وروى عبد الله بن المبارك 1 عن السري بن يحيى 2 عن عمرو بن دينار 3 قال:
أقبلت مع سالم بن عبد الله بن عمر من مكة حتى أتينا على 4 مقبرة بين مكة والمدينة فقال سالم: أخبرني أبي 5 أنه أتى على هذه المقبرة وهو جاء من مكة وقد علق
١ - ح: " مبارك ".
٢ - في خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي " السري بن يحيى بن أياس بن حرملة الشيباني أبو الهيثم البصري عن ثابت وعمرو بن دينار (إلى آخر الترجمة) ".
٣ - في خلاصة التهذيب الكمال: " عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير بن شعيب أبو يحيى البصري عن سالم (إلى آخر الترجمة).
٤ - ح: " إلى ".
٥ - في مختصر تذكرة القرطبي للشيخ عبد الله الشعراني في باب ما ورد في عذاب القبر (ص ٣٩ طبعة مصر سنة ١٣١٠):
" وروى الحافظ الوائلي - رحمه الله - عن ابن عمر قال: بينا نحن نسير بجبانات بدر إذ خرج رجل من الأرض في عنقه سلسلة يمسك طرفها أسود فقال: يا عبد الله اسقني فقال ابن عمر: لا أدري أعرف اسمي أو كما يقول الإنسان لأخيه: يا عبد الله، فقال لي الأسود:
لا تسقه فإنه كافر ثم اجتذبه فدخل الأرض. قال ابن عمر: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم: فأخبرته فقال: أو قد رأيته؟ ذاك عدو الله أبو جهل بن هشام وهو عذابه إلى يوم القيامة " وذكره أيضا الشيخ حسن العدوي الحمزاوي في مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار في الفصل الثالث فيما يتعلق بالميت في القبر من نعيم وتعذيب (أنظر ص 32 من طبعة مصر سنة 1318).
قال السيوطي في شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور في باب عذاب القبر (ص 8 - 107 من طبعة مطبعة المحمدي في لاهور):
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن أبي الدنيا في كتاب القبور واللالكائي في السنة وابن مندة عن ابن عمر قال: بينا أنا أسير بجنبات بدر إذ خرج رجل من حفرة في عنقه سلسلة فناداني: يا عبد الله اسقني فلا أدري أعرف اسمي أو دعاني بدعاية العرب وخرج رجل من تلك الحفرة في يده سوط فناداني: يا عبد الله لا تسقه فإنه كافر ثم ضربه بالسوط حتى عاد إلى حفرته فأتيت النبي - صلى الله عليه [وآله] وسلم فأخبرته فقال لي: أو قد رأيته؟ - قلت:
نعم، قال: ذاك عدو الله أبو جهل وذلك عذابه إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت والخلال في السنة وابن البراء في الروضة عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: خرجت مرة بسفر فمررت بقبر من قبورالجاهلية فإذا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارا " في عنقه سلسلة من نار ومعي إداوة من ماء فلما رآني قال: يا عبد الله اسقني إذ خرج على أثره رجل من القبر فقال: يا عبد الله لا تسقه فإنه كافر ثم أخذ بالسلسلة واجتذبه فأدخله القبر.
قال: ثم أضافني الليل إلى بيت عجوز إلى جانب بيتها قبر فسمعت من القبر صوتا " يقول: بول وما بول شن وما شن، فقلت للعجوز: ما هذا؟ - قالت: هذا كان زوجا " لي وكان إذا بال لم يتق البول وكنت أقول له: ويحك إن الجمل إذا بال تفاج فكان يأبى وهو ينادي منذ يوم مات يقول: بول وما بول: قلت: فما الشن؟ - قالت: جاءه رجل عطشان فقال:
اسقني فقال: دونك الشن فإذا ليس فيه شئ فخر الرجل ميتا " فهو ينادي منذ يوم مات: شن وما شن، فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم أخبرته فنهى أن يسافر الرجل وحده.
وأخرج ابن أبي الدنيا في القبور عن الحويرث بن الرباب قال: بينا أنا بالإثابة إذ خرج علينا إنسان من قبر يلتهب وجهه ورأسه نارا " في جامعة من حديد فقال: اسقني اسقني، وخرج في أثره إنسان يقول: لا تسق الكافر فأدركه وأخذ بطرف السلسلة فكبه ثم جره حتى دخلا القبر جميعا ".
قال الحويرث: فصارت الناقة لا أقدر منها على شئ حتى التوت بعرق الظبية فبركت فنزلت فصليت المغرب والعشاء ثم ركبت حتى أصبحت بالمدينة فأتيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأخبرته قال: يا حويرث والله ما أتهمك ولقد أخبرتني خبرا " سديدا " فأرسل عمر إلى مشيخة من كتفي الصغرى قد أدركوا الجاهلية ثم دعا الحويرث فقال: إن هذا قد أخبرني حديثا " ولست أتهمه، حدثهم يا حويرت بما حدثتني، فحدثهم فقالوا: قد عرفنا هذا يا أمير المؤمنين، هذا رجل من بني غفار مات في الجاهلية ولم يكن يرى الضيف حقا ".
وأخرج أيضا " عن هشام بن عروة عن أبيه قال:
بينما راكب يسير بين مكة والمدينة إذ مر بمقبرة فإذا برجل قد خرج من قبره يلتهب نارا " مصفدا " في الحديد فقال: يا عبد الله انضح يا عبد الله انضح، وخرج آخر يتلوه: يا عبد الله لا تنضح يا عبد الله لا تنضح وغشي على الراكب فأصبح وقد ابيض شعره فأخبر عثمان بذلك فنهى أن يسافر الرجل وحده ".
أقول: لعل المتصفح في الكتاب يجد للقضية نظائر إلا أن فيما ذكرنا كفاية للمكتفي.