الكتاب أنني ما قلت هذا جهلا بعلم الكلام وما فيه من السؤال والجواب بل قد عرفت ما كنت أحتاج إلى معرفته منه وقرأت منه كتبا ثم رأيت ما أغنى عنه وقد ذكرت في خطبة كتاب البهجة لثمرة المهجة كيف اشتغلت فيه وعلى من اشتغلت في معانيه وما الذي صرفني من ضياع عمري في موافقة طالبيه ولكن اعرف يا ولدي محمد بارك الله جل جلاله في بقائك وتعريفه وتشريفه لك في دار فنائك وبقائك، أن المبتدي إذا قال له الأستاذ لا طريق لك إلى معرفة الله جل جلاله إلا بنظرك في الجوهر والجسم والعرض كما كنا أشرنا إليه وأن حدوث الجسم لا يثبت إلا بالحركة والسكون فإن المبتدي أيضا ما يفهم بفطرته زيادة هذه الاعراض على الأجسام ولا له دربة بهذا الكلام ولا يرى بعين رأسه وإحساسه زيادة الحركة والسكون على الجسم المنتقل في الجهات إلا بأن يتعب في إنفاق كثير من الأوقات في تصور حد الجسم وتصور العرض وتحقيق زيادتهما على الأجسام وحفظ ما يتعلق بذلك كله من معنى وكلام وربما وجد الأستاذ عاجزا في حدود هذه المعاني المذكورة من أن تغير بألفاظها المعهودة المذخورة حتى يكاد أن يقلد قائلها وناقلها ويحتج بأنها قول فلان وفلان وقولهم كالحجة في معانيها ثم إذا فهم من أستاذه زيادة الحركة على الأجسام فإنه ما يكاد يفهم زيادة السكون على الجسم في ظاهر أوائل الافهام ولا يدرك على التعجيل من أن يلزم من حدوث الحركة والسكون حدوث الجسم العريض العميق الطويل فلا يزال غالب حاله يخبط خبط عشواء في أدلتهم ومعارضتها بشبهات احتمالات الأهواء حتى يتمخض في اجتهاده عن
(١٧)