ما يقضي دينه وله جار من أهل السواد فليبع جاره ويقض 1 دينه فأوجب أنهم عبيد ولم يوافقه عليه أحد من الصحابة 2.
١ - في النسخ: " ويقضي ".
٢ - في النسخ: " من أصحابه ".
فليعلم أني لم أجد فيما عندي من الكتب هذه العبارة بهذا اللفظ نعم قد ذكر أبو الفضل أحمد بن طاهر الكاتب المعروف بابن طيفور المتوفى سنة ٢٨٠ في أوائل كتاب بغداد ما نصه (أنظر ص ٤٣ - ٤٥ من طبعة السيد عزت العطار الحسيني سنة ١٣٦٨ ه، أو ص ٣٨ - ٤٠ من النسخة المطبوعة سنة ١٣٨٨ ه):
" وذكر لي أن رجلين تنازعا " بباب الجسر أحدهما من العظماء والآخر من السوقة فقنع الذي من الخاصة الذي من العامة فصاح العامي: واعمراه ذهب العدل مذ ذهب، فأخذ الرجل، وكتب إبراهيم السندي بخبره فدعا به المأمون فقال: ما كنت حالك؟ فأخبره، فأحضر خصمه فقال له: لم قنعت هذا الرجل؟ قال: يا أمير المؤمنين إن هذا الرجل يعاملني وكان سيئ المعاملة فلما كان في هذا اليوم مررت بباب الجسر فأخذ بلجامي ثم قال:
لا أفارقك حتى تخرج لي من حقي وغرمه، إني كنت صبورا " على سوء معاملته لي، فقلت له:
إني أريد دار إسحاق بن إبراهيم فقال: والله لو جاء إسحاق بن إبراهيم ما فارقتك، ولو جاء من ولى إسحاق وعنف بي فما صبرت حين عرض بالخلافة ووهن من ذكرها أن قنعته فصاح:
واعمراه، ذهب العدل مذ ذهبت، فقال للرجل: ما تقول فيما قال خصمك؟ فقال: كذب علي وقال الباطل، فقال خصمه: لي جماعة يا أمير المؤمنين تشهد على مقالته، وإن أذن لي أمير المؤمنين أحضرتهم قال: فقال المأمون للرجل: ممن أنت؟ فقال: من أهل فامية فقال:
أما إن عمر بن الخطاب - رحمه الله - كان يقول: من كان جاره نبطيا " واحتاج إلى ثمنه فليبعه فإن كنت إنما طلبت سيرة عمر فهذا حكمه في أهل فامية ثم أمر له بألف درهم وأطلقه.
فقال لي الذي حدثني بهذا الحديث: فحدثت هذا الحديث بعض مشايخنا فقال: أما الذي عندنا فخلاف هذا:
إنما مر بعض الزهاد في زورق فلما نظر إلى بناء المأمون وأبوابه صاح: واعمراه فسمعه المأمون فأمر بإحضاره ثم دعا به فلما صار بين يديه قال: ما أحرجك إلى أن قلت ما قلت؟
قال: رأيت آثار الأكاسرة وبناء الجبابرة فقال له المأمون: أفرأيت إن تحولت من هذه المدينة فنزلت إيوان كسرى بالمداين كان لك أن تعيب نزولي هناك؟ قال: لا، قال: فأراك إنما عبت إسرافي في النفقة؟ قال: نعم، قال: فلو وهبت قيمة هذا البناء أكنت تعيب ذاك؟
قال: لا، قال: فلو بنى ذلك الرجل بما كنت أهب له بناء أكنت تصيح به كما صحت بي؟
قال: لا، قال: فأراك إنما قصدتني لخاص نفسي لا لعلة هي غيري قال: وإسحاق بن إبراهيم حاضر قال: فقال: يا أمير المؤمنين مثل هذا لا يقومه القول دون السوط أو السيف، قال:
هما أرش جنايته. ثم قال له: يا هذا إن هذا أول ما بنيناه وآخره، وإنما بلغت النفقة عليه ثلاثة آلاف ألف وهو ضرب من مكايدتنا الأعداء من ملوك الأمم كما ترانا نتخذ السلاح والأدراع والجيوش والجموع وما بنا إلى أكثرها حاجة الساعة.
وأما ذكرك سيرة عمر - رحمه الله - فإنه كان يسوس أقوما " كراما " قد شهدوانبيهم - صلى الله عليه وسلم - ونحن إنما نسوس أهل بزوفر وفامية ودستميسان ومن أشبه هؤلاء الذين إن جاعوا أكلوك، وإن شبعوا قهروك، وإن ولوا عليك استعبدوك، وكان عمر يسوس قوما قد تأدبوا بأخلاق نبيهم - صلى الله عليه وسلم - الطاهرة، وصانوا أحسابهم الشريفة، وما أثله لهم آباؤهم في الجاهلية والإسلام من الأفعال الرضية والشيم الكريمة ونحن نسوس من ذكرنا لك من هؤلاء الأقوام الخبيثة.
قال: ثم أمر بصلته فقال: لا تعودن إلى مثل هذا فتمسك عقوبتي فإن الحفظة ربما صرفت رأي ذي الرأي إلى هواه فاستعمله وخلى سبيل الحلم ".
وقال ياقوت في معجم البلدان بعد أن ذكر أن فامية مدينة كبيرة وكورة من سواحل حمس وذكر ما يرجع إلى تعريفها ما نصه:
" وفامية أيضا " قرية من قرى واسط بناحية فم الصلح (إلى أن قال) وذكر أحمد بن أبي طاهر أنه رفع إلى المأمون أن رجلا من الرعية لزم بلجام رجل من الجند يطالبه بحق له فقنعه بالسوط فصاح الفامي: واعمراه ذهب العدل منذ ذهبت، فرفع ذلك إلى المأمون فأمر بإحضارهما، فقال للجندي: ما لك وله؟ - فقال: إن هذا رجل كنت أعامله وفضل له على شئ من النفقة فلقيني على الجسر فطالبني فقلت: إني أريد دار السلطان فإذا رجعت وفيتك فقال: لو جاء السلطان ما تركتك فلما ذكر الخلافة يا أمير المؤمنين لم أتما لك فعلت ما فعلت، فقال للرجل: ما تقول فيما يقول؟ - فقال: كذب علي وقال الباطل، فقالا الجندي:
إن لي جماعة يشهدون أن أمر أمير المؤمنين بإحضارهم أحضرتهم فقال المأمون: ممن أنت؟ - قال: من أهل فامية قال: أما عمر بن الخطاب كان يقول: من كان جاره نبطيا " واحتاج إلى ثمنه فليبعه فإن كنت إنما طلبت سيرة عمر فهذا حكمه في أهل فامية، ثم أمر له بألف درهم وأطلقه.
وهذه فامية التي عند واسط بغير شك ".
أقول: حكم ياقوت بكون الرجل من أهل فامية هذه على سبيل القطع لما ذكره أهل - الفن في معنى النبط قال الفيومي في المصباح المنير: " النبط جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم والجمع أنباط مثل سبب وأسباب الواحد نباطي بزيادة ألف، والنون تضم وتفتح قال الليث: ورجل نبطي ومنعه ابن الأعرابي ".