بمعنى الشق والنوى جمع النواة وهي عظم النخل وفي معناه عظم غيرها والتخصيص لفضلها أو لكثرة وجودها في ديار العرب يعني يا من شقهما فأخرج منهما الزرع والنخيل ومنزل التوراة من الإنزال وقيل من التنزيل والإنجيل والقران لعل ترك الزبور لأنه مندرج في التوراة أو لكونه مواعظ ليس فيه أحكام قال الطيبي فإن قلت ما وجه النظم بين هذه القرائن قلت وجهه أنه صلى الله عليه وسلم لما ذكر أنه تعالى رب السماوات والأرض أي مالكهما ومدبر أهلهما عقبه بقوله فالق الحب والنوى لينتظم معنى الخالقية والمالكية لأن قوله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي تفسير لفالق الحب والنوى ومعناه يخرج الحيوان النامي من النطفة والحب من النوى ويخرج الميت من الحي أي يخرج هذه الأشياء من الحيوان النامي ثم عقب ذلك بقوله منزل التوراة ليؤذن بأنه لم يكن إخراج الأشياء من كتم العدم إلى فضاء الوجود إلا ليعلم ويعبد ولا يحصل ذلك إلا بكتاب ينزله ورسول يبعثه كأنه قيل يا مالك يا مدبر يا هادي أعوذ بك أعوذ أي اعتصم وألوذ من شر كل ذي شر وفي رواية لمسلم من شر كل شئ أنت اخذ بناصيته أي من شر كل شئ من المخلوقات لأنها كلها في سلطانه وهو اخذ بنواصيها وفي رواية لمسلم من شر كل دابة أنت آخذ بنواصيها وفي رواية لمسلم من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها أنت الأول أي القديم بلا ابتداء فليس قبلك شئ قيل هذا تقرير للمعنى السابق وذلك أن قوله أنت الأول مفيد للحصر بقرينة الخبر باللام فكأنه قيل أنت مختص بالأولية فليس قبلك شئ وأنت الاخر فليس بعدك شئ أي الباقي بعد فناء خلقك لا انتهاء لك ولا انقضاء لوجودك والظاهر فليس فوقك أي فوق ظهورك شئ يعني ليس شئ أظهر منك لدلالة الآيات الباهرة عليك والباطن أي الذي حجب أبصار الخلائق عن إدراكك فليس دونك شئ أي لا يحجبك شئ عن إدراك مخلوقاتك أقض عني الدين قال النووي يحتمل أن المراد بالدين هنا حقوق الله تعالى وحقوق العباد كلها من جميع الأنواع وأما معنى الظاهر من أسماء الله فقيل هو من الظهور بمعنى القهر والغلبة وكمال القدرة ومنه ظهر فلان على فلان وقيل الظاهر بالدلائل القطعية والباطن المحتجب عن خلقه وقيل العالم بالخفيات وأما تسميته سبحانه وتعالى بالاخر فقال الإمام أبو بكر الباقلاني معناه الباقي بصفاته من العلم والقدرة وغيرهما التي كان عليها في الأزل ويكون كذلك
(٢٤٣)