سابقه من أن الظاهر فيه أيضا التفصيل السابق وما أورده صاحب المدارك على ما استدلوا به على وجوب غسله من أنه يناله الابهام والوسطى بقوله وضعفه ظاهر فإن ذلك إنما يعتبر في وسط التدوير من الوجه خاصة وإلا وجب غسل ما نالته الابهام والوسطى وإن تجاوز العارض وهو باطل إجماعا انتهى فضعفه ظاهر لان تخصيص التحديد بوسط التدوير مما لا وجه له ولا قرينة عليه وما ذكره من الدليل مردودا أما أولا فإن هذا التحديد ظاهر أنه فيما يصدق عليه الوجه كما يشعر به أيضا قوله (عليه السلام) وما جرت عليه الإصبعان من الوجه كما في نسخة التهذيب والكافي وما يتجاوز العارض لا يصدق عليه الوجه قطعا فشمول الإصبعين له لا يجدي وأما ثانيا فلان خروج ما ذكره بالدليل لا يستلزم خروج ما لا دليل فيه وهو ظاهر (ولا يجب غسل النزعتين وهما البياضان المكتنفان للناصية في أعلى الجبينين) وهما وإن كانا تحت القصاص حقيقة وينالهما أيضا الابهام والوسطى لكن الظاهر عدم وجوب غسلهما لان المتبادر من القصاص ما يكون منتهى الناصية وما يحاذيه وأيضا الظاهر دخولهما في الرأس كالناصية لخروجهما عن التسطيح الذي ينفصل به الوجه عن الرأس ودخولهما في التدوير فلا يكون داخلين في التحديد وهذا أيضا من جملة ما ذكره المحقق (ره) المذكور أنه داخل في التحديد وخارج عن الحد وقد علمت ما فيه ولم يذكر المصنف مواضع التحذيف بالذال المعجمة وهو ما ينبت عليه الشعر الخفيف بين ابتداء العذار والنزعة أو ما بين الصدغ والنزعة وإنما يسمى به لأن النساء والمترفين يحذفون الشعر عنه والأولى أن لا يحذفه لأنه محل الكلام والعلامة (ره) حكم في المنتهى و التذكرة بعدم وجوب غسله ويشكل من حيث دخوله في التسطيح والتحديد وكونه منبت الشعر ليس بضاير لعدم القطع بأنه مما يعد من شعر الرأس لكن لما كان يشك في كونه شعر الرأس وقد علمت إن القدر المشكوك لا دليل على وجوب الاتيان به في التكاليف اليقينية فالظاهر هاهنا أيضا عدم الوجوب لكن الأولى الاخذ بالاحتياط التام وعدم ترك غسله (ولا غسل ما استرسل من اللحية) المراد به ما زاد من اللحية عن التحديد المذكور طولا وعرضا ووجه عدم وجوب غسله ظاهر لخروجه عن التحديد وأما ما عدا المسترسل فيجب غسله لصدق الوجه عليه لأنه مما يواجه به ودخوله في التحديد والظاهر أن الحكمين إجماعي أيضا (ويجب البدأة من الأعلى على الأصح) هذا هو المشهور بين الأصحاب وخالف فيه السيد المرتضى (ره) فقال بجواز النكس لكن كرهه ووافقه ابن إدريس احتج العلامة في المنتهى على المشهور بما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن زرارة بن أعين قال حكى لنا أبو جعفر (عليه السلام) وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعا بقدح ماء فأدخل يده اليمنى فأخذ كفا من ماء فاسد لها على وجهه من أعلى الوجه انتهى الحديث قال وفعله إذا كان بيانا للمجمل وجب اتباعه فيه وأيضا نقل عنه (عليه السلام) حين أكمل وضوئه أنه قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وأيضا لاشك أنه توضأ بيانا فإن كان قد ابتدأ بأسفل الوجه لزم وجوبه ولا قائل به ويكون قد فعل المكروه فإنه وافق على الكراهة وهو منزه عنه وإن كان قد غسل من أعلاه وجب اتباعه هذا كلامه وقد يجاب عن الأول بأنا لا نسلم إن حكاية أبي جعفر (عليه السلام) للوضوء الذي فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيانا لم لا يجوز أن يكون المراد حكاية وضوئه الذي كان يفعله غالب الأوقات ولو سلم فنقول إن قوله أن الفعل يجب اتباعه إذا كان بيانا للمجمل ولكن لا إجمال ههنا في الغسل وفعله (عليه السلام) ليس قرينة على أن المراد الغسل بهذا الوجه لأنه من أحد جزئيات طرق الغسل الذي لا بد له من أحدها خصوصا أنه ليس طريقا غير متعارف حتى يجعل العدول عن المتعارف إليه قرينة على أنه المراد وعن الثاني بأن هذه الرواية لم يوجد في طريقنا سوى ما رواه الفقيه في باب صفة وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرسلا قال وتوضأ النبي (صلى الله عليه وآله) مرة مرة فقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وهذا مع كونه مرسلا ليس فيه أنه ابتدء من أعلى الوجه وأيضا أما أن يحمل الوضوء في قوله (عليه السلام) هذا وضوء على الجزئي أو الكلي وعلى الأول لا يمكن أن يحمل الكلام على ظاهره إذ يلزم ان لا يقبل الله صلاة غيره (عليه السلام) إذ ليس لها هذا الوضوء الخاص بل صلاته (عليه السلام) أيضا التي ليست بهذا الوضوء فيجب أن يؤل بأن المراد لا يقبل الله الصلاة إلا بمثله مثلا وحينئذ لا دلالة لها لان المماثلة لا نسلم ظهورها في المساواة في جميع الصفات والأحوال الممكنة غاية ما في الباب ظهورها هاهنا في المساواة في الأمور التي يعلم أنه ليس من باب العادات والاتفاقات وأما فيما عداه مثل الغسل من الأعلى فيما نحن فيه فلا لأنه من قبيل الأمور الأخر من كيفيات الحركات الواقعة فيه وحدودها من السرعة والبطؤ وغير ذلك كما لا ريب في عدم وجوب متابعته ولو لم نقل بظهور عدم وجوب رعاية المساواة فيه فلا أقل من عدم ظهور الوجوب وعلى هذا يصير من باب القدر المشكوك وقد عرفت مراد الحال فيه وعلى الثاني فأما أن يكون المشار إليه بهذا الوضوء الخاص الذي فعله والطبيعة المتحققة فيه فإن كان الثاني فلا يبقى الدلالة بحالها لان الطبيعة التي في ضمنه أما أن يقال بظهور عدم اعتبار مثل هذه الأمور فيها أو بعدم ظهور اعتباره وعلى التقديرين لا يفيد كما مر آنفا وأما ظهور الاعتبار فلا وإن كان الأول فالكلام أما على الحصر أو لا فإن كان على الحصر فيلزم المحذوران المذكوران فلا بد أن يأول مثلا بأن المراد هذا ومثله وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ويصير مثل الشق الأول وإن لم يكن على الحصر فالامر ظاهر لان كون هذا الفرد من أفراد هذا الوضوء لا يستلزم عدم كون غيره فردا منه مع إمكان المناقشة أيضا في استلزام عدم القبول عدم الصحة سيما على مذاق السيد (ره) وعن الثالث بأنا نختار أولا أنه ابتدء بالأسفل قوله لو كان هكذا لزم وجوبه ولا قايل به قلنا الملازمة
(١٠٢)