مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٩٧
الخلاف في الأمر الأول أيضا لأنه إذا كان قصد القربة واجبا فلا ريب في استحقاق العقاب تركه فيخالف ما ذكرته من الاتفاق قلت أما أولا فيمكن أن يقال مراده سقوط العقاب الذي بسبب ترك الصلاة لا سقوط العقاب مطلقا كيف والظاهر أن لا خلاف في حرمة الرياء فيكون مستحقا للعقاب بسببه وأما ثانيا فنقول لا بعد في ذلك إذ يجوز أن لا يكون المرتضى (ره) قابلا بالوجوب أيضا والاتفاق الذي أعاده العلامة (ره) كأنه من حيث عدم الاعتداد بخلافه لشذوذه وندوره الوقوع الاتفاق بعده أو قبله والله أعلم ثم ما يمكن أن يحتج به على الاشتراط أمور الأول قوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله الآية وجه الاستدلال أنه تعالى حصر الامر في الامر بالعبادة حال الاخلاص فلا يكون طبيعة العباد مطلقة مأمورا بها فلا يكون الآتي بها بدون الاخلاص اتيا بالمأمور بها فيكون باطلة وهذا إن كان في حق أهل الكتاب ظاهرا لكن قوله تعالى وذلك دين القيمة أي المستمرة على نهج الصواب كما في مجمع البيان يدل على ثبوته في حقنا أيضا وفيه نظر أما أولا فلان الحصر ممنوع إذ يجوز أن لا يكون اللام بمعنى الباء كما في قوله تعالى وأمرنا لنسلم بل بمعناها الظاهر وهو التعليل وحينئذ يجوز أن يكون أوامر أخرى أيضا غير الامر بالعبادة حال الاخلاص لكن يكون الغرض منها هذه باعتبار أن يكون لمتعلقاتها دخل في حصول هذا المعنى وعلى تقدير كونها بمعنى الباء أيضا يمكن أن يقال ذكر العبادة حال الاخلاص فقط كأنه من باب الاكتفاء بالأصل والعمدة كما اختص الصلاة والزكاة من بين العبادات بالذكر لفضلهما وشرفهما ويؤيده إن الظاهر أن الأوامر التي في الكتاب كثيرا ما يتعلق بغير العبادة كما لا يخفى إلا أن يقال إن جميع ما أمر عبادة ولا يخلو عن بعد وأما ثانيا فلانه على تقدير تسليم الحصر لا نسلم إن إخلاص الدين بمعنى القربة التي مرادهم إذ يجوز أن يكون الدين بمعنى الملة والاسلام كما في القاموس ويكون إخلاصه اختياره خالصا لله أو يكون بمعنى العبادة أيضا لكن يكون اخلاصه أن لا يكون عبادة لغيره تعالى من الأوثان وغيرها لا أن يكون لغرض سواء موافقة إرادته وكلام القاضي محتمل للوجهين معا وأيضا يمكن أن يكون الاخلاص ترك الرياء كما فسر به في الصحاح والقاموس وحينئذ وإن كان نافعا في بعض مدعاهم لكن لا ينفع في الجميع وأما ثالثا فلانه لا نسلم إن القيمة بمعنى المستمرة على نهج الثواب لم لا يجوز أن يكون بمعنى الحقة والمستقيمة ولا شك أن كل شريعة حقة مستقيمة وذلك لا ينافي طريان النسخ عليها ولو سلم انه بذلك المعنى فلا نسلم إن ذلك إشارة إلى حصر الامر في العبادة حال الاخلاص لم لا يجوز أن يكون إشارة إلى العبادة حال الاخلاص وكون تلك العبادة ثابتة في شرعنا لا يستلزم أن لا يكون الامر بالعبادة مطلقة أيضا وأرادا فيه هذا وقد يستنبط اشتراط الاخلاص من قوله تعالى حنفاء وفيه ضعف الثاني الآيات الواردة بالامر بالاخلاص المتقدمة في صدر بحث النية ووجوه الايراد عليها أيضا ظاهر مما ذكرنا سابقا وآنفا الثالث إن الرياء حرام للاتفاق كما هو الظاهر ولقوله تعالى الذين يراؤون الناس ولا يشرك بعبادة ربه أحدا إلى غير ذلك من الاخبار والروايات والنهى في العبادة مستلزما للفساد وفيه أنا لا نسلم أنه من قبيل النهي في العبارة إذ يجوز أن يكون قصد مراءاة الناس حراما لا أن يكون العبادة بذلك القصد حراما ولو نسلم فلا نسلم إن النهي في العبادة مستلزم للفساد وما ذكروه في بيانه مدخول وليس ها هنا موضعه وأنت خبير بأن هذا الوجه على تقدير تمامه لا يدل على تمام مدعاهم بل على بعضه كما سبق نظيره ويراد أيضا على الوجوه الثلاثة جميعا منع في خصوص ما نحن فيه وهو منع إن الوضوء عبادة لم لا يجوز أن يكون من قبيل إزالة النجاسات الرابع قوله (عليه السلام) إنما لامرئ ما نوى ومن لم يقصد القربة بالمعنى المذكور لم يقصد الامتثال ولا حصول الثواب ولا سقوط العقاب فلم يكن له شئ منها فلا يكون عبادته صحيحة وفيه ما ذكر مرارا من الاجمال الحاصل فيه وعدم ظهور المراد منه بحيث يصلح للاحتجاج وكان المراد منه عدم حصول الأجر والثواب بدون أن يكون القصد إلى مرضات الله تعالى فلا يتم المطلب هذا ما يقال في هذا المقام وقد عرفت عدم تمامية شئ منها لكن الشهرة بين الأصحاب وتتبع الآيات والروايات الواردة في هذا الباب مما يثمر ظنا بالاشتراط لأنه وإن أمكن المناقشة في كل من الآيات والروايات لكن يتخذ من جميعها إن العبادة بدون القربة ليست عبادة خصوصا مع قصد الريا فإذن الأولى الاخذ بالاحتياط التام في هذا المقام وأما الثالث والرابع وهو وجوب الاستقلال بالنسبة إلى الرياء واشتراطه فهو أيضا مما اشتهر بين الأصحاب وخلاف المرتضى جار ها هنا أيضا اما فيهما أو في الثاني فقط والدلايل والأبحاث أيضا يعلم مما سبق وأنت خبير بأن إثبات الحكم في هذا المقام أصعب في سابقه وأما الخامس والسادس وهو وجوب الاستقلال بالنسبة إلى غير الرياء من التبرد والتسخن ونحوهما واشتراطه فمما اختلف فيه خلافا شايعا فالشيخ (ره) في المبسوط حكم بعدم الاشتراط وكذا المحقق في المعتبر والشرايع والعلامة في الارشاد وقد علمت إن الظاهر ذهاب المرتضى (ره) إليه أيضا بطريق الأولى والعلامة في بعض كتبه وجمع آخر مثل المحقق الثاني والشهيد الثاني ما لوا إلى الاشتراط والمصنف (ره) متردد في هذا الكتاب والذكرى والظاهر أن لا فرق ها هنا بين الوجوب والاشتراط فمن قال بالوجوب قال بالاشتراط ومن لم يقل بالاشتراط لم يقل بالوجوب أيضا حجة الشيخ ومن تبعه أنه فعل الواجب وزيادة غير منافيه فيكون صحيحا وفيه إن عدم المنافاة أول البحث إلا أن يرجع كلامهم إلى منع المنافاة أول وهم وإن كانوا مستدلين لا يقبل منهم المنع لكن استدلالهم في الحقيقة يؤول إلى أصل البراءة وعدم ثبوت قدر زايد على ما أثبتوه في هذا الاعتبار ويتوجه منهم منع المنافاة واحتجوا أيضا بأن اللازم واجب الحصول وإن لم ينوه فيكون نيتها كعدمها وفيه أولا النقض بالريا لان رؤية الناس أيضا لازم للفعل سواء نويت أم لا وثانيا إن لزومه لا يقتضي جواز قصده وإيقاع الفعل لأجله وهو ظاهر واحتج المشترطون بأنه مناف للاخلاص وفيه ما مر من منع المنافاة وعدم تسليم ثبوت قدر زايد على اشتراط القربة في الجملة سواء استقلت أو لا هذا ولا يذهب عليك أن
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336