الباب عن الفضل بن شاذان رفعه عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه لسلام) قالا كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار إلى غير ذلك من الروايات الواردة في ذم البدعة وقد يريد أيضا بما روى في الكافي والفقيه من أن الوضوء حد من حدود الله تعالى ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ويرد على الأول أنه إن أردتم بالاحداث في الدين ما ليس منه أنه يفعل في الوضوء ما ليس من واجباته ومستحباته فهو مسلم لكن لا نسلم تحريمه وهو ظاهر وإن أردتم أنه يدخل في أحكام الله تعالى ما ليس حكمه تعالى فحينئذ أما إن أريد بالحكم الذي يدخله في أحكام الله مع أنه ليس منها الحكم باستحباب الثالثة أو الحكم بإباحتها فإن كان الثاني فغير مسلم إذ هو أول البحث وإن كان الأول فنقول إن غاية ما يلزم منه تحريم اعتقاد ندبيتها لا فعلها بدون ذلك الاعتقاد بل مع الاعتقاد أيضا والكلام إنما هو في حرمة الفعل لا الاعتقاد كما هو الظاهر اللهم إلا أن يكون الكلام فيه شئ آخر وهو إن حرمة ذلك الاعتقاد أيضا ممنوعة لان الاعتقاد لو كان ناشئا من الاجتهاد أو التقليد لا وجه لحرمته غاية الأمر أن يكون خطأ ولا إثم على الخطأ كما تقرر هاهنا عندهم اللهم أن يجعلوا هذا الحكم من قبيل الضروريات وفيه مع أنه خلاف الواقع إنه يلزم حينئذ الحكم بكفر معتقده لا بتأثيمه فقط مع أن الظاهر أنه لا يقول به أحد أو يقول أنه لم يصل إلى حد الضرورة لكنه ظاهر جدا قريب من الضرورة ومخالفته مثل هذه الأحكام حرام لكن لم يصل إلى حد الكفر والله أعلم وعلى الثاني أنه مبنى على وجوب الموالاة بمعنى المتابعة وقد علمت ما فيه مع أن الظاهر أن القائلين بالوجوب أيضا لا يعتدون بأمثال تلك الفواصل وعلى الثالث إن الرواية غير نقية السند وعلى التأييد أنه محمل لا يفهم المراد منه ظاهرا وتمسك القائلون بأنها بدعة بأنها ليست مشروعة فإذا اعتقد التشريع أثم ولأنه يكون إدخالا في الدين ما ليس منه فيكون مردودا بقوله (عليه السلام) من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد ولا نعنى بالبدعة إلا ذلك هكذا قاله المحقق في المعتبر ويمكن الاحتجاج بالمرسلة المذكورة أيضا وأنت بعد الاطلاع على ما ذكرنا آنفا لا تحتاج إلى تفصيل القول فيه وحجة القول بعدم التحريم الأصل ورواية زرارة المتقدمة في بحث تثنية الغسل من أن الوضوء مثنى مثنى من زاد له يؤجر عليه واعترض عليه بأن عدم الاجر لا ينافي التحريم مع أنها ضعيفة السند ولا يذهب عليك أنه يمكن إجراء جميع ما ذكرنا في تثليث الغسلات في تثليث المسح أيضا هذا وقد ظهر بما ذكرنا إن إثبات التحريم مشكل لكن الاحتياط أن لا يزيد على الثنتين بل على الغرفتين وتمام الاحتياط أن لا يزيد على غرفة واحدة للروايات المتضمنة لوصف وضوئهم (عليهم السلام) وعدم ظهور معارض قوي لما عرفت من الاحتمال في الروايات الواردة بالمرتين والثنتين فإن قلت ما تقول في رواية الغرفة المتقدمة أليس لها ظهور أيضا في جواز الغرفتين قلت كأنها كذلك لما ذكره بعض الأصحاب من أنه يجوز أن يكون اللام في الثنتان إشارة إلى الغرفتين المذكورتين سابقا غرفه للوجه وغرفه للذراع ويكون المراد أن الغرفتين تأتيان على الوجه والذراع ولا حاجة إلى الزيادة فإن قلت هب أن هذه العبارة ليست ظاهرة في جواز الغرفتين لكن ما تقول في قوله (عليه السلام) نعم إذا بالغت فيها فإن المفهوم منه أن مع عدم المبالغة لابد من الاثنتين وهو صريح في الجواز قلت لا نسلم أن المفهوم منه إن مع عدم المبالغة لابد من الاثنتين بل المفهوم منه أنه لا يجزي الغرفة مع عدم المبالغة وهو أعم مما ذكر لجواز البطلان مع عدم المبالغة وإيصال الماء إلى الجميع بغرفة واحدة ويبطل إن مسح بمائها أي ماء الثالثة اختلف الأصحاب فيه على أربعة أقوال كما هو الظاهر الأول بطلان الوضوء بالغسلة الثالثة سواء مسح بمائها أو لا وهو الظاهر من أبى الصلاح الثاني عدم البطلان مطلقا سواء مسح بمائها أو لا وهو مختار المعتبر والثالث البطلان إن مسح بمائها مطلقا سواء كانت الغسلة في اليد اليسرى أو لا وهو ظاهر هذا الكتاب والذكرى والرابع البطلان إن كانت باليد اليسرى ومسح بمائها وهو مختار العلامة (ره) في النهاية والذكرى يمكن أن يستدل به على المذهب الأول ما رويناه سابقا في بحث تثنية الغسل عن الكشي وذكر أيضا بعد ما روينا عنه عقيب قصة طويلة ثم قال يا داود بن زرمين توضأ مثنى مثنى ولا تزدن عليه فإنك إن زدت عليه فلا صلاة لك وهذه الرواية ظاهرة في المراد لكن فيها أحمد بن سليمان وهو غير موثوق وما رواه الفقيه في باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله مرسلا قال وقال (عليه السلام) من تعدى في وضوئه كان كناقضه وفيه أيضا القدح في السند للارسال مع أن في ظهور الدلالة أيضا مناقشة وحجة القول الثاني الأصل وصدق الامتثال وعدم دليل صالح للاخراج لما عرفت من ضعف دليل القول الأول وستعرف ضعف دليل القولين الأخيرين أيضا حجة القول الثالث أنه يستلزم المسح بماء جديد فيبطل وفيه ما عرفت سابقا في بابه إن بطلان الاستيناف مطلقا مما لا دليل عليه نعم في بعض الصور كأنه يمكن التمسك بالاجماع وما نحن فيه ليس منه وأيضا غاية ما يلزم من دلايل بطلان الاستيناف وجوب المسح ببقية ماء الوضوء وهو هاهنا حاصل لان اليد حينئذ لا ينفك عن ماء الوضوء الأصلي كما ذكر المعتبر فإن قلت قد تقدم سابقا أن ابن الجنيد المخالف في حكم الاستيناف إنما خالف الأصحاب في جواز الاستيناف عند جفاف الأعضاء وأما عند رطوبتها فهو أيضا موافق لهم وما ذكرته من جواز الاستيناف حينئذ يكون مخالفا للاجماع وأيضا لو لم يكن أخذ الماء الجديد مع رطوبة اليد بماء الوضوء استينافا ومبطلا باعتبار بقاء ماء الوضوء كما هو رأي هذا الفريق فكيف يتصور حينئذ القول بأن الاستيناف مع رطوبة الأعضاء مبطل اتفاقا قلت القول بعدم جواز الاستيناف مع رطوبة الأعضاء لا ينافي القول الذي ذكرنا لأن عدم الجواز فيما إذا كان بعض الأعضاء مثلا رطبا واليد جافة فيستأنف حينئذ ماء باليد ويمسح وهذا هو الذي نقلوا الاجماع عليه والجواز فيما إذا كان اليد رطبة ومع ذلك يأخذ ماء جديدا مع أن ما ذكرته من خلاف الاجماع يمكن أن يدفع بوجه آخر وهو أن ابن الجنيد كما لخالف الأصحاب في جواز
(١٣٥)