وهو ضعيف لان بعد ورود الرواية بعدم الوجوب كما سنذكره انشاء الله تعالى لا وجه لهذا القول ولو فرض عدم تمامية الدليل عليه لأن عدم تمامية الدليل لا يدل على عدم القول بالمدلول أو ما يتوهم من الدليل الذي ذكره المحقق في المعتبر على هذا المطلب بأن الوجه اسم لما ظهر فلا يتبع المغاير من إشعاره بأن المراد عدم وجوب ما يستر لا ما ظهر خلال الشعر لان هذا الدليل إنما يدل على الأول فقط وهذا أيضا ضعيف لان مدعى المحقق عدم وجوب تخليل الكثيف والخفيف مطلقا فيكون هذا دليلا على بعض أجزاء مدعاه لا كله ولم يقتصر عليه حتى لا يصح بل أورد غيره أيضا مما يدل على العموم وأما الثاني فلان ما نسبه إلى التذكرة فهي بريئة منه بل كلام التذكرة أيضا قريب من كلام المختلف ولا بأس بذكر ما فيها حتى يتضح حقيقة الحال قال فيها يجب أن يغسل ما تحت الشعور الحقيقية في محل الفرض كالعنفقة الخفيفة والأهداب والحاجبين والسبال لأنها غير ساترة فلا ينتقل اسم الوجه إليها ولو كانت كثيفة لم يجب غسل ما تحتها بل غسل ظاهرها أما الذقن فإن كان شعره كثيفا لم يجب تخليله ولا إيصال الماء إلى ما تحته بل غسل ظاهره أيضا ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي ثم قال وأما إن كان الشعر خفيفا لا يستر البشرة فالأقوى عندي غسل ما تحته و إيصال الماء إليه وبه قال ابن أبي عقيل وهو مذهب الشافعي لأنها بشرة ظاهره من الوجه وقال الشيخ لا يجب تخليلها كالكثيفة والفرق ظاهر انتهى وقال في موضع آخر لو أدخل يده وغسل بشرة اللحية لم يجز لأنها إن كانت كثيفة فالغسل للظاهر وإن كانت خفيفة فالغسل لهما فلا يجزي أحدهما ولا شك أن هذه الكلمات إنما تدل على غسل البشرة الظاهرة تحت الشعر الخفيف لا البشرة المستورة فيكون بعينه مثل ما حمل المصنف كلام السيد وابن الجنيد عليه وليس فرق بينه وبين كلامه في المختلف مع أن المصنف قال بأن ظاهر المختلف أنه فسر كلامهما بما فسرناه إذا تقرر هذا فنقول إذا كان مراد الشيخ ومن تبعه من عدم وجوب تخليل الشعر مطلقا سواء كانت خفيفة أو كثيفة عدم وجوب إيصال الماء إلى البشرة التي في الشعر سواء كان ظاهرا في خلاله أو لا كما ذكرنا أنه الظاهر فالخلاف حينئذ ظاهر أنه في أي شئ هو وجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر كما هو رأي المرتضى وابن الجنيد وابن أبي عقيل والعلامة في بعض كتبه وعدم وجوبه كما هو رأي الشيخ والمحقق والعلامة في بعض آخر وأما إذا كان مرادهم منه عدم وجوب إيصال الماء إلى البشرة المستورة سواء كان بالكثيف والخفيف كما ذكره المصنف (ره) فحينئذ فالظاهر أنه لا خلاف بينهم وبين السيد وابن الجنيد إذ كلامهما أيضا ظاهره ذلك نعم لما كان كلام العلامة (ره) في المختلف والتذكرة صريحا في الخلاف فلابد من توجيه له وهو أن يقال إن الخلاف حينئذ في وجوب غسل البشر المستورة بالخفيفة وعدمه وإن اتفقوا على وجوب غسل البشرة الظاهرة خلاله والحاصل إن الشعر إذا كان كثيفا ساترا لجميع ما تحته فلا يجب تخليله وإيصال الماء إلى تحته اتفاقا وإن كان خفيفا ساترا لبعضها غير ساتر لبعض فلا خلاف أيضا في وجوب غسل ما ليس يستره إنما الخلاف في وجوب غسل ما يستره فالشيخ المحقق على العدم وكذا السيد وابن الجنيد وابن أبي عقيل على ما هو الظاهر من كلامهم والعلامة على الوجوب في المختلف والتذكرة وكذا الثلاثة المذكورة بزعم العلامة ولا يذهب عليك إن الخلاف على التقدير الأخير قليل الفايدة جدا كما ذكره الشهيد الثاني (ره) في شرح الرسالة لان خفيف الشعر إذا وجب عليه إيصال الماء إلى البشرة الظاهرة خلال الشعر فلا شك أنه عند إيصال الماء إليها يصل إلى البشرة المستورة أيضا ويندر أن لا يصل إليها فحصول العلم أو الظن بالوصول إلى الظاهرة لا ينفك عادة عن حصول العلم أو الظن بالوصول إلى المستورة فتقل فايدة الخلاف وبهذا ظهر فساد ما في حبل المتين حيث واعلم أنه لا خلاف بين الفريقين في وجوب غسل ما يرى من البشرة خلال الشعر في مجلس التخاطب وفي عدم وجوب غسل ما لا يرى منها ومن ها هنا قال بعض مشايخنا (ره) إن النزاع في هذه المسألة قليل الجدوى انتهى لأنك قد عرفت إن النزاع على هذا التقدير في عدم وجوب غسل ما لا يرى منها وقد صرح به الشهيد الثاني (ره) في شرح الرسالة وأيضا لو كان كما ذكره من عدم الخلاف في المعنيين لما كان للنزاع معنى لأنه كان قليل الجدوى وهذا وقد بقي في المقام شئ وهو إن الستر الذي يعتبر في عدم وجوب غسل البشرة عند العلامة والسيد وابن الجنيد على ما هو الظاهر وعند الجميع على ما هو زعم المصنف وتابعيه هل هو الستر في جميع كيفيات مجالس التخاطب أو يكفي في بعضها الكل محتمل ولم أقف في كلامهم على نص فيه والشهيد الثاني وحج الأول مع احتماله الثاني وسنذكر في ضمن الأدلة إن الظاهر أنهما بالنظر إلى الدليل والمحقق البهائي (ره) احتمل أن يكون النزاع في الخفيف باعتبار هذا المعنى بأن يكون الاتفاق حاصلا في أن ما يستر بالشعر في جميع مجالس التخاطب سواء كان بالخفيف أو الكثيف لا يجب وصول الماء إليه ومالا يستر في حال أصلا يجب الوصول إليه ويكون النزاع فيما يستر في بعض الأحوال دون بعض فالشيخ (ره) وتابعوه على عدم وجوب الوصول إليه والعلامة ومن تبعه على الوجوب وعلى هذا لا يكون النزاع قليل الجدوى وهذا وإن كان احتمالا قريبا في نفسه لكن في حمل كلامهم عليه بعد إذ ليس في كلماتهم ما يشعر إليه ظاهرا والله أعلم بكيفية الحال ويمكن أيضا أن يكون الاتفاق واقعا على وجوب غسل البشرة الظاهرة في جميع الأحوال وكذا على عدم وجوب غسل ما يعلوه الشعر سواء كان ساترا له في جميع الأحوال أو لا ويكون الخلاف فيما لا يعلوه الشعر يكون ظاهرا في بعض الأحوال دون بعض والتفصيل التام في هذا المقام إن كلام الشيخ ومن يحذو حذوه أما أن يحمل على ظاهره ولم يسلم الاتفاق على خروج شئ منه أو لا فعلى الأول لا شك إن كلام السيد وابن الجنيد وابن أبي عقيل مخالف له وذلك الخلاف ويحتمل وجوها
(١٠٤)