لموضوع فيكون مقدما على الحكم باعتبار كون كل واحد منهما جزء لموضوعه، ومتأخرا عنه باعتبار كون الحكم متعلقا لكل واحد منهما، فيلزم تقدم الشئ على نفسه. فإذا كان التقييد بهما - أي العلم والجهل - غير ممكن فيكون الإطلاق أيضا كذلك، لما ذكرنا من أن التقابل بينهما تقابل العدم والملكة.
ولكن هذا في الاطلاق اللحاظي، والإطلاق بنتيجة الإطلاق لا مانع منه كما أن التقييد بنتيجة التقييد أيضا لا مانع منه. ونتيجة الإطلاق في المقام يثبت بادعاء الاتفاق على اشتراك الجاهل والعالم في التكاليف، فلو شمل هذا الحديث مورد الإخلال العمدي جهلا بكلا قسميه - أي قصورا أو تقصيرا - فيكون معارضا مع تلك الأدلة الكثيرة الدالة على جزئية ما عدا الخمسة من أجزاء الصلاة، وكذلك بالنسبة إلى ما تدل على شرائطها وموانعها: لأن مفاد (لا تعاد) بناء على شموله لحال الجهل ونسيان الحكم نفي الجزئية والشرطية والمانعية عن جميع أجزاء الصلاة وشرائطها وموانعها ما عدا هذه الخمسة المذكورة في الحديث.
وذلك من جهة أن لازم جزئية شئ أو شرطيته أو ما نعيته للصلاة في حال الجهل بكلا قسميه لزوم إعادته بعد الالتفات إلى الإخلال به، خصوصا إذا كان الالتفات مع بقاء الوقت. ونفي لازم هذه الأمور بالحديث - كما هو المدعى بناء على شموله لحال الجهل - مستلزم لنفي هذه الأمور، أي الجزئية والشرطية والمانعية في حال الجهل.
فيدور الأمر بين رفع اليد عن ظاهر تلك الأدلة الدالة على الجزئية والشرطية والمانعية في حال الجهل، وبين حملها على حال العلم فتكون جزئية تلك الأجزاء وكذلك شرطيتها ومانعيتها مخصوصة بحال العلم - وهذا خلاف الإجماع، بل خلاف ما ادعى من تواتر الأخبار، بل الضرورة على اشتراك الجاهل والعالم - وبين حمل (لا تعاد) على مورد السهو والنسيان، أي لا تجب الإعادة فيما إذا كان الإخلال صدر عن سهو أو عن نسيان الموضوع، حتى لا يشمل مورد الجهل مطلقا.