عباده جل جلاله وبين المعرفة به والوصول إليه ويكون حامل هذا العلم العريض العميق لازما سبيل التوفيق ويناظر مخالفيه مناظرة الرفيق الشفيق حتى يسلم من خطر الطريق وإلا فهو هالك على التحقيق.
الفصل التاسع والثلاثون: واعلم يا ولدي محمد أراك الله جل جلاله ما يزيدك قربا من جلاله وتوليك ولاية تصون عن أمر يبعدك عن إقباله وإفضاله أن كلما كررته وأكرره من تعريف الله جل جلاله لبعض عباده أو تشريف زيادة إرشاده وإنجاده فما أردت ولا أريد به إسقاط وجوب نظر العبد فيما يجب عليه النظر فيه من التكاليف وقد قدمت الإشارة إلى هذا المعنى فيما مضى من التعريف وإنما أكرره ليفهم كل قوي يفهمه أو ضعيف أنني ما منعت من النظر بل النظر واجب على المكلف في كل ما يجب عليه فيه نظره مما لا يدركه إلا بالنظر والتكشيف.
فأقول لو فرضنا أن عبدا من عباد الله جل جلاله ما جعل له في فطرته الأولية أن الأثر دال على المؤثر بالكلية ولا ينبهه جل جلاله بعد بلوغه وكمال عقله على معرفته ولا على ما يجب عليه من المعارف بشئ من ابتداء فضله ورحمته فإنه يجب على هذا العبد النظر فيما يجب عليه من التكليف والتوصل في التعريف بكل طريق من طرق التحقيق وعلى كل وجه وسبيل من سبل التوفيق ومتى وصل إلى غاية هداه على صانع لوجوده فإياه أن يصرف هذا الناظر خاطره أو يخلي سرائره من الاعتماد على مراحم ومكارم صانعه وجوده فإن القادر بذاته يفتح إذا شاء على قدر قدرته القاهرة الباهرة والعبد الناظر