عباس إن الوضوء غسلتان ومسحتان وليس ببعيد واحتجوا أيضا بما رواه في التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن صفوان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الوضوء مثنى مثنى والكلام فيه أيضا كالكلام في سابقه مع أن فيه كلاما آخر أيضا من حيث السند لأنهم ذكروا إن صفوان لم يرو عن أبي عبد الله (عليه السلام) بلا واسطة فيكون في الخبر إرسال فيضعف وقد رد بعضهم هذا بأن الارسال هاهنا ليس بضائر للاجماع على تصحيح ما يصح عن صفوان وفيه شئ لاحتمال أن يكون معنى هذا الاجماع إن ما يصح عنه صحيح باعتباره نفسه لا باعتبار ما فوقه أيضا فيكون في الحقيقة راجعا إلى تعديله وتوثيقه وحينئذ لا يجدي في المرام هذا إذا كان المراد صفوان ابن يحيى كما هو الظاهر بالنظر إلى رواية أحمد بن محمد عنه لأن الظاهر أنه أما ابن عيسى أو ابن خالد لرواية الشيخ عنهما وهما لا يرويان عن ابن مهران وإن كان ابن مهران كما هو الظاهر بالنظر إلى رواية عن أبي عبد الله (عليه السلام) فحينئذ الظاهر أن أحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن أبي نصر لأنه يروي عن ابن مهران وعلى هذا فيكون بينه وبين الشيخ واسطة وطريق الشيخ في الفهرست إلى أحد كتابيه ليس بصحيح فكان هذه الرواية منه فإذن يحصل القدح في صحته وإن حمل أحمد بن محمد حينئذ على أحد السابقين بقرينة رواية الشيخ يحصل الارسال بينه وبين صفوان قال الواسطة غير معلومة فعلى أي وجه لا يخلو عن قدح ولا يخفى أن أظهر الاحتمالات أن يكونا ابن أبي نصر وابن مهران لان الارسال في صدر الرواية أكثر منه في أوسطها بغير ذكر فتدبر وبما رواه أيضا في باب أبواب الاحداث في الموثق عن يونس بن يعقوب قال قلت الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين وفيه أيضا ما تقدم وبما رواه أيضا في الباب المذكور عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يؤجر عليه وحكى لنا وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فغسل وجهه مرة واحدة (وذراعيه مرة واحدة) ومسح رأسه بفضل وضوئه ورجليه وفيه أيضا ما تقدم مع أنه ضعيف السند وما في آخر الخبر من حكاية الوضوء (لا يخلو من تأييد لما ذكرناه وبما رواه الفقيه في باب صفة وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال فرض الله الوضوء) واحدة واحدة ووضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوضوء للناس اثنتين اثنتين ويعلم حاله أيضا مما سبق مع أنه مقطوع السند وقد حمله الصدوق على الانكار لا لاخبار وهو بعيد وبما رواه الفقيه أيضا عن عمرو بن أبي المقدام قال حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول أني لأعجب ممن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين وقد توضأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثنتين اثنتين وفيه أيضا ما تقدم مع القدح في السند وقس عليها ما رواه أيضا (إن مرتين أفضل وأنه إسباغ وقد حمل الفقيه الروايات الواردة بالمرتين والاثنتين على التجديد ولا يخلو عن بعد والله أعلم وقد يستدل أيضا) بما رواه التهذيب في الموثق عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من لم يستيقن أن واحدة من الوضوء يجزيه لم يؤجر على الثنتين وجه الاستدلال أن مفهومه هو أن مع اليقين بإجزاء الواحدة يؤجر على الثنتين فيكون الثنتان مستحبا إذ الاجر إنما يكون على المستحب ويمكن أن يقال أنه يجوز أن يكون المراد من منطوق الخبر أن من لم يستيقن بإجزاء الواحدة لم يؤجر على الثنتين أي مجموعهما لا المرة الثانية فقط والحاصل عدم الاجر على هذا العمل أصلا فيكون مفهومه الاجر على هذا العمل مع اليقين بإجزاء الواحدة وهو حاصل أما باعتبار جزئه وأما باعتباره مجموعا أيضا بناء على أنه أحد الفردين الواجبين على قول من يجعل في أمثال هذه الصور الامتثال بالمجموع ولا يلزم منه حصول الاجر على المرة الثانية بنفسها فتدبر (لا المسح فيكره) عدم الاستحباب في تكرار المسح مما لا خفاء فيه لاجماعنا عليه وللروايات المتقدمة المتضمنة لوضوئهم (عليه السلام) حيث لا تكرار فيهما في المسح ولمرفوعة أبي بصير المتقدمة في بحث مسح مقدم الرأس ولأن الامتثال إنما يحصل بواحدة فاستحباب الزايد لا بد له من دليل لأنه حكم شرعي ولا دليل وما تقدم من الروايات الدال على أن الوضوء مثنى مثنى مع معارضتها بما سبق أيضا وورود الايرادات المذكورة عليها غير ظاهرة في شمول المسح لاحتمال اختصاصها بالغسل وأما مرسلة يونس المتقدمة في بحث النكس في مسح القدم فلا دلالة لها على التكرار لاحتمال المعنيين اللذين ذكرناهما هناك وأما كراهة التكرار فقد عللوه بأنه تكليف ما لا يحتاج إليه وفيه ضعف ظاهر ويفهم من ظاهر المبسوط والخلاف التحريم وعده ابن حمزة من التروك المحرمة وابن إدريس جعله بدعة ووجه الكل غير ظاهر واحتمل المصنف في الذكرى أن يكون مرادهم التكرار مع اعتقاد شرعيته وفيه أيضا كلام سيجئ في البحث التالي إنشاء الله تعالى نعم لا بأس بالقول بالكراهة للشهرة بين الأصحاب بل الاجماع ظاهرا لكن لا خلاف في عدا إبطال الوضوء به كما ذكره ابن إدريس في السرائر ويحرم الثالث لاخفاء في عدم استحباب الغسلة الثالثة للاجماع وللروايات المتقدمة آنفا في بحث تثنية الغسل وأما ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن داود بن زرين قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوضوء فقال لي توضأ ثلاثا ثلاثا قال ثم قال لي أليس تشهد بغداد وعساكرهم قلت بلى قال فكنت يوما أتوضأ في دار المهدي فرآني بعضهم وأنا لا أعلم به فقال كذب من زعم أنك فلأني وأنت تتوضأ هذا الوضوء فقال فقلت لهذا والله أمرني فمن باب التقية كما يدل عليه عجز الرواية والقصة كما نقل في الكشي صريحة في هذا المعنى واحتمل المحقق البهائي (ره) أن يكون المراد من تثليث الوضوء تثليث الغسل بمعنى غسل الرجل أيضا إذ التقية فيه أظهر من التقية في تثليث عدد الغسلات والله أعلم ثم المشهور بين الأصحاب تحريمها كما في الذكرى وقال ابن بابويه في كتابه من توضأ اثنتين لم يؤجر ومن توضئ ثلاثا فقد أبدع والشيخ أيضا في المبسوط قال والثالثة بدعه وفي النهاية أيضا حكم بذلك وقال ابن أبي عقيل وابن الجنيد بعدم التحريم وهو الظاهر من كلام المفيد في المقنعة حيث قال والثالثة كلفة واحتج القائلون بالتحريم بأنها إحداث في الدين ما ليس منه فيحرم ويمنعها عن الموالاة الواجبة بأنها بدعة لما تقدم من رواية بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) في بحث تثنية الغسل فيكون حراما لما رواه أصول الكافي في باب البدع عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ولما رواه أيضا في هذا
(١٣٤)