والعقول دالة على أن اتباعه في الخروج عن وطنه وأوطانهم قد يمكن أن يكون لمعنى دنيوي، وأنهم قد علموا أو رأوا أمارات تدل على أنه صلى الله عليه وآله سيظهر على العرب وتولى دولته على الدول، فاتبعوه في حال الضراء، ليحظوا بالتقدم في الذكر والصب (1) والحظ منه في حال السراء، ويتوصلون بذلك إلى مرادهم، مع أمنهم به عند ظهوره على أنفسهم.
وهذا كله مستقر في رؤساء جاحدي النص والسابقين إلى السقيفة والمتعاقدين فيها وقبلها على إزالة الحق من أهله، ومن سواهم فيمكن أيضا أن يكونوا جحدوا النص أيضا عنادا، بل ذلك الواجب في كل صحابي سمع أو رأى، ومال بعد ذلك إلى الدنيا ولحقته حمية الجاهلية الأولى، والأفعال التي عد أنهم فعلوها.
وجوز بها ما استبعده الخصم، مثل ارتدادهم (2) من ارتد عن الدين، ومنع الزكاة، وقتل عثمان، وقتل أمير المؤمنين عليه السلام، وقتل الحسين عليه السلام، وخلع الحسن عليه السلام من قبله، غير متوجه شئ منها إلى رؤساء جاحدي النص، لبراءتهم في الظاهر منها.
وإن كان الدليل عندنا قائما على أن القوم غير مخلصين من تبعات ذلك، لكونهم فاتحين لطريقة موضحين لسبيله.
فقد بان أن دخول الشبهة في النص على مثلهم وعلى مثل طلحة والزبير أيضا غير جائزة، لأن طلحة والزبير لم يكونا من الشأن عن النبي صلى الله عليه وآله على حد يخفى عليهما معه مراده.
فالشبهة إذن بمن سوى هؤلاء أولى، وأولى الناس بها من لم يطرق سمعه