طبق المأمور به، واحتمال السهو والغفلة ملقى عند العقلاء، وأخبار الباب أيضا ناظرة إلى هذا المعنى. وهذا فيما إذا كان عالما بالأجزاء والشرائط حال العمل، حتى يكون عدم مطابقة المأتى به مع المأمور به مستندا إلى الغفلة أو السهو والنسيان، ولم تكن له شبهة حكمية ولا موضوعية. وأما فيما لم يكن كذلك، وكانت له شبهة حكمية أو موضوعية - واحتمال مطابقة المأتى به مع المأمور به كان بصرف الاتفاق - فغير مربوط بمفاد كلتا القاعدتين.
الصورة الرابعة: أن يشك في الصحة بعد العمل، أو في أثنائه ولكن بعد التجاوز عن محل المشكوك شرعا، وكان هذا الشك له قبل أن يدخل في العمل أيضا ولكن كان له الدخول في العمل شرعا مع وجود هذا الشك. وذلك كما إذا كان شاكا في بقاء طهارته من الحدث، فلا محالة يكون شاكا في صحة الصلاة التي يريد أن يدخل فيها بتلك الحالة: لأن الطهارة الواقعية شرط للصلاة لا إحراز الطهارة، فالشك فيها ملازم مع الشك في صحة الصلاة، ولكن مع ذلك يجوز له الدخول فيها بواسطة استصحاب الطهارة، وبعد الصلاة في الفرض إذا زال الاستصحاب وانقلب إلى الشك الساري لزوال اليقين السابق في الظرف الذي كان موجودا، فالآن ليس استصحاب في البين حتى نقول بأن الشرط موجود تعبدا فهل يمكن في هذه الصورة تصحيح العمل بقاعدة الفراغ أم لا؟
والظاهر عدم جريان قاعدة الفراغ في هذه الصورة أيضا، لأن الشك ليس متمحضا في انطباق المأتى به على المأمور به: لأن الاستصحاب الذي كان محرز للشرط لم يبق وزال، بل تبين بعد العمل أن وجود الاستصحاب كان وجودا خياليا لا واقعية له، فكأنه صلى بدون إحراز شرطه.
ولا شك في أن الصلاة بدون إحراز شرطها ومع الشك فيه باطلة، فلا يبقى مجال