فسار ابن الأشتر حتى أتى المدائن، ثم سار يريد ابن زياد، فشخص المختار عن الكوفة لما أتاه ان ابن الأشتر فد ارتحل من المدائن، وأقبل حتى نزل المدائن، فلما نزل ابن الأشتر نهر الخازر بالموصل أقبل ابن زياد في الجموع، ونزل على أربعة فراسخ من عسكر ابن الأشتر، ثم التقوا فحض ابن الأشتر أصحابه وقال: يا أهل الحق وأنصار الدين، هذا ابن زياد قاتل الحسين بن علي وأهل بيته (عليهم السلام) قد أتاكم الله به وبحزبه حزب الشيطان، فقاتلوهم بنية وصبر، لعل الله يقتله بأيديكم، ويشفي صدوركم.
وتزاحفوا ونادى أهل العراق: يا لثارات الحسين، فجال أصحاب ابن الأشتر جولة، فناداهم: يا شرطة الله الصبر الصبر، فتراجعوا فقال لهم عبد الله بن يسار بن أبي عقب الدؤلي: حدثني خليلي أنا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر، فيكشفونا حتى نقول: هي هي، ثم نكر عليهم فنقتل أميرهم، فأبشروا واصبروا فإنكم لهم قاهرون.
ثم حمل ابن الأشتر (رحمه الله) عشيا فخالط القلب، وكسرهم أهل العراق فركبوهم يقتلونهم، فانجلت الغمة وقد قتل عبيد الله بن زياد وحصين بن نمير وشرحبيل ابن ذي الكلاع وابن حوشب وغالب الباهلي وعبد الله بن إياس السلمي وأبو الأشرس الذي كان على خراسان وأعيان أصحابه (لعنهم الله).
فقال ابن الا شتر: إني رأيت بعدما انكشفت الناس طائفة منهم قد صبرت تقاتل، فأقدمت عليهم، وأقبل رجل اخر في كبكبة كأنه بغل أقمر (1)، يفري الناس، لا يدنو منه أحد إلا صرعه، فدنا مني فضربت يده فأبنتها، وسقط على شاطئ النهر، فشرقت يداه وغربت رجلاه، فقتلته ووجدت منه ريح المسك، وأظنه ابن زياد فاطلبوه، فجاء رجل فنزع خفيه وتأمله، فإذا هو ابن زياد (لعنه الله) على ما وصف ابن الأشتر، فاحتز رأسه، واستوقدوا عامة الليل بجسده، فنظر إليه مهران مولى زياد وكان