ابن ذي الجوشن (لعنه الله) أصاب مع الحسين (1) إبلا فأخذها، فلما قدم الكوفة نحرها وقسم لحومها. فقال المختار: احصوا لي كل دار دخل فيها شئ من ذلك اللحم، فأحصوها فأرسل إلى من كان أخذ منها شيئا فقتلهم وهدم دورا بالكوفة.
وأتي المختار بعبد الله بن أسيد الجهني ومالك بن الهيثم البدائي (2) من كندة وحمل بن مالك المحاربي، فقال: يا أعداء الله، أين الحسين بن علي؟ قالوا: أكرهنا على الخروج إليه. قال: أفلا مننتم عليه وسقيتموه من الماء، وقال للبدائي: أنت صاحب برنسه لعنك الله. قال: لا. قال: بلى. ثم قال: اقطعوا يديه ورجليه، ودعوه يضطرب حتى يموت، فقطعوه، وأمر بالآخرين فضربت أعناقهما، وأتى بقراد بن مالك وعمرو بن خالد وعبد الرحمن البجلي وعبد الله بن قيس الخولاني فقال لهم: يا قتلة الصالحين، ألا ترون الله بريئا منكم، لقد جاءكم الورس بيوم نحس، فأخرجهم إلى السوق فقتلهم.
وبعث المختار معاذ بن هانئ الكندي وأبا عمرة كيسان إلى دار خولي بن يزيد الأصبحي - وهو الذي حمل رأس الحسين (عليه السلام) إلى ابن زياد - فأتوا داره فاستخفى في المخرج، فدخلوا عليه فوجدوه قد أكب على نفسه قوصرة (3)، فأخذوه وخرجوا يريدون المختار، فتلقاهم في ركب، فردوه إلى داره، وقتله عندها وأحرقه.
وطلب المختار شمر بن ذي الجوشن فهرب إلى البادية، فسعي به إلى أبي عمرة، فخرج إليه مع نفر من أصحابه فقاتلهم قتالا شديدا فأثخنته الجراحة، فأخذه أبو عمرة أسيرا، وبعث به إلى المختار فضرب عنقه، وأغلى له دهنا في قدر وقذفه فيها فتفسخ، ووطئ مولى لآل حارثة بن مضرب وجهه ورأسه، ولم يزل المختار يتتبع قتلة الحسين (عليه السلام) وأهله حتى قتل منهم خلقا كثيرا، وهرب الباقون فهدم دورهم،