ولا شك أن القبض في المجلس في بيع الصرف ليس من مقومات المعاملة عرفا كي يكون الشك فيه مساوقا للشك في تحقق عنوان المعاملة، فعنوان المعاملة يتحقق عرفا حتى مع هذا الشك، فبجريان أصالة الصحة يثبت هذا الشرط تعبدا.
وبعبارة أخرى: نتيجة أصالة الصحة في الشبهات الموضوعية نتيجة أصالة الإطلاق في الشبهات الحكمية، فكما أن بإطلاق أدلة عناوين المعاملات لو كان إطلاق في البين مثل قوله تعالى (أحل الله البيع) (1) أو مثل (الصلح خير) (2) وأمثالهما يتمسك لرفع شرطية ما هو مشكوك الشرطية، وعدم مانعية ما هو مشكوك المانعية بعد تحقق هذه العناوين عرفا حتى على القول الصحيحي، كذلك في الشبهة الموضوعية التي هي مجري أصالة الصحة أو حصل الشك واحتمل عدم شرط من شرائط صحة ذلك العنوان، أو احتمل وجود مانع عن صحته مع إحراز ذلك العنوان في نظر العرف، فبأصالة الصحة يثبت الصحة ويترتب على ذلك الفعل آثار وجود ذلك الشرط وعدم ذلك المانع.
ولكن يمكن أن يقال: إن مورد جريان أصالة الصحة - كما تقدم - هو احتمال وقوع خلل فيما وقع وصدر بعد إحراز عنوان ذلك الشئ. وأما لو كان موضوع الأثر مركبا من أمرين أحدهما وجد ولا خلل فيه من فقد شرطه أو وجود مانعه، وإنما لا يترتب الأثر ويتوقف فيه للشك في وجود جزء الآخر، فهذا غير مربوط بأصالة الصحة: لأن ما وقع صحيح بالوجدان ولا خلل فيه، فاجراء أصالة الصحة فيه من قبيل تحصيل ما هو حاصل بالوجدان بالتعبد. والمفروض، أي وقوع المعاملة وانشائها في بيع الصرف مع الشك في تحقق القبض في المجلس من هذا القبيل، فإن إنشاء المعاملة وقع صحيحا وبلا خلل، ولكن موضوع الأثر شرعا هو وشئ آخر، أي القبض في المجلس المشكوك وجوده وإحرازه غير مربوط بجريان أصالة الصحة فيما وقع.