بتركها عن الجميع وعدم اشتغال من به الكفاية بها يتحقق اختلال النظام.
وأما لو تعلق الوجوب بما هو الصادر أي تعلق بما هو الفعل بالمعنى الاسم المصدري فيخرج ذات الفعل ونفس العمل الصادر عن تحت قدرته تشريعا ويكون ملزما باتيانه، وليس له أن يتركه ولا يأتي به بل يجبر على الفعل إن أراد الترك من باب الأمر بالمعروف. وقد بينا سابقا أن من شرائط صحة الإجارة - بل كل معاوضة في باب الأعمال - أن يكون العمل تحت سلطانه وقدرته تكوينا وتشريعا، فلو خرج عن ذلك لا يجوز أخذ الأجرة بل مطلق العوض بعنوان المعاملات المعاوضية.
فظهر مما ذكرنا وجه جواز أخذ الأجرة على الواجبات النظامية.
ولا يرد هذا الاشكال على القائل بعدم جواز أخذ الأجرة على الواجبات مطلقا، لما عرفت من أن جهة الوجوب في الواجبات النظامية غير جهة أخذ الأجرة، و مسألة وجوب بذل المال للمضطر ووجوب الارضاع أيضا من هذا القبيل أي الواجب في الموردين هو العمل بالمعنى المصدري، فلا ينافي وجوبهما جواز أخذ عوض المال المبذول في الأول، وجواز أخذ الأجرة في الثاني كما هو صريح قوله تعالى: (فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) 1 ولا يردان نقضا على ما قلنا أيضا.
والحاصل: أن أخذ الأجرة بل مطلق العوض بعنوان المعاوضة لا يجوز بالنسبة إلى العمل الذي يكون واجبا بالمعنى الاسم المصدري سواء أكان وجوبه تعبديا أم توصليا، عينيا أم كفائيا تعيينيا أم تخييريا، نفسيا أم غيريا، إلا فيما إذا كان الواجب واجبا تخييريا شرعيا، على احتمال أبديناه سابقا.
هذا تمام الكلام بالنسبة إلى أخذ العوض في باب الواجبات.
وأما المحرمات: فقد سبق الكلام في عدم جواز أخذ الأجرة عليها لان الممتنع شرعا كالممتنع عقلا، فالعمل المحرم غير مقدور شرعا فلا يجوز أخذ الأجرة بل كل