وأما قوله (مع الحكم بوجوب المشكوك والأمر بالبناء عليه لا موضوع للاحتياط) ففيه: أن موضوع وجوب الاحتياط أو جوازه هو احتمال التكليف وفيما نحن فيه احتمال عدم وجود المشكوك، وهذا أمر وجداني لا يرتفع باعتبار قاعدة التجاوز وحكمه بالمضي وعدم الاعتناء بالشك.
وأما قوله (يلزم من الاحتياط الزيادة العمدية) ففيه أولا: إن كان المراد من الزيادة العمدية احتمال الزيادة، فهذا الاحتمال موجود في الشك في المحل: لأن التجاوز عن المحل قلنا إنه لا يرفع الاحتمال.
ان قلت: إن الشك في المحل والشك بعد التجاوز عن المحل فرق بينهما، بأن الأول محكوم شرعا بالاعتناء وبإتيان المشكوك، والثاني بإلغاء احتمال عدم الإتيان بالمشكوك، فقياس أحدهما بالآخر لاوجه له.
قلنا: لا فرق بينهما في ما هو محل الكلام وهو أنه في كليهما احتمال الزيادة موجود، فلو كان احتمال الزيادة مضرا لابد وأن يكون مضرا في كلا الموردين. اللهم إلا أن يقال: إن أدلة لزوم الإتيان بالمشكوك في الشك في المحل، لها حكومة على أدلة مبطلية الزيادة العمدية في الصلاة، بمعنى أن الشارع حكم بأن الزيادة الاحتمالية في مورد الشك في المحل ليست بزيادة، كما أنه قال: إن شك كثير الشك ليس بشك. وأنى لهم بإثبات ذلك.
وثانيا: بناء على المختار ليست قاعدة التجاوز مخصوصة بالصلاة، والزيادة العمدية مبطلة في خصوص الصلاة، فهذا الدليل أخص من المدعى.
وثالثا: يمكن الاحتياط بإعادة الصلاة، لا بإعادة الجزء فقط كي يلزم الزيادة العمدية.
فالحق في المقام أن حال قاعدة التجاوز حال سائر الحجج الشرعية من الأمارات والأصول، وليس في موردها في الاحتياط برجاء إدراك الواقع محذور. هذا