أراد بالمفصل ما نتأ عن يمين القدم وشماله فهو بعينه مقالة العامة المخالفة لما أجمعنا عليه وهذا الايراد كأنه راجع إلى الايراد الأول عند التأمل الثالث إن ما ذكره مخالف لظواهر الأخبار الواردة عن أصحاب العصمة (عليهم السلام) الرابع أنه مخالف لكلام أهل اللغة ولم يساعد عليه الاشتقاق الذي ذكروه فإنهم قالوا أن اشتقاقه من كعب إذا ارتفع ومنه كعب ثدي الجارية والمفصل لا ارتفاع له وأجابوا عن دلايل الثلاثة أما عن الأول فبأن المراد من المفصل ما يقرب منه مجاز للجمع بين الاخبار وعن الثاني بأن الظهر أطلق هنا يحمل على المقيد لان استيعاب الظهر لم يقل به أحد منا كما قال المحقق في المعتبر ولا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يكفي المسح من رؤس الأصابع إلى الكعبين ولو بإصبع واحدة وهو إجماع فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) وعن الثالث بأنه أراد بأهل اللغة لغوية العامة فهم مختلفون وإن أراد لغوية الخاصة فهم متفقون على أنه العظم الناتي في وسط القدم حتى إن العلامة اللغوي عميد الرؤساء صنف في الكعب كتابا مفردا وأكثر فيه من الشواهد على أنه قبة القدم هذا وينبغي أن يذكر ها هنا عبارات الأصحاب والأخبار الواردة في هذا الباب التي ادعوا مخالفة كلام العلامة لهما ليتضح جليه الحال أما عبارات فقد قال ابن الجنيد الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي هو قدام العرقوب وقال السيد المرتضى (ره) الكعبان هما العظمان الناتيان في ظهر القدم عند معقد الشراك وقال ابن أبي عقيل الكعبان ظهر القدم وقال أبو الصلاح الكعبان معقد الشراك وقال الشيخ في أكثر كتبه هما الناتيان في وسط القدم وقال المفيد الكعبان هما قبتا القدمين أمام الساقين ما بين المفصل والمشط وقال ابن إدريس الكعبان هما العظمان اللذان في ظهر القدمين عند معقد الشراك وقال المحقق في المعتبر وعندنا الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقد الشراك وهذا مذهب فقهاء أهل البيت (عليهم السلام) وأما الاخبار فمنها ما نقلنا في الوجه الأول من وجوه العلامة ومنها ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سئلته عن المسح على القدمين كيف فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم فقلت جعلت فداك ولو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه فقال لا إلا بكفه وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب مسح الرأس والقدمين ومنها ما رواه أيضا في الباب المذكور في الحسن عن ميسر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الوضوء واحد ووصف الكعب في ظهر القدم وأورد في موضع أخر هذه الرواية بعينها بذلك السند لكن فيه بدل ميسر ميسرة وبدل واحد واحدة كما في الكافي في باب صفة الوضوء ومنها ما رواه أيضا في الباب المذكور عن ميسر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إلا أحكي لكم وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم أخذ كفا من ماء فصبها على وجهه ثم أخذ كفا فصبها على ذراعه ثم أخذ كفا آخر فصبها على ذراعه الأخرى ثم مسح رأسه وقدميه ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال هذا هو الكعب قال فأومى بيده إلى أسفل العرقوب ثم قال إن هذا هو الظنبوب وما يتعلق بهذا البحث أيضا ما رواه في الباب المذكور في الصحيح عن زرارة وبكر بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في المسح تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك وما رواه أيضا في الصحيح في الباب المذكور عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) إن عليا (عليه السلام) مسح على النعلين ولم يستبطن الشراكين ورواه الفقيه أيضا مرسلا عن أبي جعفر (عليه السلام) في باب صفة وضوء أمير المؤمنين (عليه السلام) بأدنى تغيير وما رواه الكافي في الحسن في أثناء حديث الطست المنقول سابقا في بحث مسح الرأس بمسماه من قول الراوي ثم قال ولا يدخل أصابعه تحت الشراك وما رواه الكافي أيضا في باب مسح الرأس والقدمين عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال توضأ علي عليه السلام فغسل وجهه و ذراعيه ثم مسح على رأسه وعلى نعليه ولم يدخل يده تحت الشراك وإذ قد علمت هذا فاعلم أن المحقق البهائي (ره) قد تعصب للعلامة (ره) وتصدى لتصحيح كلامه ودفع أبحاث القوم عنه فقال الكعب يطلق على معان أربعة الأول العظم المرتفع في ظهر القدم الواقع فيما بين المفصل والمشط الثاني المفصل بين الساق والقدم الثالث عظم مايل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق والقدم له زائدتان في أعلاه يدخلان في حفرتي قصبة الساق وزائدتان في أسفله يدخلان في حفرتي العقب وهو نابت في وسط ظهر القدم أعني وسطه العرضي ولكن نتوه غير ظاهر لحس البصر الارتكاز أعلاه في حفرة الساق وقد يعبر عنه بالمفصل أيضا أما لمجاورته له أو من قبيل تسميه الحال باسم المحل الرابع الناتئين عن يمين القدم وشماله واللذين يقال لهما المنجمان وهذا المعنى الأخير هو الذي حمل أكثر العامة الكعب في الآية عليه وأصحابنا رضي الله عنهم مطبقون على خلافه وأما المعاني الثلاثة الأول فكلامهم قدس الله أرواحهم لا يخرج عنها وإن كان بعض عباراتهم أشد انطباقا على بعضها من بعض فالمعنى الأول ذكره من أصحابنا اللغويين عميد الرؤساء في كتابه الذي ألفه في الكعب وصريح عبارة المفيد طاب ثراه منطبق عليه فإنه قال الكعبان هما قبتا القدمين أمام الساقين ما بين المفصل والمشط والمعنى الثاني ذكره جماعة من أهل اللغة كصاحب القاموس حيث قال الكعب كل مفصل للعظام والرواية الأولى ظاهرة فيه وهو المفهوم بحسب الظاهر من كلام ابن الجنيد والمعنى الثالث هو الذي يكون في أرجل البقر والغنم أيضا وربما يلعب به الناس كما قاله صاحب القاموس وهو الذي بحث عنه علماء التشريح وقال به الأصمعي ومحمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة في كتبهم وهو الكعب على التحقيق عند العلامة (ره) وعبر عنه في بعض كتبه بحد المفصل وفي بعضها بمجمع الساق والمقدم وفي بعضها بالناتي وسط القدم وفي بعضها بالمفصل وصب عبارات الأصحاب عليه وقال في المنتهى بعد ما فسره بالناتي في وسط القدم قد يشتبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى الكعب و الضابط فيه ما رواه زرارة وبكير في الصحيح ثم أورد الرواية الأولى وقال في المختلف يراد بالكعبين هنا المفصل بين الساق والقدم وفي عبارة علمائنا اشتباه على غير
(١٢٠)