الأول أن يكون في البشرة الظاهرة في جميع الأحوال والثاني أن يكون في الظاهرة في حال أو الثالث أن يكون فيما لا يعلوه شعر ويكون الاتفاق في عدم الوجوب فيما يعلوه سواء كان ساترا له في جميع الأحوال أو لا ويحتمل بعيدا أيضا أن يكون في مطلق بشرة الخفيف سواء كان مستورا دائما بالشعر أو لا وقس على كلامهم كلام العلامة (ره) وأيضا على الثاني فنقول ذلك الامر المتفق على خروجه من تلك الاطلاق ووجوب غسله يحتمل أن يكون الظاهر في جميع الأحوال أو حال ما أو ما لا يعلوه شعر وعلى التقادير أما أن يكون الحكم بعدم الوجوب في جميع ما عدا الخارج من كلام الشيخ وتابعيه اتفاقا أو لا فإن كان اتفاقيا فلا بد من حمل كلام الثلاثة على ما يوافق كلامهم بأن يحمل ما حكموا بوجوب غسله على الامر الخارج من اطلاقاتهم بأي معنى كان لئلا يلزم أن يكون كلامهم مخالفا للاجماع ويلزم حينئذ على العلامة غلط البتة أما حكم بخلاف الاجماع إن كان ما حكم بوجوب غسله في التذكرة والمختلف سوى ما هو المستثنى من كلام الشيخ وغيره أو عدم فهم المراد من كلام الجماعة إن كان هو بعينه وإن لم يكن اتفاقيا فحينئذ أما أن يكون الثلاثة أيضا موافقين للشيخ أو لا وعلى الثاني فإن كان القدر الخارج هو الأول فيحتمل أن يكون خلافهم في الثاني أو الثالث أو مطلق بشرة الخفيف على بعد وإن كان هو الثاني فالخلاف إنما هو في الأخير فقط أي في مطلق بشرة الخفيف بل في المستور منها دائما وإن كان هو الثالث فالخلاف أما في الثاني أو في مطلق البشرة بالمعنى المذكور وقس عليه أيضا كلام العلامة وعلى الأول فيلزم غلط على العلامة من حيث حكمه بكونهم مخالفين للشيخ مع أنه لا خلاف وحينئذ لا يخلو أما أن يكون مراده مما حكم بوجوب غسله مما هو المستثنى من كلام الشيخ فيلزم غلط آخر أيضا عليه من عدم فهمه مراد الشيخ أو غيره وحينئذ فيه الاحتمالات السابقة وإذ قد تقرر هذا فلتشرع في ذكر أدلة طرفي الخلاف على ثلاثة تقادير ويحال الباقي عليها وترجيح ما هو الظاهر بحسب النظر أما التقدير الأول وهو الذي ذكرنا أنه الظاهر من كلامه فالظاهر فيه ما ذهب إليه الشيخ وتابعوه من عدم وجوب التخليل مطلقا سواء كان في اللحية أو غيرها من الحاجب والأهداب والشارب ونحوها وسواء كان كثيفا أو خفيفا وسواء كان لايصال الماء إلى البشرة الظاهرة خلال الشعر أو المستورة لوجوه الأول ما رواه الفقيه في باب خذ الوضوء في الصحيح عن زرارة قال في آخر الحديث المنقول سابقا في حد الوجه قال زرارة قلت له أرأيت ما أحاط به الشعر فقال كل ما أحاط الله به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء وهذه الروايات في التهذيب أيضا في باب صفة الوضوء في الزيادات في الصحيح مضمرة وفيه موضع يطلبوه ويغسلوه وقد يناقش فيه بأن الإحاطة إنما يصدق إذا ستره دائما فلا يكون على تمام المدعى بل على بعضه مما لا نزاع لعلمائنا فيه بل لبعض العامة على هذا التقدير ولا يخفى أن الإحاطة ليست بمعنى الستر لا في اللغة ولا في العرف ولا شك إن معناها العرفي حاصل في جميع ما يدعيه لان في العرف يقولون للبشرة الظاهرة في خلال الشعر أنها محاطة بالشعر نعم لو كان الظاهر قدرا كثيرا ويكون الشعر بعيدا بعضها عن بعض جدا فحينئذ لا يصدق عليه الإحاطة في العرف وليس كلامنا أيضا فيه لان كلامنا في التخليل ومثله لا يكون محتاجا إلى التخليل ولو سلم عدم ظهور صدق الإحاطة عليه فلا أقل من عدم ظهور عدمه فآل الامر إلى الاجمال وعند إجمال المخصص يصير الآية والروايات الواردة بغسل الوجه أيضا بمنزلة المجمل وقد مر مرارا إن في التكليف المجمل يكفي الاتيان بالقدر الثابت كما هو الظاهر الثاني ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال سئلته عن الرجل يتوضأ أيبطن لحيته قال لا وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب حد الوجه وهي مخصوصة باللحية ويمكن أن يتمسك فيما عداها بالاجماع المركب منا ويناقش فيه أيضا بأنه يدل على عدم وجوب غسل المستورة لأنه المفهوم من التبطين وهي أيضا ضعيفة لان التخليل يستلزم التبطين البتة نعم لا تبطين فيما لا يحتاج إلى التخليل ولا كلام فيه الثالث ما ورد في الروايات كما سيجئ إنشاء الله تعالى من الاجتزاء بالغرفة الواحدة للوجه مطلقا من غير تقييد بعدم خفة الشعر ولا ريب أن الغرفة الواحدة لا يمكن وصولها إلى جميع ما أحاط به الشعر ويمكن أن يقال على الجميع إن بينها وبين الآية والروايات الواردة بغسل الوجه عموما من وجه فلم يخصصونها بها دون العكس بأن يخصصوا هذه الروايات بعدم وجوب غسل ما لا يصدق عليه الوجه من البشرة المستورة لكن لا يخفى أن الحكم في العموم من وجه إذا لم يكن مرجح التساقط والتوقف والرجوع إلى الأصل ولما لم يوجد مرجح ها هنا فيحكم بالتساقط ويرجع إلى الأصل من براءة الذمة وأنت خبير بأن الأدلة المذكورة كما تدل على بعض أجزاء المدعى المذكور سابقا مما خالف فيه علمائنا على النحو الذي ذكرنا تدل على البعض الاخر مما وقع فيه الاجماع منا من البشرة المستورة بطريق أولى كما لا يخفى ويدل على هذا البعض أيضا مضافا إلى الاجماع عدم صدق الوجه على المستور لأنه من المواجهة وعند الستر ينتقل المواجهة إلى الشعر وما روي من أنه (صلى الله عليه وآله) توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه وهو (صلى الله عليه وآله) كان كث اللحية كما وصفه علي (عليه السلام) ولا ريب إن الغرفة الواحدة لا تصل إلى أصول الشعر مع كثه وما يمكن أن يحتج به المخالف ما نقلنا سابقا من المختلف من الاحتجاج وجوابه أن بعد ورود الروايات بعدم وجوب غسل غير المستور لا يجدي صدق الوجه عليه لأنها بمنزلة المخصص واعلم إن الظاهر بحسب ما وجدناه من الأدلة كما علمت عدم وجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر سواء كان ظهوره في بعض الأحوال أو الجميع لكن لما وقع دعوى الاجماع على خلافه من المصنف ظاهرا وتابعيه أما في الثاني فقط أو فيهما معا على احتمالين فالأحوط أن لا يترك غسلها ويبالغ في وصول الماء إليها هذا وأما التقدير الثاني وهو ما فهمه المصنف من كلام العلامة وحمل تابعوه الخلاف عليه فالظاهر فيه أيضا ما ذهب إليه الشيخ ومن تبعه
(١٠٥)