كل واحد من تلك الأجزاء مصداقا لمفهوم (الشئ) حتى يشمله عموم (إنما الشك في شئ لم تجزه) (1)، قد تقدم جوابه، من إمكان أن يكون الجامع بين الكل والجزء هو المراد من لفظ (الشئ) في أخبار الباب، ووحدة الأثر وبساطته لا يوجب بساطة السبب المؤثر.
كيف وكثير من العبادات المركبة ذات الأجزاء، آثارها لها وحدة وبساطة ومع ذلك لها أجزاء، وكل جزء من أجزائها يطلق عليه (الشئ)، والوضوء أيضا كذلك له أجزاء متميزة بعضها عن بعض، فغسل الوجه غير غسل اليدين، وهما غير مسح الرأس والرجلين وإن كان أثر جميع تلك الأجزاء المسماة بالوضوء أمر واحد بسيط، وهي النورانية النفسانية، وقد أشار إلى ذلك بقوله عليه السلام (الوضوء نور، والوضوء على الوضوء نور على نور) (2).
هذا، مضافا إلى ما في رواية ابن أبي يعفور قوله عليه السلام: (إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكك ليس بشئ) (3) ولا شك في أن المراد من قوله (ع): (في شئ من الوضوء) أي في جزء من أجزاء الوضوء، ففرض عليه السلام أجزاء للوضوء. وإذ كان المرجع في ضمير (غيره) في كلمة (وقد دخلت في غيره) هو (الشئ) في كلمة (شئ من الوضوء) فهذا يدل على أن الشارع فرض الوضوء ذا أجزاء وجعل الشك في كل جزء من تلك الأجزاء - بعد الدخول في غير ذلك الجزء - ملغى لا يعتنى به، فيكون مفادها اعتبار قاعدة التجاوز في الوضوء أيضا، فيكون معارضا لصحيحة زرارة المتقدمة النافية لاعتبار قاعدة التجاوز في الوضوء بخلاف قاعدة الفراغ، حيث أنها تدل على الوضوء