عليه - إن هذا مال أصبتموه ولم تصيبوا مثله فإن بعتهم بقي من يدخل في دين الله لا شئ له قال: فما أصنع؟ - قال: دعهم سكرة 1 للمسلمين فتركهم على أنه عبيد.
١ - كذا ولم أظفر بالحديث في مورد آخر حتى أصححه فيمكن أن تكون الكلمة مما ذكره ابن منظور في لسان العرب بما نصه: " وسكر النهر يسكره سكرا " سدفاه وكل شق سد فقد سكر، والسكر ما سد به والسكر سد الشق ومنفجر الماء، والسكر اسم ذلك السداد الذي يجعل سدا " للشئ ونحوه وفي الحديث أنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم: اسكريه أي سديه بخرقة وشديه بعصابة تشبيها بسكر الماء " فيراد منه دعهم حتى يكونوا سكرة للمسلمين أي وسيلة تسد خللهم وتزيح علتهم وأنت خبير بأن القلب لا يطمئن بهذا المعنى إلا أن العلماء قد نقلوا هنا أحاديث يستفاد منها معنى الكلمة تقريبا فقال البلاذري في فتوح البلدان تحت عنوان " يوم جلولاء الوقيعة " ضمن ما نقله: " حدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر بن الخطاب أراد قسمة السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا فوجد الرجل منهم نصيبه ثلاثة من الفلاحين فشاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك فقال علي: دعهم يكونوا مادة للمسلمين، فبعث عثمان بن حنيف الأنصاري فوضع عليه ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر ".
وقال ياقوت في معجم البلدان تحت عنوان " السواد " ضمن ما قال: " وقيل: أراد عمر قسمة السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا فوجدوا الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين فشاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك فقال علي (رض): دعهم يكونوا مادة للمسلمين، فبعث عثمان بن حنيف الأنصاري فمسح الأرض ووضع الخراج ووضع على رؤوسهم ما بين ثمانية وأربعين درهما وأربعة وعشرين درهما واثني عشر درهما، وشرط عليهم ضيافة المسلمين وشيئا " من بر وعسل ووجد السواد ستة وثلاثين ألف ألف جريب فوضع على كل جريب درهما وقفيزا " " وقال البلاذري في فتوح البلدان تحت عنوان " جلولاء الوقيعة " ما نصه: " حدثني الحسين بن الأسود قال: حدثني يحيى بن آدم قال: أخبرنا ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي - حبيب قال: كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص حين فتح السواد أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس سألوك أن تقسم بينهم ما أفاء الله عليهم فإذا أتاك كتابي فانظر ما أجلب عليه أهل العسكر بخيلهم أو ركابهم من مال أو كراع فاقسمه بينهم بعد الخمس واترك الأرض والأنهار لعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين فإنك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن يبقى بعدهم شئ " وقال ياقوت في معجم البلدان: " قالوا: وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن الوقاص (فذكر الحديث مثله) ". وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ضمن ذكره الطعن العاشر من المطاعن التي طعن بها على عمر وهو قولهم إنه أبدع في الدين ما لا يجوز كالتراويح وما عمله في الخراج الذي وضعه على السواد وفي ترتيب الجزية (أنظر آخر الجزء الثاني عشر المنطبق على ص ١٨٠ من المجلد الثالث من طبعة مصر سنة ١٣٢٩): " فأما حديث الخراج فقد ذكره أرباب علم الخراج والكتاب وذكره الفقهاء أيضا " في كتبهم وذكره أرباب السيرة وأصحاب التاريخ قال قدامة ابن جعفر في كتاب الخراج: اختلف الفقهاء في أرض العنوة فقال بعضهم: تخمس ثم تقسم أربعة أخماس على الذين افتتحوها، وقال بعضهم: ذلك إلى الإمام إن رأى أن يجعلها غنيمة ليخمسها ويقسم الباقي كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر فذلك إليه، وإن رأى أن يجعلها فيئا " فلا يخمسها ولا يقسمها بل تكون موقوفة على سائر المسلمين كما فعل عمر بأرض السواد وأرض مصر وغيرهما مما افتتحوا عنوة (إلى آخر كلامه الطويل الذيل فمن أراده فليراجع الكتاب المذكور) ".
أقول: البسط في المطلب والخوض في بيانه على سبيل الاستيفاء يقتضي تأليف كتاب مستقل لأن المسألة من المسائل التي هي معركة للآراء فمن أراد البحث عنه فليراجع كتاب المغني للقاضي عبد الجبار فإن علم الهدى (ره) قال في الشافي (ص ٢٦١ من النسخة المطبوعة): " قال صاحب الكتاب (ويريد به القاضي المذكور):
شبهة أخرى لهم وربما قالوا: إنه أبدع في الدين ما لا يجوز كالتراويح وما عمله في الخراج الذي وضعه على السواد وفي ترتيب الجزية وكل ذلك مخالف للقرآن والسنة (إلى آخر الكلام) وخاض القاضي والسيد كل في إثبات مدعاه ونقض خلافه وكذا خاض في البحث عنه شيخ الطائفة في تلخيص الشافي (أنظر آخر مطاعن عمر ص ٥٠ - ٥٣ من الجزء الرابع من طبعة النجف)والعلامة الحلي في كشف الحق ونهج الصدوق والفاضل روزبهان في إبطال الباطل والقاضي التستري في إحقاق الحق (أنظر ص 493 من النسخة المطبوعة، والبحث عن المطلب ضمن ذكرهم مطاعن عمر) وابن أبي جمهور الأحسائي في كتاب المجلى تحت عنوان " وضع الخراج على المسلمين وأن عمر أول من وضع الخراج (ص 38 - 39 من النسخة المطبوعة) إلى غير ذلك ممن خاض في البحث عنه ومن مظانه القوية تجريد العقائد للخواجة نصير الدين وشروح التجريد والأحكام السلطانية للماوردي ونظائرها وحيث نقلنا فتاوى علماء العامة في المطلب فلنذكر هنا ما ذكره المجلسي في ثامن البحار ضمن ذكره الطعن الرابع عشر من مطاعن عمر، وهو في أنه أبدع في الدين بدعا كثيرة فقال ضمن تعداده البدع