الوضوء بقصد رفع حدث معين وكذا الحكم لو قصد الرفع عن الأعضاء الأربعة وأما على رأينا من عدم وجوب قصد الرفع فالحكم الصحة وهو ظاهر (ولو غسلت اللمعة بقصد الندب جهلا بها فوجهان) اللمعة بضم اللام في الأصل قطعة من النبت إذا أخذت من اليبس والمراد هنا الموضع الذي لم يصبه الماء والوجهان الصحة والبطلان أما الصحة فلاقتضاء النية الأولى وجوب الغسل فالطارئ لا يؤثر ولأن شرعية المندوب إنما هي بعد الفراغ من الوجاب فقبله لا يشرع فقصده ممتنع فبقي عل الأول وكلاهم ضعيفان لأن النية الأولى إنما يؤثر ما لم يطرء نية مخالفة لها وإلا يلزم أن لا يبطل الوضوء بطريان نية ضد القربة ولأن عدم المشروعية قبل الفراغ من الواجب إنما يستلزم امتناع القصد مع العلم بعدم الفراغ أما إذا اعتقد الفراغ فلا مانع من القصد وهو ظاهر وأما البطلان فلعدم وقوع الوضوء بتمامه بقصد الوجوب حقيقة أو حكما مع لزومه وقد أيد الأول بأن شرعية الثاني إنما هي لتدارك ما فات في الأول فيجب أن يحصل وينبه عليه حسنة زرارة وبكير عن الباقر (عليه السلام) إذ سألاه عن أجزاء الغرفة الواحدة فقال نعم إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كله وفيه أيضا ضعف كون الشرعية المتدارك ممنوع لا بد له من دليل والحسنة المذكورة ظاهرها الغسلة الأولى لا الثانية كما لا يخفى واعلم أن بطلان الوضوء ها هنا يمكن تعليله بوجهين باعتبار نية الوجوب وباعتبار نية الاستباحة وما ذكر من التصحيح والابطال إنما هو بالاعتبار الثاني وإذا كان الغسلتان واجبتين أو مندوبتين يسقط الاعتبار الأول إلا إذا اعتبر في النية قصد حيثية الوجوب والندب وبما ذكرنا ظهر أن الأظهر على مختارهم من اشتراط قصد الوجه والاستباحة البطلان في هذه الصورة وعلى ما اخترناه من عدم اشتراطه لحكم الصحة ولا يخفى إن البطلان إنما هو عند جفاف الأعضاء وإلا فيغسل اللمعة بقصد الوجوب والاستباحة ويأتي بما بعده (وفي تجديدها بعد) أي لو غسلت اللمعة حال تجديد الوضوء ففي الصحة حينئذ بعد ووجه البعد بالنسبة إلى الأول ظاهر إذ قد خرج عن الوضوء الأول بالكلية والوضوء الثاني فعل آخر مباين له فإبقاء حكم نية الأول فيه بعيد ولا يخفى إن هذا ينافي ما ذكره سابقا من أن في المجدد قول قوي بالرفع إلا أن يقال إن السابق ليس مذهبه وإن اعتقد فيه قوة أو يقال بالرجوع وكلاهما لا يخلو من شئ ولا بأس أن نذكر ها هنا ما وعدنا سابقا من القول برفع المجدد وتوضيح الحال فيه اعلم أنه على ما ذهبنا إليه من عدم اشتراط الوجه والاستباحة لا إشكال في القول برفع المجدد وأما على ما ذهبوا إليه من اشتراطهما فيلزم في بادي النظر عدم الحكم بالرفع باعتبارين لكن الشيخ (ره) مع القول باشتراط قصد الاستباحة قال في المبسوط فإن توضأ ولم يحدث ثم جدد الوضوء وصلى عقيبه ثم ذكر أنه كان ترك عضوا من الأعضاء في إحدى الطهارتين كانت صلاته صحيحة لأنه أي الطهارتين كانت كاملة صحت الصلاة بصحتها سواء كانت الأولى أو الثانية وكذا قال فيه بإعادة الصلاة الأولى فقط لو صلى بكل منهما صلاة وبه قال أيضا في الخلاف وهذه الأقاويل يدل على اعتقاده الرفع في المجدد وتعجب العلامة (ره) منه في المختلف أنه في المبسوط اختار ما قلناه نحن في صفة النية ثم ذكر هذا الفرع الذي لا ينسحب عليه ووجه المصنف (ره) كلام الشيخ في الذكرى بأنه إنما قال في المجدد بالرفع وإن لم يقصد مع اعتقاده اشتراط القصد لان شرعية المجدد إنما هو لتدارك الخلل وكمالية الطهارة فيجب أن يحصل وإلا لكان لغوا فكان هذا مستثنى من القاعدة المذكورة بدليل من الشرع وهذا هو وجه قوة القول بالرفع في المجدد الذي ذكره المصنف (ره) سابقا وفيه إن كون شرعية المجدد لتدارك الخلل ممنوع إذ لا دليل عليه وما يذكره في الذكرى وتبعه صاحب المدارك من أنه الظاهر من فحاوي الاخبار غير ظاهر إذ لم نجد في الاخبار وما يدل عليه بل قد ورد في بعض الأخبار أن تمامية الوضوء وتدارك خلله بغسل الجمعة كما تقدم في بابه واستدل أيضا صاحب المدارك على هذا القول بأن نية الاستباحة إنما يكون معتبرة إذا كان المكلف ذاكرا للحدث لا مع اعتقاد حصول الإباحة بدونه وفيه إن هذا تخصيص من غير دليل واستشهد له أيضا بما رواه الفقيه من أجزاء غسل الجنابة وما أجمع عليه الأصحاب من أجزاء صوم يوم الشك بنية الندب عن الواجب وما ورد من استحباب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما عساه فاته من الأغسال الواجبة ونحو ذلك وفيه أيضا إن بعد تسليم تماميته ودليلهم على اشتراط قصد الوجه والاستباحة لا وجه لهذه الأمور إذ يجب على هذا القول بخروج ما خرج بالدليل وإبقاء الباقي نعم يمكن منع دليلهم ذلك وجعل هذه الأمور شاهدا تدل على المنع لكنه غير المبحث إذ الكلام على تقدير التسليم والمحقق (ره) في المعتبر قال باشتراط الاستباحة و حكم في المجدد بالرفع لكن اشترط فيه أن يجدد بقصد الصلاة لا أن يقصد وضوء مطلقا واستدل على الرفع بالقصد المذكور بأنها طهارة شرعية قصد بها تحصيل فضيلة لا يحصل إلا بها وفيه إن حصول الفضيلة إنما يمكن بعد رفع الحدث فلو لم يرتفع الحدث بالوضوء الأول لكان نيته عشاء إذ النية إنما تحصل الامر الممكن ولو سلم حصولها أيضا فلا يكفي في صحة الصلاة لان مجرد الفضيلة لا يكفي فيها بل لا بد من الرفع ولم يحصل فإن قلت لما نوى الفضيلة فيجب أن تحصل للرواية وحصولها يتوقف على الرفع فيجب أن يحصل هو أيضا قلت أما أولا فيلزم حينئذ النقض برفعه لو قصد به وضوء مطلقا أيضا مع أنه نفاه إذ يجري الدليل فيه فنقول أيضا أنه قصد الوضوء الشرعي فيجب أن يحصل له وضوء شرعي وحصوله يتوقف على الرفع فيحصل أيضا وأما ثانيا فلما
(٩٩)