نظره إلى العلم دخلت عليه الشبهات، حتى اعتقد الباطل وعدل عن الحق، يكون ملوما غير معذور. وكيف لا يكون كذلك؟ وله طريق إلى العلم، عدل بتقصيره عنه فاللوم [عليه] لا على ناصب الدليل.
وهذا القول الفاسد يقتضي أن كل كافر بالله تعالى وجاهل بصفاته وعدله وحكمته، وشاك في نبوة أنبيائه وكتبه، معذور غير ملوم، ويكون اللوم عائدا على من نصب هذه الأدلة المشبهة التي يجوز أن تقع الشبهة في مدلولها.
وهذه الطريقة الفاسدة تقتضي أن تكون المعارف كلها ضرورية، وإلا فالشبهة متطرقة، واللوم عمن ذهب عن الحق جانبا موضوعا.
وإذا نصب الله تعالى على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من الأدلة ما يجري مجرى ما نصبه على معرفته ومعرفة صدق رسله وصحة كتبه، فقد أنصف وأحسن.
وإذا كنا لا ننسب المخالفين في المعارف كلها إلى العناد ودفع ما علموه ضرورة ونقول: إن الشبهة أمنهم (1) في جهلهم بالحق ونلومهم غاية اللوم ولا نعدهم، فغير منكر أن يكون دافعوا النص بهذه المثابة.
ويريد من تأكيد الله تعالى للنص والطريق إلى معرفته أكثر مما فعله الله تعالى في طريق معرفته وعدله وحكمته وصدق رسله وسائر المعارف.
وقد كنا رتبنا في كتابنا (الشافي) وغيره ما يجب اعتماده في قسمة أحوال النص وأحوال سامعيه ومعتقد الحق أو الباطل فيه. وقلنا: إن النص على ضربين: موسوم بالجلي، وموصوف بالخفي.
وأما الجلي: فهو الذي يستفاد من ظاهر لفظه النص بالإمامة، كقوله عليه