وبعبارة أخرى: إن كان فعل الغير يسقط التكليف عنه من حيث أنه فعل الغير كفت أصالة الصحة في السقوط، كما في الصلاة على الميت، وإن كان إنما يسقط التكليف عنه من حيث اعتبار كونه فعلا له ولو على وجه التسبيب، إلى أن قال.. لم تنفع أصالة الصحة في سقوطه، بل يجب التفكيك بين أثري الفعل من الحيثيتين انتهى. (1) ولكن أنت خبير بأن ما هو موضوع سقوط التكليف عن المنوب عنه - وعدم وجوب الاستيجار عليه ثانيا مع موضوع استحقاق النائب للأجرة إذا كان أجيرا - واحد، وهو صدور الفعل التام الأجزاء والشرائط وفاقد الموانع - أي الفعل الصحيح مع إحراز أنه قصد بهذا الفعل النيابة عن ذلك المنوب عنه، والمفروض أن المنوب عنه أحرز أنه قصد النيابة عنه. وأما صحة فعله - وأنه واجد لجميع الأجزاء والشرائط، وفاقد للموانع - فبأصالة الصحة، فلا وجه لعدم سقوط التكليف عن المنوب عنه. ولا يحتاج إلى إثبات أن هذا فعل المنوب عنه بالتسبيب، بل ولو كان محتاجا إلى ذلك فليس ذلك مربوطا بأصالة الصحة، بل يتحقق الانتساب إليه إما من ناحية استنابته له، وإما من ناحية قصد النائب النيابة عنه، وكلا الأمرين لا ربط له بأصالة الصحة.
إن قلت: نعم هذا الفعل الصادر عن النائب منتسب إلى المنوب عنه بالاستنابة أو بقصد النائب، ولكن الفعل المنتسب إليه فعل مشكوك الصحة والفساد، وما هو موضوع سقوط التكليف عنه هو انتساب الفعل الصحيح إليه، فيحتاج إلى إحراز صحته، ولا يمكن إحرازها بأصالة الصحة لما ذكرنا من أنها لا تثبت الصحة من حيث إنه فعل المنوب عنه، بل تثبت الصحة من حيث أنه فعل النائب.
قلت: بعدما كان هذا الفعل الصادر عن النائب منتسبا إلى المنوب عنه ولو ادعاء ومجازا، وحكم الشارع بأنه تام وصحيح، فهذا الفعل الذي صحيح تعبدا منتسب إلى المنوب عنه فهو في الأثر مثل انتساب الفعل الصحيح الوجداني. هذا، مضافا إلى ما