لو أراد إن النوم ليس غاية أصلا وليس الوضوء لأجله بل إنما هو للطهارة في أن قبله فقط ففساده ظاهر لأنه خلاف ما في الرواية وقد ذكرنا وجها صحيحا في معنى غايته فلم يعدل عنه وإن أراد أنه غاية لكن باعتبار الوقوع على الطهارة لا معها كما ذكرنا فهو مسلم لكن هذا لا يستلزم ممازية كونه غاية إذ غاية الوضوء ما يحصل له إباحة أو فضيلة بسبب الطهارة الحاصلة من الوضوء سواء كانت مع ذلك الشئ أو قبله ولا استبعاد في إيراث الطهارة المتقدمة فضيلة في ذلك الشئ بعدها كما يورث الوضوء المتقدم الطهارة بعده ولا يخفى عليك أنه على هذا يجري الاحتمالات الثلاثة المذكورة في قصد النوم أيضا مع ما يتعلق بها من الأبحاث فقس عليها واستيقظ واعلم إن ورود الاشكال والاحتياج إلى دفعه إنما هو على رأيهم من أن الوضوء إنما هو لرفع الحدث فيما يمكن أن يكون رافعا وأما على ما ذكرنا من عدم تسليم هذا وأشباهه فالامر ظاهر إذ يجوز أن يكون أثر الوضوء أمرا آخر غير رفع الحدث باقيا حال النوم كما لا يخفى وقد بقي في المقام شئ وهو أنه هل يشترط في صحة الوضوء المندوب أو الواجب الذي لغير الصلاة نية رفع الحدث أو الاستباحة لمشروط بالطهارة إذا أمكن تحققهما فيه أم لا أما على ما اخترناه من عدم اشتراطهما في الوضوء الواجب للصلاة فعدم الاشتراط فيما عداه ظاهر بالطريق الأولى سيما مع أنه لم يظهر عندنا ما ذكروه من معنى الحدث وأن الغرض من هذه الطهارات إنما هو رفعه وأما على مختارهم فالظاهر أنهم يقولون بالاشتراط أيضا فيما يكون مشروطا برفع الحدث مثل الصلاة المندوبة والطواف وإن كان دليلهم على تقدير تمامه إنما يدل على الاشتراط في الوضوء الواجب للصلاة إلا أن يتمسك بما ذكرناه (سابقا وأما فيما لا يكون مشروطا فلم نظفر بشئ ظاهر فيه أو إن كان كلام المصنف في الذكرى يشعر أدنى إشعارا بالاشتراط وما يمكن أن يتمسك به ما ذكرناه) ولا يخفى أنه على تقدير تمامه إنما يدل على وجوب أحد الأمور الثلاثة من الرفع والاستباحة والاستكمال على تقدير أن يكون قصد ما يستلزم الاستكمال الذي يجب قصده كافيا كما ذكروه في الرفع والاستباحة في الوضوء الواجب إذ الرفع والاستباحة مستلزم للاستكمال بزعمهم كما مر وإن لم يكن قصد ما يستلزمه كافيا فإنما يجب قصد الاستكمال بخصوصه وقال المحقق الثاني (ره) في شرح القواعد في هذا المقام ويحتمل الاكتفاء بنية الغاية متمسكا بعموم قوله (عليه السلام) إنما لكل امرئ ما نوى ويظهر من كلام المصنف (ره) في الوضوء للتكفين فإنه استحب لذلك تردد و في الدخول به في الصلاة انتهى لا يذهب عليك إن ما ذكره من العلامة (ره) ليس ظاهرا فيما ادعاه لان كلامه إنما هو في وضوء الغاسل للتكفين قبل غسل المس وهو مما يجامع الحدث الأكبر وعدم اشتراط قصد الرفع والاستباحة فيه مما لا ريب فيه إنما الكلام فيما عداه فإن قلت إذا كان كلامه في هذا الوضوء فكيف يصح تردده في الدخول به في الصلاة إذ لا يصح الدخول حينئذ قطعا قلت مراده أنه يجوز به الدخول في الصلاة بانضمام الغسل يظهر ما ذكرناه من ملاحظة كلامه في النهاية والحاصل إن الظاهر بناء على كلمات القوم الدائرة بينهم ومعتقداتهم المشهورة عندهم أن يقولوا بوجوب قصد الاستكمال أو الرفع والاستباحة في الوضوء للغايات المذكورة ويمكن أيضا القول بالاكتفاء بقصد الغاية مجملا لما مر من أن يصرف إلى القصد الصحيح لقضاء العرف فلو لم يقولوا بأحد هذين القولين بل أما أن يقولوا بعدم وجوب القصد إلى شئ من الأمور الأربعة أو بتعيين قصد الرفع أو الاستباحة أو غير ذلك فيتوجه عليهم الايراد بأنهم نقضوا مقالتهم وخالفوا عقيدتهم ومن ها هنا ظهر توجه مناقشة على العلامة في بحث الوضوء للتكفين حيث قال في التذكرة الأقرب عدم الاكتفاء بهذا الوضوء في الصلاة إذا لم ينو رفع الحدث وكذا في القواعد حاصلها أنهم كما يقولون في الغايات إلي لا تجامع الحدث الأكبر أن الغرض من شرعية الوضوء لها إنما هو رفع الحدث فيجب قصده أو قصد ما يؤدي مؤداه فلا حد أيضا أن يقول إن الغرض من الوضوء للتكفين إنما هو رفع الحدث الحاصل من الوضوء وإن لم يكن رفعا تاما لأنه هذا الوضوء إنما يمكن أن يرفع قدرا من الحدث كما اعترف به من أنه عند نية الرفع يصح الدخول به في الصلاة بعد انضمام الغسل فيجب حينئذ أيضا أما قصد رفع ذلك القدر أو ما يستلزمه كما في نظائره والفرق تحكم فلم حكم بصحة هذا الوضوء للتكفين بدون القصد المذكور فتأمل في المقام هذا ليظهر لك ما في الزوايا من الجنايا (ولو ضم المنافي بطل ولو ضم التبرد وغيره من اللوازم فوجهان) المراد بالمنافي الرياء وفيه إن القربة إن كانت هي القصد إلى امتثال أمر الله وموافقة إرادته فقط فجميع ما سوى ذلك من القصود مناف لها سواء كان رياء أو غيره وإن كان القصد إلى موافقة أمر الله في الجملة فالرياء أيضا ليس بمناف له وإن قيل أنها الامتثال لأمر الله بدون أن يكون القصد مراءات الناس فحينئذ كيف يمكن ضم الرياء إلى القربة والحاصل إن المنافاة إن كانت بالمعنى المتعارف فلا يمكن الضم وإن كانت بمعنى المخالفة فلا اختصاص لها بالريا ولعل المراد المعنى المتعارف وأريد بضمة الضم بحسب بادي النظر وإن لم يكن عند التحقق للمنافاة والامر في مثله بعد وضوح المراد سهل ثم اعلم إن الامر في وجوب القربة واشتراطها إنما يحتمل أوجها وجوبها في الجملة أي سواء كانت مستقلة أو لاشتراطها كذلك وجوب استقلالها واشتراطه والاستقلال أما بالنسبة إلى الرياء أو غيره فها هنا ستة أمور أما الأول فقد ذكرنا سابقا أن العلامة (ره) في المختلف ادعى الاتفاق عليه وأوردنا أيضا بعض الاستدلالات والأبحاث وأما الثاني فالظاهر وقوع الخلاف فيه لأنهم نقلوا عن المرتضى (ره) إن الصلاة بقصد الريا صحيحة بمعنى إسقاط القضاء والعقاب لكنها لا يوجب الثواب والظاهر إطراد الحكم في غير الصلاة أيضا كالوضوء ونحوه بالطريق الأولى وكذا في غير الرياء أيضا من القصود التي يخالف القربة فإن قلت إن كان المرتضى (ره) قائلا بأن الصلاة بقصد الرياء مسقطة للعقاب فيلزم من ذلك وقوع
(٩٦)