أحدهما: أن يكون العمل تحت اختياره وقدرته بمعنى أن يكون الأجير قادرا على الفعل والترك تكوينا وتشريعا فلو كان عاجزا عن الفعل أو الترك تكوينا أو تشريعا كما أن المكلف عاجز عن الفعل تشريعا في المحرمات وعن الترك في الواجبات، فلا يصح أخذ الأجرة على مثل هذا العمل لأنه بواسطة الوجوب مقهور على الفعل وليس له أن يترك.
ثانيهما: أن يكون العمل قابلا للتمليك بحيث يمكن أن يصير ملكا للمستأجر، لان حقيقة الإجارة هو تمليك منفعة أو عمل بعوض مالي معلوم.
إذا تبين هذا فنقول: إن قوله قدس سره: إن كل ماله منفعة محللة عقلائية يجوز أخذ الأجرة عليه - ولو كان واجبا وصرف الوجوب ليس مانعا عن جواز أخذ الأجرة - ليس كما ينبغي لان صرف الوجوب وطبيعته كان متخصصا بأي خصوصية و تحقق في ضمن أي قسم من أقسامها أي سواء كان عينيا أم كفائيا، وسواء أكان تعيينيا أم تخييريا، وسواء أكان نفسيا أم غيريا.
وكل واحد من هذه الأقسام تعبديا كان أم توصليا أصليا كان في مقام الاثبات أم تبعيا مانع عن صحة الإجارة على نفس الواجب الذي هو محل الكلام، وأما تعلق الإجارة بأمر خارج عما هو متعلق الوجوب فخارج عن محل الكلام.
والحاصل: أن ما تعلق به الوجوب خرج عن تحت قدرة الأجير على فعله وتركه في عالم الاعتبار التشريعي، ويراه الشارع في عالم اعتباره التشريعي واجب الوجود ولا يرضى بتركه، ويرى المكلف الأجير ملزما بفعله، فنفس طبيعة الوجوب منافية لاخذ الأجرة غاية الأمر إذا كان تعبديا تنضم إليه جهة أخرى أيضا وهو منافاته مع قصد القربة.
وأما ثانيا: ما يقول في استحقاق الأجير للأجرة على كل حال غاية الأمر إذا كان العمل الواجب مما يمتثل به الواجب أو يسقط الواجب به أو عنده فيبرأ ذمته عن