بعضه بعضا لان المفهوم من المتابعة فعل كل واحد عقيب الاخر والجواب منع كون المفهوم من المتابعة فعل كل عقيب الاخر بلا فضل بل فعله عقيبه الذي هو الترتيب بل هو الظاهر بقرينة السياق وأولوية التأسيس من التأكيد لا ظهور لها مطلقا سيما هاهنا لمعارضة السياق ويؤيد هذا المعنى وقوعها في رواية زرارة المتقدمة في بحث الترتيب أيضا بمعنى الترتيب الرابع الاحتياط وجوابه ظاهر الخامس الوضوء البياني وقوله (عليه السلام) بعده هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الآية ووجه الاستدلال والجواب عنه قد مر غير مرة السادسة صحيحة زرارة وموثقة أبي بصير المتقدمتان سابقا في بحث الترتيب وجه الاستدلال بهما أنه لو لم يكن الموالاة واجبة لما حكم بإعادة غسل الوجه والجواب إنك قد عرفت سابقا توجيه صحيحة زرارة وإنها لا تدل على إعادة غسل الوجه ولو سلم فقد مر أيضا أنه يمكن أن يكون الامر بالإعادة لعدم مقارنة النية فلم يتم الاستدلال على وجوب الموالاة وأيضا لا وجه للقول بأن الإعادة ها هنا لفوات الموالاة إذ ليس في الخبر على تقدير حمل السؤال على أنه سؤال واحد إشعار بوقوع فصل بعد غسل الوجه ولو حمل على السؤالين أيضا ليس في السؤال الأول ما يشعر بذلك فالحكم الإعادة مطلقا لأجل فوات الموالاة لا يصح إلا بارتكاب تخصيص وتقييد وليس ارتكابهما أولى من ارتكاب التجوز بحمل الإعادة لو سلم فهمها على الاستحباب على أنه قد مر غير مرة إن الامر في أحاديثنا ليس بظاهر في الوجوب وأيضا قد ظهر من بعض الروايات المتقدمة في بحث الترتيب عدم الاحتياج إلى استيناف الوضوء عند تقديم بعض الأعضاء على بعض أو نسيانه وكذا في بحث استيناف الماء فقد عارض هذه الصحيحة والرجحان معه لتأييده بالأصل وأما موثقة أبي بصير فيجري فيها أيضا بعض ما ذكر مع أن الجزء الأخير منها قرينة على أن الامر بإعادة غسل الوجه في الأول ليس لفوات الموالاة وإلا لوجب إعادته في الصورة الثانية أيضا مع أن الظاهر منها عدم وجوبها كما لا يخفى هذا كله مع أن من احتج بهما كالعلامة (ره) لا يقول بالبطلان بترك الموالاة والاستدلال بهما لو تم لدل على البطلان وقد يستدل أيضا بما رواه الكافي في باب الشك في الوضوء عن حكم بن حكيم قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي من الوضوء الذراع والرأس قال يعيد الوضوء إن الوضوء يتبع بعضه بعضا وجه الاستدلال إن المتابعة لو لم يكن واجبة لما حكم (عليه السلام) بالإعادة وأيضا تعليل الإعادة بأن الوضوء يتبع بعضه بعضا يدل على أن المراد بالمتابعة عدم الفصل لا الترتيب لان حصول الترتيب لا يتوقف على إعادة الوضوء بل يكفي فيه الاتيان على العضو المنسي وبما بعده والجواب إنك خبير بأن حمل الرواية على ظاهرها من إعادة الوضوء مطلقا لا معنى له لما عرفت من ورود الروايات الكثيرة بعدم الإعادة حال حال النسيان مع أن مذهبهم أيضا ليس الإعادة مطلقا فلا بد من الجمع بينهما بحمل هذه الرواية على الفصل الكثير أو الجفاف والروايات السابقة على ما يقابلهما والظاهر الثاني لاشعار بعض من تلك الروايات المتضمنة لعدم الإعادة بوقوع الفصل الكثير وبعضها أيضا على مراعاة الجفاف وعلى هذا فلا دلالة وأما ما ذكره من التعليل ففيه إن بعد ما علمت من ظهور الحمل على الإعادة مع الجفاف لا بد أن يحمل المتابعة على ما يوافقه نحو ما حملنا التبعيض عليه آنفا ويمكن أيضا أن يحمل إعادة الوضوء على الاتيان بما نسي وإعادة ما بعده هذا كله مع أن الرواية ضعيفة السند وقس عليه أيضا الاستدلال بما رواه التهذيب في الباب المذكور في الموثق عن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من نسي مسح رأسه أو قدميه أو شيئا من الوضوء الذي ذكره الله في القرآن كان عليه إعادة الوضوء والصلاة هذا وأما على الجزء الثاني أي عدم البطلان إلا مع الجفاف فيتحقق الامتثال مع الاخلال بالمتابعة في غسل المغسول ومسح الممسوح فلا يكون قادحا في الصحة هكذا ذكره المحقق والعلامة رحمهما الله وأنت خبير بأن وجوب المتابعة بهذا المعنى لو استنبط من الروايات الدالة على وجوب المتابعة فما ذكراه موجه لان الامر بالوضوء مطلق وهذه الروايات لا ظهور لها في تقييدها إياه بل إنما يدل على وجوب المتابعة فقط فعند الاتيان بالوضوء بدون المتابعة يتحقق امتثال ذلك الامر وإن خولف تلك الأوامر وأما لو استنبط من فورية الامر أو من الوضوء البياني كما أورداهما أيضا في طي الأدلة ففيه نظر كما لا يخفى وأما القول بالثالث اي وجوب المتابعة وبطلان الوضوء بالاخلال بها اختيارا وإن لم يجف وعدم البطلان به اضطرارا لا مع الجفاف فعلى تقدير تحققه الاستدلال على جزئيه الأولين والجواب عنه إنما يستخرج من الكلمات السابقة وأما الجزء الأخير فيمكن الاستدلال عليه بالاجماع وبمفهوم قوله (عليه السلام) في موثوقة أبي بصير المتقدمة حتى يبس وضوئك هذا والاحتياط يقتضي الإعادة مع الجفاف (مطلقا إلا لضرورة) مثل فرط الحر وشبهه وكذا مع الاخلال بالمتابعة اختيارا وكذا ترك الاخلال بالمتابعة اختيارا احتياطا للحرمة فلو والى رجف بطل إلا مع إفراط الحر وشبهه) قد تقدم القول فيه (ولو فرق ولم يجف فلا أثم ولا إبطال إلا أن يفحش التراخي فيأثم مع الاختيار) وجه عدم الاثم والابطال بالتفريق مع عدم التفاحش قد ظهر مما سبق وأما الاثم مع التفاحش فلم يظهر له وجه لان ما ذكرنا سابقا إنما يدل على عدم الاثم بالتراخي مطلقا سواء كان متفاحشا أو لا إلا إذا جف فإنه حينئذ يحصل الاثم مع الاختيار بناء على حرمة إبطال العمل أو إجماع إن كان وأما الاثم بالتراخي مع التفاحش وإن لم يجف فلا وجه له ظاهرا ولم نقف في كلام الأصحاب أيضا على القول بهذا التفصيل الذي ذكره المصنف ولعل وجهه أنه مع التفاحش لا يصدق عليه المتابعة ويندرج تحت التبعيض ورفعه ظاهر مما سبق مع أنه لو سلم اندراجه تحت التبعيض لكان الظاهر لزوم البطلان أيضا لا مجرد الاثم فتدبر ثم أين الجفاف الذي يراعى في صحة الوضوء وعدمه هل هو جفاف جميع الأعضاء المتقدمة على العضو المفرق أو بعض ما تقدم والعضو السابق ظاهر الأكثر الأول وصرح ابن الجنيد بالثاني وظاهر المرتضى وابن إدريس الثالث هكذا ذكره المصنف في الذكرى وما ذكره الشيخ في الخلاف وإن جفت أعضاء الطهارة أعاد الوضوء وإن بقي في يده نداوة بنى على ما قطع عليه فكان مراده فيه من بقاء النداوة على اليد بقاؤها في الجملة وإنما ذكر اليد على سبيل التمثل بقرينة مقابلته لجفاف أعضاء الطهارة فيرجع إلى المشهور
(١٢٩)