المتضمنة للنسيان بتخصيص الاشتراط بحال عدم النسيان أيضا وإن النسيان أيضا من جملة الاعذار التي جوز معها عدم الموالاة وعن الروايات الخالية عنه باغتفار أمثال تلك الفواصل المذكورة فيها بل إنما يقول بإبطال الفصل المعتد به عرفا وقس على هذه الروايات استدلالا وجوابا ما رواه التهذيب أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن زرارة قال قال لي لو أنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت أن ذلك من المفروض لم يكن ذلك بوضوء ثم قال ابدأ بالمسح على الرجلين فإن بدأ لك غسل فغسلته فامسح بعده ليكون آخر ذلك المفروض ويمكن أن يجاب عنه بوجه آخر أيضا بحمله على الفصل للضرورة وأما الثاني فللاجماع ولما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ربما توضأت فنفذ الماء فدعوت الجارية فأبطأت علي بالماء فيجب وضوئي قال أعد وإذا ثبت وجوب الإعادة مع الضرورة فبدونها أولى وقد يعترض عليه بإمكان الحمل على الاستحباب وهو بعيد بعد اشتهار حرمة إبطال العمل مطلقا ولما رواه أيضا في الباب المذكور في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا توضأت بعض وضوءك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوئك فأعد وضوئك فإن الوضوء لا يبعض وهاتان الروايتان في الكافي أيضا في باب الشك في الوضوء ويدل أيضا على البطلان بالجفاف في خصوص حال المسح مرسلة الصدوق عن الصادق (عليه السلام) ورواية مالك بن أعين المتقدمتان في بحث استيناف الماء الجديد وأما ما رواه التهذيب في أواخر باب أحكام السهو في الصلاة عن أبي الصلاح الكناني قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل توضأ فنسي أن يمسح على رأسه حتى قام في الصلاة قال فلينصرف وليمسح على رأسه وليعد الصلاة الدال بإطلاقه في الامر بالمسح على عدم البطلان حال الجفاف وجواز استيناف الماء الجديد فمع عدم صحة سنده إنما يحمل على بقاء البلة جمعا بين الاخبار وأيضا الامر بالمسح يمكن أن يكون المراد منه الامر بإعادة الوضوء أي يتوضأ وضوءا يمسح فيه رأسه وقس عليه الحال أيضا في حسنة الحلبي ورواية أبي بصير المتقدمتين في بحث الاستيناف وصحيحة منصور المتقدمة في بحث الترتيب ونظائرها وأما الثالث فللأصل وصدق الامتثال وعدم دليل على خلافه وما ذكره المصنف في الذكرى من ورود الأخبار الكثيرة بخلافه لا وجه له لان الأخبار الواردة في هذا الباب الموجودة في الكتب الأربعة المتداولة لا دلالة فيها على هذا المعنى رأسا إذ ما يمكن أن يستدل به من بينها هاتان الروايتان المذكورتان آنفا وهما كما ترى مخصوصتان بالتفريق ولا وجه لأجزائهما في غير صورة التفريق وكذا مرسلة الصدوق ورواية مالك بن أعين المتقدمتان سابقا مع أنهما مختصان بحال المسح فيجوز أن يكون البطلان لأجل لزوم الاستيناف ولا للجفاف ومما يتراءى امكان الاستدلال به على ما اخترناه ما رواه أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن حريز في الوضوء يجف قال قلت فإن جف الأول قبل أن أغسل الذي يليه قال جف أو لم يجف اغسل ما بقي قلت وكذلك غسل الجنابة قال هو بتلك المنزلة ابدأ بالرأس ثم افض على ساير جسدك قلت وإن كان بعض يوم قال نعم وجه الاستدلال أنه حكم بعدم البطلان بالجفاف مطلقا خرج الجفاف مع التفريق بالدليل فيبقى الباقي وهو المطلوب لكن الظاهر أنه محمول على التقية لموافقة ظاهرة لمذهب العامة و الشيخ (ره) إنما حمله على ما إذا لم يقطع المتوضي وضوئه وإنما تجففه الريح الشديدة أو الحر العظيم وفيه بعد واعلم أن عروض الجفاف بدون التفريق ان كان عند بقاء بعض الغسلات فالحال كما عرفت وإن كان عند تمامها فحينئذ فيه إشكال من حيث احتمال أن يكون الحكم بالصحة حينئذ مخالفا للاجماع لان ابن الجنيد القايل بجواز الاستيناف من بين الأصحاب الظاهر أنه لا يقول بالصحة في هذه الصورة إذ مذهبه اشتراط وجود البلة على جميع الأعضاء إلا لضرورة وها هنا لا ضرورة والصدوقين القائلين بالصحة حال الجفاف مع الاشتغال بأفعال الوضوء لم يظهر إن مذهبهما الصحة مع لزوم الاستيناف أيضا لان كلام علي بن بابويه على ما نقل في الفقيه مخصوص بغسل ما بقي عند الجفاف مع أن الصدوق أطلق القول بأن لا يجدد الماء للمسح فحينئذ الأولى في هذه الصورة إعادة الوضوء خوفا لمخالفة الاجماع ثم إن القائلين ببطلان الوضوء في هذه الصورة بدت واضطرار وعدمه فالظاهر معه إنه لا متمسك لهم في الجزء الأول كما علمت وأما في الجزء الثاني فكأنهم تمسكوا بالحرج والاضطرار كما استدل به المحقق في المعتبر وفيه نظر إذ بعد تسليم دلالة الاخبار على أن الجفاف مبطل للوضوء لا وجه لاخراج هذا الفرد للحرج إذ لا حرج ولا اضطرار لانتقال الفرض إلى التيمم اللهم إلا أن يدعوا الاجماع هذا واحتج القائلون بالقول الثاني أي وجوب المتابعة وعدم البطلان بتركها إلا مع الجفاف أما على الجزء الأول فبوجوه الأول قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الآية والاستدلال به من وجهين أحدهما أنه أمر فيقضي فيه بالفور لأنه أحوط ولقوله تعالى سارعوا بالخيرات إلى مغفرة من ربكم فاستبقوا الخيرات ثانيهما أنه أوجب غسل الوجه والبدن والمسح عقيب إرادة القيام إلى الصلاة بلا فصل وفعل الجميع دفعة متعذر فيحمل على الممكن وهو المتابعة والجواب عنه أما عن الوجه الأول فبمنع إن الامر للفور وموضع بحثه في الأصول ولو سلم فليس هذا الامر للفور إجماعا وإلا لزم أن يكون تأخير الوضوء عن أول الوقت ممن يريد القيام إلى الصلاة عصيانا ولم يقل به أحد وأما عن الثاني فبمنع إن هذا الفاء للتعقيب بلا فصل لان الفاء الموضوعة له إنما هي فاء العاطفة لا الداخلة على الجراء وأيضا لو كان كذلك للزم ما ذكرنا آنفا الثاني موثقة أبي بصير المتقدمة آنفا وجه الاستدلال حكمه (عليه السلام) بأن الوضوء لا يبعض وهو صادق مع الجفاف وعدمه والجواب إن تعليل البطلان بالتفريق مع اليبس بأن الوضوء لا يبعض قرينة على أن المراد بالتبعيض هو أن يصير بعضه جافا وبعضه رطبا مع التفريق وأيضا لو كان المراد بالتبعيض مجرد التفريق لزم عليهم القول ببطلان الوضوء بدون الجفاف أيضا لأنه (عليه السلام) علل الإعادة بأن الوضوء لا يبعض مع أنهم لم يقولوا به الثالث قوله (عليه السلام) في حسنة الحلبي المتقدمة في بحث الترتيب اتبع وضوءك
(١٢٨)