مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٠٣
ممنوع لما تقدم من أن غسله (عليه السلام) بوجه خاص لا يستلزم وجوبه وقوله وأيضا يلزم أن يكون فعل مكروها وهو منزه عنه قلنا لعله فعل المكروه لبيان الجواز فإن قلت لو ابتدء (عليه السلام) من الأسفل لكان ينبغي أن لا يقع الخلاف في جوازه قلت ممنوع إذ يجوز أن لا يصل هذا الخبر إلى جميع الفريقين وثانيا أنه ابتدء من الأعلى قوله فيجب اتباعه نقول قد علمت ما فيه وقد يستدل أيضا على هذا المطلب بوجه آخر وهو أن المطلق ينصرف إلى الفرد الشايع المتعارف والشايع المتعارف في غسل الوجه غسله من فوق إلى أسفل فينصرف الامر في قوله (عليه السلام) فاغسلوا إليه وفيه أيضا إن شيوع هذا الفرد بحيث صار اللفظ حقيقة عرفية فيه ممنوع هذا واحتج السيد المرتضى (ره) بإطلاق الآية والاخبار وبما رواه حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا وضعف الأخير ظاهر لان الكلام في الغسل دون المسح وإذا عرفت المأخذ من الجانبين فنقول الظاهر مذهب السيد لقوة دليله الأول وضعف دلايل المشهور لكن الشهرة بين الأصحاب والتكليف اليقيني بالغسل بما يقتضيان ملازمة الاحتياط وعدم الاجتزاء على خلاف المشهور واعلم إن غاية ما يلزم من دلايل المشهور على تقدير تمامها وجوب البدأة بالأعلى بمعنى صب الماء عليه ثم اتباعه بغسل الباقي وأما عدم جواز غسل شئ من الأسفل قبل الاعلى وإن لم يكن في سمته كما تخيله بعض فلا دلالة لها عليه وإنما هو متعسر جدا بل متعذر فلا معنى للقول به ونعم ما قيل أنه من الخرافات الباردة والأوهام الفاسدة (وتخليل ما يمنع وصول الماء إذا خف احتياطا والمشهور عدم الوجوب) المراد بالموصول بالشعر وتخفيفه أن يتراى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب وقد يفسر بأن يصل الماء إلى منبته من غير مبالغ ويفترق التفسيران بحسب سيوطة الشعر وجعودته ولا بد أولا من تحرير محل النزاع الذي في هذا المقام لأنه مما اشتبه فيه كلام الأقوام ثم الاشتغال بذكر الدلائل من الجانبين وما يتعلق بها من النقض والابرام اعلم إن الشيخ (ره) في المبسوط أطلق القول وقال ولا يلزم تخليل شعر اللحية سواء كانت خفيفة أو كثيفة أو بعضها كثيفة وبعضها خفيفة ويكفيه امرار الماء عليها وكذا قال المحقق في المعتبر لا يلزم تخليل شعر اللحية ولا الشارب ولا العنفقة ولا الأهداب كثيفا كان الشعر أو خفيفا بل لا يستحب وأطبق الجمهور على الاستحباب وقال ابن أبي عقيل متى خرجت اللحية ولم تكثر فعلى المتوضي غسل الوجه حتى يستيقن وصول الماء إلى بشرته لأنها لم تستر مواضعها انتهى كلام المعتبر وقال العلامة (ره) في المنتهى لا يلزم تخليل شعر اللحية ولا الشارب ولا العنفقة ولا الأهداب سواء كانت كثيفة أو خفيفة ولا يستحب أيضا بل الواجب إن فقد الشعر غسل هذه المواضع وإن وجد فإمرار الماء على ظاهر الشعر ثم نقل العبارة المنقولة عن ابن أبي عقيل ونسبها إلى ابن الجنيد وكذا حكم في الارشاد بعدم وجوب التخليل مطلقا وقال في المختلف قال الشيخ (ره) في المبسوط لا يجب تخليل شعر اللحية سواء كان خفيفة أو كثيفة أو بعضها كثيفة وبعضها خفيفة وقال ابن الجنيد إذا خرجت اللحية فلم تكثر فتوارى بنباتها البشرة من الوجه فعلى المتوضي غسل الوجه كما كان قبل أن ينبت الشعر حتى يستيقن وصول الماء إلى بشرته التي يقع عليها حس البصر أما بالتخليل أو غيره لان الشعر إذا ستر البشرة قام مقامها وإذا لم يسترها كان على المتوضي إيصال الماء إليها وهو الظاهر من كلام السيد في المسائل الناصرية فإنه قال الأمرد وكل من لا شعر على وجهه يجب عليه غسل وجهه ومن كان ذا لحية كثيفة تغطي بشرة وجهه فالواجب عليه غسل ما ظهر من بشرة وجهه وما لا يظهر مما تغطيه اللحية لا يلزمه إيصال الماء إليه ويجزيه أجراء الماء على اللحية من غير إيصال الماء إلى البشرة المستورة والحق عندي قول ابن الجنيد لنا قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم دل على وجوب غسل الوجه وإنما انتقل إلى اللحية النابتة عليه لانتقال الاسم إليها لان الوجه اسم لما يقع به المواجهة وإنما يحصل لها ذلك مع الستر أما مع عدمه فلا فإن الوجه مرئي فهو المواجه دون اللحية لأنها لم تستر الوجه فلا ينتقل الاسم إليها انتهى ولا يخفى أن الظاهر على ما نقلنا إن الشيخ المحقق (ره) والعلامة (ره) في المنتهى والارشاد ذهبوا إلى عدم وجوب تخليل اللحية الخفيفة وإيصال الماء إلى البشرة الظاهرة خلال الشعر وابن الجنيد والمرتضى وابن أبي عقيل والعلامة (ره) في المختلف ذهبوا إلى وجوب إيصال الماء إلى البشرة الظاهرة خلال الشعر في الخفيف وأما ما يستر تحت الشعر ولو كان في الخفيف فالظاهر أنه لا نزاع لاحد في عدم وجوب غسله ولا أظنك في مرية من هذا لكن المصنف (ره) في؟ بأنه لا خلاف ظاهرا بين الشيخ والمحقق والمرتضى وابن الجنيد في شئ أصلا بل الكل متفقون على وجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر وعدم وجوب غسل المستورة وذكر أن العلامة (ره) في التذكرة حمل كلام السيد وابن الجنيد على أن مرادهما وجوب غسل ما يستر من البشرة تحت الشعر الخفيف وتبعهما في ذلك وأوجب غسل الشعر الساتر ومنبته وحكم بأن غسل أحدهما لا يجزي عن الاخر والحال إن كلامهما يحتمل غير هذا المعنى وهو قصر الوجوب على غسل البشرة التي لا شعر عليها بل الظاهر من كلامهما هذا خصوصا كلام السيد وعلى هذا لا نزاع بينهما وبين الشيخ واعترض أيضا على ما في التذكرة بأنه مع مخالفته الظاهر الأصحاب يخالف مشهور العامة أيضا لأنه لم يفرق بين شعر اللحية وغيرها من الحاجب والأهداب ونحوهما في هذا الحكم مع أنهم فرقوا بينهما والحق إن ما ذكره المصنف في الذكرى من الاتفاق على وجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر ومن أن العلامة إنما حمل كلامهما في التذكرة على المعنى المذكور دون وجوب غسل البشرة الظاهرة منظور فيه أما الأول فلانه لا دليل على ذلك الاتفاق أصلا بل الظاهر من إطلاقاتهم خلافه كما علمت بل لا يبعد دعوى التصريح أيضا في كلام المختلف وأنت خبير بأن بعد ظهور كلامهم في هذا المعنى وتصريح العلامة بالحمل عليه وعدم معارض يدل على خلافه لا وجه للقول بأن مرادهم ليس ذلك وكان الباعث على هذا الدعوى حسبان إن البشرة إذا لم تستر بالشعر فيصدق عليها الوجه قطعا فكيف يمكن الحكم بعدم وجوب غسله
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336