وكذا الحدث المتحقق وقوعه كان حدثا ناقضا لا حدثا بعد الحدث والظاهر من المعتبر الميل إلى القول الثاني من المختلف إلى الثالث وإذ قد تقرر هذا فلنشرع في ذكر أدلة الأقوال وما يتعلق بها من القيل والقال حجة القول الأول كما ذكره الشيخ في التهذيب أنه مأخوذ على الانسان أن لا يدخل في الصلاة إلا بطهارة فينبغي أن يكون مستيقنا بحصول الطهارة له ليسوغ له الدخول بها في الصلاة ومن لا يعلم إن طهارته سابقة للحدث فليس على يقين من طهارته ووجب عليه استينافها وأنت خبير بأن هذا إنما يتم لو ثبت عموم قوله تعالى إذا قمتم الآية بالتقريب الذي ذكرنا آنفا وأما إذا لم يثبت فلا إذ لو كان إذا فيه للاهمال أو يكون مقيدا بأن كنتم محدثين كما ذكره بعض فعلى الأول إنما يسلم وجوب الوضوء فيما لو كان إجماع أو دليل آخر ولم يتحقق فيما نحن فيه فلا وجوب ولو تمسك بأنه ثبت الوجوب في بعض الأوقات ولم يعلم بعينه فوجب الاتيان في جميع الأوقات إلا ما أخرجه الدليل تحصيلا للبراءة اليقينية ففيه ما مر غير مرة من أن في أمثال هذه الصورة يكفي الاتيان بالقدر المتيقن وهو فيما نحن فيه الاتيان في الوقت الذي يعلم عدم الطهارة فيه وعلى الثاني نقول إن غاية ما يسلم منه وجوب الوضوء عند اليقين بالحدث وليس ها هنا فليس مع أنه لو سلم العموم أيضا لأمكن أن يقال إن موثقة ابن بكير قد خصصها بغير هذه الصورة لأنها دلت على أنه إذا حصلت اليقين بالوضوء فلا تتوضأ إلا إذا حصل اليقين بالحدث فها هنا يقين
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336