أيضا لكن ابن إدريس نسب إلى بعض الأصحاب القول بالتحريم ويظهر منه أنه الصدوق والشيخ أيضا في الخلاف ونسب التحريم إلى بعض الأصحاب وبالجملة الظاهر عدم الاستحباب وأما الحرمة بل الكراهة أيضا فلا لنا الروايات الكثيرة المتقدمة في صفة الوضوء المتضمنة لفعلهم (عليه السلام) مرة مرة وما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن أبي عبيدة الحذاء قال وضأت أبا جعفر (عليه السلام) بجمع وقد بال فناولته ماء فاستنجى ثم صببت عليه كفا فغسل به وجهه وكفا غسل به ذراعه الأيمن وكفا غسل به ذراعه الأيسر ثم مسح بفضل النداء رأسه ورجليه وما رواه الكافي في باب صفة الوضوء في الصحيح عن حماد بن عثمان قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا بماء فملأ به كفه فعم به وجهه ثم ملا كفه فعم به يده اليمنى ثم ملا كفه فعم به اليسرى ثم مسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا قال الكافي يعني به التعدي في الوضوء ويمكن أن يكون مراده (عليه السلام) معناه الظاهر وكونه ما فعله (عليه السلام) وضوء من لم يحدث باعتبار عدم غسل اليد قبل الوضوء إذ المحدث يستحب له غسل اليد كما تقدم وما رواه الكافي أيضا في الباب المذكور في الصحيح عن زرارة قال حكى لنا أبو جعفر (عليه السلام) وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعا بقدح وأخذ كفا من ماء فأسدله على وجه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعا ثم أعاد يده اليسرى في الاناء فأسدلها على يده اليمنى ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الاناء فصبها على اليسرى ثم صنع بها كما صنع باليمنى ثم مسح بما بقي في يده رأسه ورجليه ولم يعدهما في الاناء وهذه الرواية في التهذيب أيضا في باب صفة الوضوء ببعض التغييرات وقد نقلنا بعضا منها في بحث البدئة بأعلى الوجه وما رواه الكافي أيضا في الباب المذكور في الحسن عن بكير بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال ألا أحكي لكم وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ بكفه اليمنى كفا من ماء فغسل به وجهه ثم أخذ بيده اليسرى كفا فغسل به يده اليمنى ثم أخذ بيده اليمنى كفا من ماء فغسل به يده اليسرى ثم مسح بفضل يديه رأسه ورجليه وما رواه الكافي أيضا في الباب المذكور في الموثق عن عبد الكريم قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوضوء فقال ما كان وضوء علي (عليه السلام) إلا مرة مرة وهذه الرواية في التهذيب أيضا لكن بسند ضعيف قال الكافي بعد نقل هذه الرواية هذا دليل على أن الوضوء إنما هو مرة مرة لأنه (صلى الله عليه وآله) كان إذا أورد عليه أمران كلاهما لله طاعة أخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه وإن الذي جاء عنهم (عليهم السلام) أنه قال الوضوء مرتان إنه هو لو لم يقنعه مرة واستزاده فقال مرتان ثم قال ومن زاد على مرتين لم يوجر وهو أقصى غاية الحد في الوضوء الذي من تجاوزه أثم ولم يكن له وضوء وكان كمن قد صلى الظهر خمس ركعات ولو لم يطلق (عليه السلام) في المرتين لكان سبيلهما سبيل الثلاثة انتهى كلامه رفع مقامه وما رواه التهذيب في الباب المذكور عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الوضوء واحدة فرض واثنتان لا يؤجر والثالث ردعة وما رواه أيضا في هذا الباب عن يونس بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوضوء للصلاة فقال مرة مرة وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب صفة الوضوء وما تقدم من حسنة زرارة أو صحيحة في بحث مسح مقدم الرأس من قوله (عليه السلام) إن الله وتر إلى آخره وما تقدم من حسنة ميسر في بحث الكعب وما رواه الفقيه في باب صفة وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال وقال الصادق (عليه السلام) والله ما كان وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا مرة مرة وتوضأ النبي (صلى الله عليه وآله) مرة مرة فقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به واعلم إن هذه الروايات وإن أمكن المناقشة في بعضها بحمله مثلا على أن المراد صفة الوضوء البياني وأقل ما يجب وإن عدم الاجر باعتبار اعتقاد الوجوب وبضعف السند لكن بعضها مما لا يحتمل هذه المناقشات والبعض الذي يحتملها يؤيده في المطلب فيحصل من جميعها ظن قوى بالمراد كما يحكم به الوجدان هذا ما يدل على عدم الاستحباب وأما عدم الحرمة والكراهة فلعدم دليل عليهما مع اعتضاده ببعض الروايات الآتية واحتج القائلون بالاستحباب بما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوضوء فقال مثنى مثنى وفيه أنه لا دلالة له على الاستحباب لجواز أن يكون مراده (عليه السلام) بيان القدر الذي رخص فيه للناس الذي لا يجوز التجاوز عن والحاصل إن الثنتين إنما هو من باب الرخصة لا الاستحباب ويؤيده ما رواه الكشي عن حمدويه وإبراهيم قالا حدثنا محمد بن إسماعيل الرازي قال حدثني أحمد بن سليمان قال حدثني داود الترقي قال دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت جعلت فداك كم عدة الطهارة فقال ما أوجب الله تعالى فواحدة فأضاف إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لضعف الناس ومن توضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له فإن هذا مشعر بأن إضافة الرسول (صلى الله عليه وآله) مرة أخرى إنما هو من باب التسهيل والرخصة لا من باب الرجحان والأولوية فإن قلت ما معنى الإضافة والازدياد لضعف الناس ورخصتهم بل ينبغي أن يكون الامر بخلافه قلت وجهه أن المرة الواحدة إنما تحتاج إلى مبالغة كثيرة ليتحقق الغسل ويطمئن الخاطر فيسبب تجويز المرتين ورخصة الناس في التكرار يرتفع عنهم كلفة المبالغة ومشقتها فصح تعليل الإضافة بضعفهم وأيضا يجوز أن يكون المراد بضعفهم ضعف عقولهم حيث لم يقاوم بالوساوس الوهمية التي تعرض لهم في وصول الماء إلى جميع العضو عند الاكتفاء بالمرة الواحدة ويعلق خاطرهم كما تشاهد من أنفسنا فحيث جوز المرتان يزول عنهم ذلك الوسواس وتطمئن قلوبهم لجزمهم التام حينئذ بأنه لو لم يصل في المرتبة الأولى إلى الجميع لوصل في الثانية البتة وها هنا كلام آخر وهو أنه يجوز أن يكون المراد بمثنى بمثنى الغرفتين لغسلة واحدة لا الغسلتين والكلام إنما هو في الغسلتين كما صرح به المصنف (ره) في الذكرى ويؤيده ما رواه التهذيب والكافي في آخر حديث الطست المنقول سابقا حيث قال الراوي فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزء للوجه وغرفة للذراع فقال نعم إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كله وحينئذ يصير توجيه ما رويناه عن الكشي أظهر هذا وقد حمله المحقق إليها في علي معنى آخر وهو أنه يجوز أن يكون المراد غسلتين ومسحتين خلافا للعامة حيث أنهم يقولون بغسلات ومسحة وأيده بما روى ابن
(١٣٣)