والناس أجمعين 1 وأشهد أن عليا " قد أحدث فيها فقال له رجل: كذب
١ - الحديث إلى هنا وارد في الصحيحين عن أبي هريرة قال البيهقي في السنن في باب ما جاء في حرم المدينة ما نصه (أنظر ج ٥، ص ١٩٦): " وأخبرنا أبو عبد اللهالحسين بن الحسن بن محمد بن القاسم الغضائري ببغداد، ثنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن السماك حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاري ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا " فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار فذكره بإسناده مثله وزاد: لا يقبل منه صرف ولا عدل، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث زائدة وغيره عن الأعمش ".
قال ابن الأثير في النهاية: " وفي حديث المدينة: من أحدث فيها حدثا " أو آوى محدثا "، الحدث الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول فمعنى الكسر من نصر جانيا " أو آواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه والفتح هو الأمر المبتدع نفسه ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه فإنه إذا رضى بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه ".
قال السمهودي في خلاصة الوفاء في الفصل الثالث من الباب الأول ما نصه:
وفي الصحيحين في أحاديث تحريم المدينة: فمن أحدث فيها حدثا " أو آوى محدثا " فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا " ولا عدلا، ولفظ البخاري: لا يقبل منه صرف ولا عدل، والجمهور على أن الصرف الفريضة والعدل النافلة وقيل عكسه وقيل: الصرف التوبة والعدل الفدية أي أتى فيها إثما أو آوى من أتاه وحماه فلا يقبل منه فريضة ولا نافلة قبول رضا " ولا يجد في القيامة ما يفتدي به من كافر وقيل غير ذلك، ولعنه إبعاده عن رحمة الله وطرده عن الجنة أولا لا كلعن الكفار وفيه دلالة على أن ذلك من الكبائر مطلقا إذا للعن خاص بها فيستفاد منها أن الصغيرة بها كالكبيرة بغيرها تعظيما " للحضرة النبوية ".
أقول: عقد المجلسي (ره) في سابع البحار بعد باب وجوب موالاة أولياء الأئمة ومعاداة أعدائهم بابا " بعنوان " باب آخر في عقاب من تولى غير مواليه ومعناه " وذكر أخبارا " تشتمل على مثل ما تقدم نقله من الصحيحين للبخاري ومسلم ومنها هذا الحديث:
" ب - (يريد به قرب الإسناد للحميري) ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه قال:
وجد في غمد سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة مختومة ففتحوها فوجدوا فيها: إن أعتى الناس على الله القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه ومن أحدث حدثا " أو آوى محدثا " فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا " ولا عدلا، ومن تولى إلى غير مواليه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله ". فبعد أن أورد من الأخبار ما أراد نقله نقل ما نقلناه من نهاية ابن الأثير بقوله: وقال الجزري: في حديث المدينة فساق كلامه إلى آخر ما نقلناه وختمه بقوله: " انتهى " قال (راجع ج 7، ص 371 من طبعة أمين الضرب) ونص عبارته هكذا: " أقول: ظاهر أنه أراد ما علم أنهم يبتدعونه في المدينة من غصب الخلافة وما لحقه من سائر البدع التي عم شؤمها الإسلام أقول: فما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله من أحدث في المدينة حدثا " أو آوى محدثا " قلت: وما ذلك الحدث؟ - قال: القتل، لعله خص به تقية لاشتهار هذا التفسير بينهم وروى الصدوق أيضا " بإسناده عن المخالفين إلى أمية بن زيد القرشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحدث حدثا " أو آوى محدثا " فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل منه صرف ولا عدل يوم القيامة فقيل: يا رسول الله ما الحدث؟
قال: من قتل نفسا بغير نفس أو مثل مثلة بغير قود أو ابتدع بدعة بغير سنة أو انتهب نهبة ذات شرق قال: فقيل: ما العدل يا رسول الله؟ قال: الفدية قال: فقيل: فما الصرف يا رسول الله؟ قال: التوبة ".
ومن الموارد التي عبر فيها بهذا التعبير الحديث المتواتر بين الفريقين عن النبي صلى الله عليه وآله " يرد على الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلؤون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى " ونظير هذا التعبير ما ورد عن عائشة وذلك قال ابن عبد ربه في العقد الفريد في آخر ما ذكره تحت عنوان " قولهم في أصحاب الجمل " ضمن ذكره وقائع زمان خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ما نصه (أنظر ص 108 ج 3 من طبعة مصر سنة 1353):
" وماتت عائشة في أيام معاوية وقد قاربت السبعين وقيل لها: تدفنين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: لا، إني أحدثت بعده حدثا فادفنوني مع إخوتي بالبقيع، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: يا حميراء كأني بك تنبحك كلاب الحوأب تقاتلين عليا " وأنت له ظالمة والحوأب قرية في طريق المدينة إلى البصرة وبعض الناس يسمونها الحوب بضم الهاء وتثقيل الواو، وقد زعموا أن الحوأب ماء في طريق البصرة قال في ذلك بعض الشيعة:
إني أدين بحب آل محمد * وبني الوصي شهودهم والغيب وأنا البرئ من الزبير وطلحة * ومن التي نبحت كلاب الحوأب "