مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٩٦
لو أراد إن النوم ليس غاية أصلا وليس الوضوء لأجله بل إنما هو للطهارة في أن قبله فقط ففساده ظاهر لأنه خلاف ما في الرواية وقد ذكرنا وجها صحيحا في معنى غايته فلم يعدل عنه وإن أراد أنه غاية لكن باعتبار الوقوع على الطهارة لا معها كما ذكرنا فهو مسلم لكن هذا لا يستلزم ممازية كونه غاية إذ غاية الوضوء ما يحصل له إباحة أو فضيلة بسبب الطهارة الحاصلة من الوضوء سواء كانت مع ذلك الشئ أو قبله ولا استبعاد في إيراث الطهارة المتقدمة فضيلة في ذلك الشئ بعدها كما يورث الوضوء المتقدم الطهارة بعده ولا يخفى عليك أنه على هذا يجري الاحتمالات الثلاثة المذكورة في قصد النوم أيضا مع ما يتعلق بها من الأبحاث فقس عليها واستيقظ واعلم إن ورود الاشكال والاحتياج إلى دفعه إنما هو على رأيهم من أن الوضوء إنما هو لرفع الحدث فيما يمكن أن يكون رافعا وأما على ما ذكرنا من عدم تسليم هذا وأشباهه فالامر ظاهر إذ يجوز أن يكون أثر الوضوء أمرا آخر غير رفع الحدث باقيا حال النوم كما لا يخفى وقد بقي في المقام شئ وهو أنه هل يشترط في صحة الوضوء المندوب أو الواجب الذي لغير الصلاة نية رفع الحدث أو الاستباحة لمشروط بالطهارة إذا أمكن تحققهما فيه أم لا أما على ما اخترناه من عدم اشتراطهما في الوضوء الواجب للصلاة فعدم الاشتراط فيما عداه ظاهر بالطريق الأولى سيما مع أنه لم يظهر عندنا ما ذكروه من معنى الحدث وأن الغرض من هذه الطهارات إنما هو رفعه وأما على مختارهم فالظاهر أنهم يقولون بالاشتراط أيضا فيما يكون مشروطا برفع الحدث مثل الصلاة المندوبة والطواف وإن كان دليلهم على تقدير تمامه إنما يدل على الاشتراط في الوضوء الواجب للصلاة إلا أن يتمسك بما ذكرناه (سابقا وأما فيما لا يكون مشروطا فلم نظفر بشئ ظاهر فيه أو إن كان كلام المصنف في الذكرى يشعر أدنى إشعارا بالاشتراط وما يمكن أن يتمسك به ما ذكرناه) ولا يخفى أنه على تقدير تمامه إنما يدل على وجوب أحد الأمور الثلاثة من الرفع والاستباحة والاستكمال على تقدير أن يكون قصد ما يستلزم الاستكمال الذي يجب قصده كافيا كما ذكروه في الرفع والاستباحة في الوضوء الواجب إذ الرفع والاستباحة مستلزم للاستكمال بزعمهم كما مر وإن لم يكن قصد ما يستلزمه كافيا فإنما يجب قصد الاستكمال بخصوصه وقال المحقق الثاني (ره) في شرح القواعد في هذا المقام ويحتمل الاكتفاء بنية الغاية متمسكا بعموم قوله (عليه السلام) إنما لكل امرئ ما نوى ويظهر من كلام المصنف (ره) في الوضوء للتكفين فإنه استحب لذلك تردد و في الدخول به في الصلاة انتهى لا يذهب عليك إن ما ذكره من العلامة (ره) ليس ظاهرا فيما ادعاه لان كلامه إنما هو في وضوء الغاسل للتكفين قبل غسل المس وهو مما يجامع الحدث الأكبر وعدم اشتراط قصد الرفع والاستباحة فيه مما لا ريب فيه إنما الكلام فيما عداه فإن قلت إذا كان كلامه في هذا الوضوء فكيف يصح تردده في الدخول به في الصلاة إذ لا يصح الدخول حينئذ قطعا قلت مراده أنه يجوز به الدخول في الصلاة بانضمام الغسل يظهر ما ذكرناه من ملاحظة كلامه في النهاية والحاصل إن الظاهر بناء على كلمات القوم الدائرة بينهم ومعتقداتهم المشهورة عندهم أن يقولوا بوجوب قصد الاستكمال أو الرفع والاستباحة في الوضوء للغايات المذكورة ويمكن أيضا القول بالاكتفاء بقصد الغاية مجملا لما مر من أن يصرف إلى القصد الصحيح لقضاء العرف فلو لم يقولوا بأحد هذين القولين بل أما أن يقولوا بعدم وجوب القصد إلى شئ من الأمور الأربعة أو بتعيين قصد الرفع أو الاستباحة أو غير ذلك فيتوجه عليهم الايراد بأنهم نقضوا مقالتهم وخالفوا عقيدتهم ومن ها هنا ظهر توجه مناقشة على العلامة في بحث الوضوء للتكفين حيث قال في التذكرة الأقرب عدم الاكتفاء بهذا الوضوء في الصلاة إذا لم ينو رفع الحدث وكذا في القواعد حاصلها أنهم كما يقولون في الغايات إلي لا تجامع الحدث الأكبر أن الغرض من شرعية الوضوء لها إنما هو رفع الحدث فيجب قصده أو قصد ما يؤدي مؤداه فلا حد أيضا أن يقول إن الغرض من الوضوء للتكفين إنما هو رفع الحدث الحاصل من الوضوء وإن لم يكن رفعا تاما لأنه هذا الوضوء إنما يمكن أن يرفع قدرا من الحدث كما اعترف به من أنه عند نية الرفع يصح الدخول به في الصلاة بعد انضمام الغسل فيجب حينئذ أيضا أما قصد رفع ذلك القدر أو ما يستلزمه كما في نظائره والفرق تحكم فلم حكم بصحة هذا الوضوء للتكفين بدون القصد المذكور فتأمل في المقام هذا ليظهر لك ما في الزوايا من الجنايا (ولو ضم المنافي بطل ولو ضم التبرد وغيره من اللوازم فوجهان) المراد بالمنافي الرياء وفيه إن القربة إن كانت هي القصد إلى امتثال أمر الله وموافقة إرادته فقط فجميع ما سوى ذلك من القصود مناف لها سواء كان رياء أو غيره وإن كان القصد إلى موافقة أمر الله في الجملة فالرياء أيضا ليس بمناف له وإن قيل أنها الامتثال لأمر الله بدون أن يكون القصد مراءات الناس فحينئذ كيف يمكن ضم الرياء إلى القربة والحاصل إن المنافاة إن كانت بالمعنى المتعارف فلا يمكن الضم وإن كانت بمعنى المخالفة فلا اختصاص لها بالريا ولعل المراد المعنى المتعارف وأريد بضمة الضم بحسب بادي النظر وإن لم يكن عند التحقق للمنافاة والامر في مثله بعد وضوح المراد سهل ثم اعلم إن الامر في وجوب القربة واشتراطها إنما يحتمل أوجها وجوبها في الجملة أي سواء كانت مستقلة أو لاشتراطها كذلك وجوب استقلالها واشتراطه والاستقلال أما بالنسبة إلى الرياء أو غيره فها هنا ستة أمور أما الأول فقد ذكرنا سابقا أن العلامة (ره) في المختلف ادعى الاتفاق عليه وأوردنا أيضا بعض الاستدلالات والأبحاث وأما الثاني فالظاهر وقوع الخلاف فيه لأنهم نقلوا عن المرتضى (ره) إن الصلاة بقصد الريا صحيحة بمعنى إسقاط القضاء والعقاب لكنها لا يوجب الثواب والظاهر إطراد الحكم في غير الصلاة أيضا كالوضوء ونحوه بالطريق الأولى وكذا في غير الرياء أيضا من القصود التي يخالف القربة فإن قلت إن كان المرتضى (ره) قائلا بأن الصلاة بقصد الرياء مسقطة للعقاب فيلزم من ذلك وقوع
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336