أفضل من أبي المخاطب للمعنى الذي ذكرناه.
وأما قوله تعالى (ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول أني ملك) فلا يدل على تفضيل الملائكة عليه، لأن الغرض في كلامه نفي ما لم يكن عليه، لا التفضيل بين الأحوال.
لأن أحدنا لو ظن به أنه على صفة وليس عليها جاز أن ينفيها عن نفسه على هذا الوجه، وإن كان في نفسه على أحوال هي أفضل من تلك الحال، وإنما اتفق في الحالتين المنفيتين اللتين هما علم الغيب واستحفاظه خزائن الله إن كان فيها فضل.
وليس ذلك مما ينفع فيما نفاه، وهذه أن يكون مما لا فضل فيه، أو مما فيه فضل يزيد فضله في نفسه عليه.
والذي يبين عن ذلك أنه قال عقيب ذلك في سورة هود خاصة ﴿ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا﴾ (١) ونحن نعلم أن هذه منزلة غير جليلة، وهو على كل حال أرفع منها وأعلى، فألا كان انتفاؤه من الملائكة جاريا هذا المجرى.
فأما الحكاية عن النسوة اللاتي شاهدن يوسف عليه السلام فأعجبهن حسنه ﴿ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم﴾ (2) فإنه لا يدل أيضا على فضل الملائكة على الأنبياء عليهم السلام من وجهين : أحدهما: أنهن ما نسبنه إلى الملائكة تفضيلا في ثواب حال الملائكة على حال الأنبياء عليهم السلام، ولا خطر ذلك ببالهن ولكن حسنه وكمال خلقته أعجبهن نفين (3) عنه البشرية التي لم يعهدن فيها مثله ونسبوه إلى أنه ملك،