أبو هريرة 1.
فوالله لئن كان أبو هريرة صادقا " لقد صارت لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
١ - قال ابن أبي الحديد عند ذكره من وضع أحاديث في مذمة علي عليه السلام ما نصه: (وقوله هذا في شرح كلام له (ع) مبدو بهذه العبارة: أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مند حق البطن، أنظر ص ٣٥٨ - ٣٦٠ من المجلد الأول من طبعة سنة ١٣٢٩).
" وذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي - رحمه الله تعالى وكان من المتحققين بموالاة علي - عليه السلام - والمبالغين في تفضيله وإن كان القول بالتفضيل عاما " شائعا " في البغداديين من أصحابنا كافة إلا أن أبا جعفر أشدهم في ذلك قولا وأخلصهم فيه اعتقادا أن معاوية وضع قوما " من الصحابة وقوما " من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله ما اختلقوا ما أرضاه منهم أبو هريرةوعمرو بن العاصوالمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير (إلى أن قال:) وروى الأعمش قال: لما قدم أبو هريرةالعراق عام جماعة جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا " وقال: يا أهل - العراق أتزعمون أني أكذب على الله وعلى رسوله وأحرق نفسي بالنار والله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول: إن لكل نبي حرما " وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وأشهد بالله أن عليا " أحدث فيها فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه أمارة المدينة.
قلت: أما قوله: ما بين عير إلى ثور، فالظاهر أنه غلط من الراوي لأن ثورا " بمكة وهو جبل يقال له: ثور أطحل، وفيه الغار الذي دخله النبي - صلى الله عليه وآله - وأبو بكر، وإنما قيل: أطحل، لأن أطحل بن عبد مناف بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان كان يسكنه وقيل: اسم الجبل أطحل فأضيف ثور إليه وهو ثور بن عبد مناف والصواب: ما بين عير إلى أحد.
فأما قول أبي هريرة: إن عليا " - عليه السلام - أحدث بالمدينة فحاش لله كان علي - عليه السلام - أتقى لله من ذلك والله لقد نصر عثمان نصرا لو كان المحصور جعفر بن أبي طالب لم يبذل له إلا مثله.
قال أبو جعفر: وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضى الرواية ضربه عمر بالدرة وقال: قد أكثرت من الرواية وأحربك أن تكون كاذبا " على رسول الله - صلى الله عليه وآله - وروى سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم التيمي قال: كانوا لا يأخذون عن أبي - هريرة إلا ما كان من ذكر جنة أو نار وروى أبو أسامة عن الأعمش قال: كان إبراهيم صحيح الحديث فكنت إذا سمعت الحديث أتيته فعرضته عليه فأتيته يوما " بأحاديث من حديث أبي صالح عن أبي هريرة فقال: دعني من أبي هريرة إنهم كانوا يتركون كثيرا " من حديثه.
وقد روي عن علي - عليه السلام - أنه قال: ألا إن أكذب الناس أو قال: أكذب الأحياء على رسول الله - صلى الله عليه وآلهأبو هريرة الدوسي - وروى أبو يوسف قال: قلت لأبي حنيفة: الخبر يجيئ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخالف قياسنا فما نصنع به؟ - قال: إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به وتركنا الرأي فقلت: ما تقول في رواية أبي بكر وعمر؟ - فقال: ناهيك بهما، فقلت: علي وعثمان؟ - قال: كذلك فلما رآني أعد الصحابة قال: والصحابة كلهم عدول ما عدا رجالا ثم عد منهم أبا هريرةوأنس بن مالك وروى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن عمر بن عبد الغفار أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة ويجلس الناس إليه فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه فقال: يا أبا هريرة أنشدك الله أسمعت من رسول الله - صلى الله عليه وآله - يقول لعلي بن أبي طالب: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقال: اللهم نعم قال: فأشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديت وليه ثم قام عنه وروت الرواة أن أبا هريرة كان يؤاكل الصبيان في الطريق ويلعب معهم وكان يخطب وهو أمير المدينة فيقول: الحمد لله الذي جعل الدين قياما " وأبا هريرة إماما " يضحك الناس بذلك، وكان يمشي وهو أمير المدينة في السوق فإذا انتهى إلى رجل يمشي أمامه ضرب برجليه الأرض ويقول: الطريق الطريق قد جاء الأمير يعني نفسه.
قلت: قد ذكر ابن قتيبة هذا كله في كتاب المعارف في ترجمة أبي هريرة وقوله فيه حجة لأنه غير متهم عليه ".