إليها الطلاب للإفادة منها، واشتهرت ببغداد مكتبتان عظيمتان، الأولى مكتبة سابور ابن أردشير الوزير البويهي التي تأسست عام 381 ه، أو عام 383 ه، وكانت ملتقى رجال الفكر والأدب، ومنتدى العلماء والباحثين والمناظرين، يشدون إليها الرجال، والثانية مكتبة الشريف المرتضى، وقد كان بها ثمانون ألف مجلد.
وقد تتلمذ الشيخ الطوسي في بغداد على الشيخ المفيد، الذي كان يومذاك شيخ متكلمي الإمامية وفقهائها، انتهت رياستهم إليه في وقته في العلم، مدة خمس سنوات، وكان مما درسه الأصول والكلام، وشرع في تأليف كتاب (تهذيب الأحكام) شرح فيه كتاب (المقنعة) لأستاذه الشيخ المفيد، وتتلمذ الشيخ الطوسي خلال تلك الفترة على الحسين بن عبيد الله الغضائري، المتوفى عام 411 ه، ومحمد بن أحمد بن أبي الفوارس المتوفى بعد سنة 411 ه، وغير هؤلاء من شيوخ عصره. وبعد وفاة الشيخ المفيد عام 413 ه، انتقلت زعامة الامامية إلى الشريف المرتضى (413 - 436 ه) الذي كان من أبرز تلامذة الشيخ المفيد، وقد تلمذ الشيح الطوسي للسيد المرتضى، وألف كتاب (تلخيص الشافي) خلال تلمذته له، وهو كتاب حاول به تبسيط المسائل التي وردت في كتاب (الشافي) لأستاذه الشريف المرتضى، وألف الشيخ الطوسي في حياة أستاذه الشريف المرتضى كتاب (الرجال) و (الفهرست)، وقد دامت مدة تلمذة الشيخ الطوسي على الشريف المرتضى ثلاثة وعشرين عاما، كما تلمذ خلال هذه الفترة على شيوخ آخرين، منهم: هلال بن محمد بن جعفر الحفار، المتوفى عام 414 ه، ومحمد بن محمد بن محمد بن مخلد، المتوفى عام 419 ه، وأحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر المتوفى عام 423 ه، ومحمد بن أحمد بن شاذان المتوفى نحو سنة 425 ه.
وبعد وفاة السيد المرتضى عام 436 ه، تفرغ الشيخ الطوسي للتدريس والتعليم، وانشغل بالأمور التي تخص الزعامة الدينية للامامية، واستمرت زعامته في بغداد مدة اثنتي عشرة سنة (436 - 448 ه) وكان يتمتع بالمكانة التي كان يتمتع بها أستاذاه المفيد والمرتضى، فأصبح الطوسي شيخ الطائفة وعمدتها والامام المعظم