إلى أطراف البلاد، لا يجب أن يلحقوا به في العصمة، وإن لحقوا به في أن المعلوم من حاله وحالهم أنه لا بد من أن يؤدي ما يحمله ولا يكتمه.
والذي يوضح ذلك أن أداء الرسول صلى الله عليه وآله يقترن به تعظيمه وإجلاله، وارتفاع قدره ومنزلته، لأن المعجز الظاهر على يده يقتضي ذلك فيه.
وليس كذلك أداء من يؤدي عنه ويؤدي إلينا من الأمة شرعه، لأن ذلك الأداء لا يقتضي تعظيما ولا إجلالا، ولا الدليل المؤمن لهم من خطائهم فيه يقتضي فيهم رفع منزلة ولا قدر، كما كان ذلك كله في المعجز.
وكيف يكون من علمنا صدقه؟ لأن الله تعالى صدقه وحقق دعواه، بأن خرق العادة على يده، كمن علمنا صدقه، بأن العادة لم تجر ممن جرى مجراه بالكذب. ولهذا جاز أن يؤدي إلينا عنه المؤمن والكافر والبر والفاجر، ولا يجوز مثل ذلك في أدائه.
وإذا اقترن الأداء بما أوضحناه جاز أن يعتبر في أداء من وقع منه الأداء على جهة الاعظام والاجلال، ما يكون معه أقرب إلى القبول والامتثال من عصمته وطهارته ونزاهته، وتعدينا ذلك إلى نفي الأخلاق المستهجنة عنه والخلق المستقلة. وكل هذا لا يراعى فيمن ينقل عنه ويروي شرعه، وعمن (1) لا يؤمن إيمانه ولا عدالته.
كيف تراعى عصمته وقد مثل الشيوخ ما يذهبون إليه في هذه المسألة بالواعظ الداعي إلى الله تعالى، في أنه متى كان متناسكا مظهرا للنزاهة والطهارة كان الناس أقرب من قبول قوله ووعظه. وإذا كان متجرما متهتكا نفس ذلك عنه وقل السكون إليه.